20.4 C
دمشق
2024-07-27
صحيفة الرأي العام – سورية
غير مصنف قضايا عربية

استنفار دولي لمنع قوى محور المقاومة من نصرة غزة ومقاومة فلسطين وإسرائيل تستنجد بأميركا عسكرياً ضد حزب الله

قوى محور المقاومة تدرس الخطط لنصرة غزة ومقاومة فلسطين: إسرائيل تستنجد بأميركا عسكرياً ضد حزب الله

مازال الجنون الدموي المسعور الذي بدأه الكيان الصهيوني أمس عنواناً واضحاً للردّ على «طوفان الاقصى»، وقد تمثل بموجة غير مسبوقة من القصف العشوائي للأحياء في قطاع غزة، وقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين. ولم يكن قرار الحكومة الصهيونية في هذا الإطار مفاجئاً في ضوء كل أشكال التمهيد التي سبقته، خصوصاً لناحية حصولها على تغطية أميركية وغربية واسعة للجرائم التي كان متوقّعاً أن تقوم بها، على خلفية الانتقام ومحاولة رد الاعتبار بعد الهزيمة الكبيرة التي تسبّبت بها العملية النوعية للمقاومة الفلسطينية في غلاف غزة.

وبعد مرور أقل من يومين على بدء المواجهات، يمكن تفصيل المشهد سياسياً وميدانياً أمس وفق الآتي:
– أولاً، تولّى الغرب توفير تغطية للمجازر الصهيونية ضد قطاع غزة بعد تبني السردية الصهيونية التي تقول إن المقاومة الفلسطينية ليست سوى نسخة من «داعش»، وتبنّي رواية أن مجموعات المقاومة قتلت مدنيين من جنسيات مختلفة، وأن للكيان الحق برد متناسب، مع إضافة نوعية تتمثل في عدم وضع الغرب سقفاً زمنياً للجنون الصهيوني.
– ثانياً، ألزمت الولايات المتحدة حكومة بنيامين نتنياهو بإجراء تعديل وزاري سريع، وتولّت الحكومة الأميركية حث قادة المعارضة في الكيان على قبول تشكيل حكومة طوارئ «وطنية»، في سياق تقليص حجم حضور من تعتبرهم الولايات المتحدة عناصر منفرة لأصدقائها في العالم، ولخلق توازن في التعامل مع الوضع عامة، وتوفير غطاء «وطني» لمجازر جيش الاحتلال، خصوصاً في ضوء الانقسامات القائمة وتحميل قسم كبير من الصهاينة نتنياهو شخصياً مسؤولية تدهور الوضع العسكري والأمني والاقتصادي.
– ثالثاً، بذل الغرب نشاطاً سياسياً ودبلوماسياً واسعاً لتهديد أطراف محور المقاومة ولا سيما حزب الله، نحو عنوان منع توسّع الجبهات التي تقاتل الكيان. وبلغ التهديد حد القول بأنه في حال قرّر الحزب الدخول في المواجهة فإنه لن يواجه الجيش الصهيوني فحسب، بل الجيش الأميركي أيضاً، وحرص العدو على تعميم هذه الأجواء على الإعلاميين والدبلوماسيين في كيانه، وزعم أنه نقل هذا التهديد إلى الحزب بواسطة الفرنسيين.
– رابعاً، تتولّى الولايات المتحدة إجراء اتصالات مع دول عربية وغربية تملك علاقات مع سوريا والعراق واليمن لحث هذه الدول على عدم التورط في الحرب، بعد ورود معطيات إليها بأن قوى وحكومات محور المقاومة انتقلت إلى البحث العملاني في خطط للتدخل ربطاً بمجريات الأحداث في فلسطين.
– خامساً، محاولة إشاعة مناخ بأن هدف العملية الصهيونية في غزة هو الانتقام والردع، وهذا بخلاف ما يعلنه الكيان بأنه يريد القضاء على مقدرات المقاومة من جهة، وعلى كي وعي الشعب الفلسطيني من جهة ثانية. وقد رفع العدو من سقف أهدافه ليبرر الجنون الدموي الذي لا يوفر شيئاً في غزة، وترافق مع أوامر الى قواته المنتشرة في الضفة الغربية بقتل كل من يحاول القيام بأعمال مناصرة لغزة، بالترافق مع تهديدات عنصرية ضد أبناء الـ 48 خشية أن يبادروا الى تحركات تضامنية.
– سادساً، السعي الى فصل ملف الأسرى وتحويله الى قضية إنسانية عالمية، من خلال بدء تحركات غربية تدعو المقاومة الى إطلاق سراح النساء والمستوطنين من غير العسكريين، ومن خلال الحملة على المقاومة، خصوصاً بعد تهديد الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة بإعدام الأسرى في حال واصل العدو قصف المناطق السكنية من دون سابق إنذار.

وفي غضون ذلك، استمرّت المواجهات بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال خارج القطاع، فيما أعلن العدو أنه لم ينجز بعد استكمال «تنظيف مناطق غلاف غزة من المسلحين». وأبلغت قيادة غزة فصائل المقاومة خارج فلسطين بأن قوتها الصاروخية قادرة على التعامل مع العدو لفترة طويلة جداً، وأن الاستعداد للحرب البرية كبير أيضاً.
وفي لبنان، وبعد عملية حزب الله في مزارع شبعا صباح الأحد، شنّت مجموعة من حركة الجهاد الإسلامي عملية ضد مستوطنة شتولا القريبة من الحدود مع لبنان في القطاع الغربي. ودارت مواجهة قاسية استشهد خلالها مقاومين، بينما أصيب 9 جنود صهاينة قبل أن يتبين أن بينهم قتيلين أحدهما ضابط. لكن اللافت أن العدو الذي بادر الى قصف المناطق القريبة من الحدود، تعمّد توجيه ضربات صاروخية مباشرة الى نقاط يتواجد فيها مقاتلون من حزب الله ما أدى الى استشهاد ثلاثة منهم، فردّت المقاومة بقصف قواعد للعدو في المنطقة. وقال بيان حزب الله إنه «رد أولي» على العملية.

محاولة تعديل القواعد
وقد تبيّن من معطيات محددة، أن مبادرة العدو الى قصف مواقع معروفة بأنها لحزب الله في الشريط الحدودي، تعكس من جهة حالة التوتر التي تعيشها قوات الاحتلال في المنطقة، لكنها تشكل رسالة واضحة أراد الكيان من خلالها تحميل حزب الله مباشرة أي عمل يُشن ضدها انطلاقاً من الأراضي اللبنانية. وهي تحاول عبر عمليات القصف المتعمّد وإيقاع قتلى في صفوف المقاومة القول لحزب الله: «أنت مسؤول مباشرة عن أي عمل ينطلق ضدنا من لبنان، وأنت مسؤول عن أي نشاط يقوم به الفلسطينيون في لبنان سواء بعلمك أو من دونه».
هذه المعادلة، هي بالضبط ما يعمل حزب الله على منع تكريسها، ولذلك فإن القصف الذي تعرّضت له ثكنات العدو بعد قصف مواقعه، شكّل رداً أولياً بحسب بيانه، وهذا يشير الى أن الحزب، كما هو معروف عنه، يدرس الأمر من زاوية «قاعدة التماثل» التي يعمل بها منذ فترة طويلة، والتي تقتضي منه القيام بعمل عسكري يؤدي الى قتل ثلاثة جنود للعدو على الأقل، وما سينتج عن ذلك من رد فعل لدى العدو، وهو ما قد يقود الى تدحرج الأمور نحو مواجهة واسعة. ولهذه المواجهة شروطها بالنسبة إلى الحزب، وهو لا يراها موضعية وتخصّه في لبنان، بقدر ما يراها ويريدها في سياق المواجهة التي تفيد في معركة حماية المقاومة في فلسطين وإفشال مشروع العدو الهادف الى محاولة إزالة الآثار الإستراتيجية لعملية «طوفان الأقصى».

التدحرج نحو الحرب الكبرى
وإذا كان المهم للجميع هو الإجابة عن سؤال حول طريقة تصرف قوى ودول محور المقاومة، فقد علمت صحيفة «الأخبار» اللبنانية أن التنسيق القائم تركّز على تجديد التوافق على نصرة الفلسطينيين، ثم الحديث عن سقف معين قد رُسم، ما قد يسمح بالحديث عن الانتقال الى مرحلة الاستعداد لاحتمال الانخراط في معركة كبرى ضد العدو. وقد تبلّغت قوى المقاومة من الفلسطينيين بأنهم في وضع يمكّنهم من تحمل أي مواجهات عسكرية، لكن ذلك لم يمنع المقاومة في فلسطين من طلب الإسناد في جبهات أخرى. ويجري العمل على خلق ظروف ووقائع من شأنها تخفيف الضغط عن غزة، أو إلزام العدو بوقف جنونه الدموي.
كذلك جرى نقاش حول التهديدات بالآلة العسكرية الأميركية، خصوصاً بعد الذي تسرّب ليل أمس عن أن العدو يتصرف وفق قاعدة تقول بأن الولايات المتحدة ستكون شريكة معه في القتال في حال انضمت قوى المقاومة الى «حماس» في المعركة القائمة. وكان لافتاً أن حكومة العدو أشارت الى حاملة الطائرات الأميركية «فورد» المتوجهة الى منطقتنا، وقد سرّب العدو بما اعتُبر تهديداً للبنان بأن للحاملة دوراً عملانياً الى جانب قواته في مواجهة حزب الله.
وفي وقت لاحق على تسريبات العدو، نقلت شبكة «ان بي سي نيوز» الأميركية عن مسؤولين أميركيين «كبار»، حاليين وسابقين، القول أن قرار إدارة بايدن إرسال حاملة الطائرات هو «رسالة واضحة إلى إيران». ونسبت الشبكة إلى أحد المسؤولين الحاليين قوله إن فحوى هذه الرسالة هو أن «عليكم التراجع، خاصة عندما يتعلق الأمر بإطلاق العنان لحزب الله».

وأضاف: «الأمر كله يتعلق بردع إيران»، مشيراً إلى أن هذا الدعم للكيان يعطيه «قدرة كبيرة على ردع أي عدوان إيراني أو أي توسيع للعمليات». ونقل إعلاميون في واشنطن عن مسؤول أميركي في وزارة الدفاع بأن الحاملة أُرسلت لردع حزب الله على وجه التحديد. وقال المسؤول: «نحن قلقون بشدة من احتمال اتخاذ حزب الله قراراً خاطئاً وفتحه جبهة ثانية».
وعلمت «الأخبار» من مصادر معنية، أن لجوء العدو العلني الى استجداء التدخل الأميركي فيه إشارة ضعف الى عدم ثقته بقدرته منفرداً على مواجهة أي توسع للحرب، وأن الجميع ينتظر توضيحات من الجانب الأميركي، خصوصاً أن واشطن كانت أبلغت عواصم معنية بأن إرسال الحاملة ليس عملاً حربياً بل هو عمل ردعي، وأن الحكومة الأميركية لم تطلب ولم تحصل على تفويض للمشاركة في عمليات عسكرية.

يحاول العدو فرض معادلة جديدية: حزب الله مسؤول عن انشطة الفلسطينيين

وقالت المصادر إنه رغم ذلك، وفي حال قرّر الأميركيون المشاركة في الحرب، فإن هذا يعني أنهم يضعون كل مصالحهم ومنشآتهم الرسمية المدنية والعسكرية في المنطقة في دائرة الاستهداف المباشر. كما أن الولايات المتحدة تعلم أن لدى المقاومة في لبنان وفي عواصم أخرى القدرات القتالية القادرة على توجيه ضربات مباشرة الى أي إدارة عسكرية أميركية تشارك في القتال بما في ذلك حاملة الطائرات نفسها. ولفتت المصادر الى أن طلب العدو مساندة عسكرية أميركية لا يفيد بشيء، لأن الأهداف العسكرية التي لا تطاولها إسرائيل لن تطاولها القوات الأميركية، أما إذا كان المقصود هو الحصول على كثافة نارية وقتل للمدنيين، فهذا يعني أن على الأميركيين تحمّل النتائج، كما من شأن ذلك فتح «باب جهنم» على الإسرائيليين أنفسهم.
ومع ذلك فإن مصادر إعلامية في واشنطن أعربت عن اعتقادها بأن الأميركيين لا ينوون توسيع دائرة الحرب، ومصلحتهم هي في حصر المواجهة مع حماس، وأن جلّ همهم إجراء مقارنة بهجمات الحادي عشر من أيلول. لكنّ المصادر نفسها نقلت «مخاوف أميركية من وجود خسائر بشرية فادحة في غزة ما سيجبرها على بدء الضغط على نتنياهو». ولفتت المصادر الى «حملة مسعورة في الكونغرس الأميركي للربط المباشر بين حركات المقاومة وأفعالها وبين إيران».
وقالت المصادر إنه يجب الأخذ في الاعتبار أن الحكومة الإسرائيلية «لا تحظى بشعبية في الولايات المتحدة، وأن هناك حساسية جديدة في المجتمع الأميركي، حيث صار للقضية الفلسطينية صوتها المسموع إعلامياً وشعبياً، وأن جزءاً من الخطاب الإعلامي يبرز معاناة الفلسطينيين».

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق