فشل محاولات العدو إدخال تعديلات جوهرية على صفقة التبادل (ا ف ب)
قالت صحيفة «الأخبار» اللبنانية إن العقبات التي تواجه المفاوضات الجارية بشأن صفقة جزئية لتبادل الأسرى والمعتقلين والمساعدات بين العدو والمقاومة في قطاع غزة، صارت بمجملها ذات طبيعة تنفيذية، رغم محاولات عدة لحكومة الاحتلال لإدخال تعديلات جوهرية على الصفقة بهدف تعطيلها، بحجة أن معركتها البرية ستتيح لها ممارسة ضغوط أكبر على المقاومة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطّلعة على الاتصالات قولها إن الولايات المتحدة وعدت الوسيط القطري، قبل يومين، بأنها ستقنع الحكومة الصهيونية بالسير سريعاً في الصفقة. وطلبت، في المقابل، ممارسة ضغوط على حركة «حماس» لزيادة عدد الأسرى الصهاينة المنويّ الإفراج عنهم.
وبحسب المصادر، فإن النقاش لا يزال قائماً حول مدة الهدنة التي يُفترض أن تُنفّذ الصفقة خلالها، إذ يصرّ العدو على ثلاثة أيام، بينما تطالب المقاومة بخمسة أيام. ولم يُعرف ما إذا كانت هذه النقطة قد حُسمت بعد. لكنّ المقاومة أوضحت للوسيط القطري أن الأيام الخمسة غير كافية أصلاً، وأن عملية جمع من تنوي إطلاق سراحهم ونقلهم إلى أماكن معينة تحتاج إلى وقت أطول، بسبب أماكن توزّع الأسرى في القطاع. كذلك لفتت المقاومة الوسيط إلى أن تأخّر العدو يعطّل الخطوات الإجرائية، خصوصاً أن الغارات أدّت، ولا تزال، إلى قتل مزيد من الأسرى وإلى انقطاع التواصل بين قيادة «حماس» والمجموعات المكلّفة بحماية الأسرى.
وقالت المصادر إن النقطة الأخرى التي طال النقاش حولها تتعلّق بطبيعة الهدنة الأمنية والعسكرية، إذ يُفترض أن يتم وقف شامل لكل العمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية خلال مدة الهدنة. وشدّدت قوى المقاومة على أن الأمر يتطلّب أيضاً توفير «مناخ أمني مناسب» لعناصرها للتحرّك بسهولة لتنفيذ الاتفاق، ما يتطلّب وقفاً لكل أنواع الطلعات الجوية فوق شمال القطاع وجنوبه، وهو ما رفضه الكياااان الصهيوني، معلنا موافقته على وقف الطلعات الحربية أو الاستطلاعية فوق جنوب غزة فقط، وليس في شمال القطاع الذي تعتبره مسرح عمليات ويوجد فيه عدد كبير من قواتها. وبعدما رفضت المقاومة الفكرة، عاد الوسيط القطري باقتراح أميركي بوقف طلعات الطائرات التجسّسية لمدة 6 ساعات فقط في شمال القطاع، يتم خلالها إنجاز الخطوات المتعلّقة بجمع الأسرى ونقلهم. غير أن المقاومة كانت حتى عصر أمس غير موافقة على الأمر.
النقطة الثالثة، تتعلق بأن العدو الذي وافق على إدخال 1000 شاحنة من المساعدات إلى القطاع خلال خمسة أيام، يريد تقليص الكمية الخاصة بشمال القطاع إلى الحد الأدنى، ويرفض إدخال أي كمية من الوقود إلى مناطق الشمال، كما يشترط لإدخال الوقود إلى القطاع أن تضمن الأمم المتحدة عدم حصول أي مؤسسة خارج المستشفيات والمخابز على الوقود. ورفضت المقاومة محاولة العدو التصرّف مع شمال غزة على أنه منطقة مختلفة عن جنوبه، وشدّدت على أنه لا يزال في الشمال أكثر من 750 ألف مواطن يحتاجون إلى المساعدات الطبية والغذائية وإلى الوقود.
وفي ما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلين، تصرّ المقاومة على أنه في حالة الصفقة الجزئية، فإن من يشملهم قرار الإفراج هم من النساء الكبيرات في السن والأطفال والمراهقين دون الـ 18 سنة وبعض كبار السن المرضى، إضافة إلى من يحملون جنسيات أخرى. وتؤكد أن عدد هؤلاء لا يتجاوز الـ52، وأنها غير معنية باللوائح التي سلّمها الاحتلال للوسيطين الأميركي والقطري، على أن يلتزم الكيان في المقابل بإطلاق سراح كل الأسيرات في سجون العدو، بمن في ذلك من تم اعتقالهن في الضفة الغربية أخيراً، إضافة إلى الفتيان دون الثامنة عشرة، وبعض المرضى. كما أن تقديم العدو تعهّداً بعدم إعادة اعتقال هؤلاء من جديد، يُعدّ نقطة أساسية في مطالب المقاومة.
وحول التقدّم الذي تحقّق للوصول إلى الصفقة، أعلن رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن أهم النقاط العالقة، أصبحت الآن «بسيطة للغاية» وهي في الأساس أمور عملية ولوجستية.
وذكرت «القناة 12» التلفزيونية العبرية أن مجلس وزراء الحرب قدّم موعد اجتماعه، أمس، بعد تقارير عما وصفته بـ «تفاؤل» بالتوصل إلى اتفاق على تبادل الأسرى.
وفي واشنطن، قال نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جون فاينر، إن التوصل إلى اتفاق على إطلاق بعض الرهائن أصبح «أقرب من أي وقت مضى»، مضيفاً لشبكة «أن بي سي» التلفزيونية أن الاتفاق سيشمل على الأرجح وقفاً ممتداً للقتال «لعدة أيام»، ويسمح بتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة. وتابع أن «ما يمكنني قوله في هذه المرحلة هو أن بعض مجالات الخلاف العالقة، في مفاوضات معقّدة وحساسة جداً، تم تضييقها»، لكنه أشار إلى أنه «لن يكون هناك اتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء. مثل هذه المفاوضات الحساسة يمكن أن تنهار في اللحظة الأخيرة».
من جهته، أكّد السفير الصهيوني لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ في مقابلة مع شبكة «إيه.بي.سي» أن «إسرائيل تأمل في الإفراج عن عدد كبير من الرهائن المحتجزين لدى حماس في الأيام المقبلة».
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عمن وصفتهم بالمطّلعين على سير المفاوضات قولهم إن بنود الاتفاق المفصّلة تقع في وثيقة من ست صفحات تنص على إطلاق دفعة صغيرة من الأسرى كل 24 ساعة، مضيفة أن الإطار العام للصفقة وُضع على مدى أسابيع من التفاوض في الدوحة. وأوضح أحد هؤلاء للصحيفة أن قرار القبول بالصفقة سيكون صعباً على الكيان، ففي حين أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يتعرّض لضغوط من ذوي الأسرى، فإن ثمّة أصواتاً أخرى مرتفعة في تطالب الحكومة بعدم المقايضة.