20.4 C
دمشق
2024-07-27
صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة

الخارجية المغربية تعلن عن أسفها لقرار الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية والجزائر تفند العدوانية المغربية ضدها

 أعربت وزارة الخارجية المغربية عن أسفها لقرار الجزائر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب اعتبارا من الثلاثاء 24 الشهر الحالي بينما تحدثت الجزائر عن دعم مغربي للحركات الانفصالية في الجزائر مؤكدة أن المغرب لم يكن ليجرؤ على ذلك لولا الدعم الصهيوني له.

 وقال بيان للخارجية المغربية أمس:«أخذت المملكة المغربية علما بالقرار الأحادي الذي اتخذته السلطات الجزائرية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب اعتبارا من اليوم».”

 وأضاف البيان: “ويأسف المغرب على هذا القرار غير المبرر تماما والمتوقع – في ضوء منطق التصعيد الذي لوحظ في الأسابيع الأخيرة – ويأسف كذلك لتأثيره على الشعب الجزائري. المغرب يرفض رفضًا قاطعًا الذرائع المغلوطة، وحتى العبثية، الكامنة وراءه.”

 وختم البيان بالقول: “وستظل المملكة المغربية من جهتها شريكا صادقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية سليمة ومثمرة.”

 هذا وقال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إنه يأسف لإعلان الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع بلاده، مضيفا أن المملكة تتمنى تجاوز هذا الوضع قريبا.

 وأضاف في مقابلة مع موقع “أصوات مغاربية” أن خطاب العاهل المغربي الأخير تضمن دعوة إلى الحوار والتأكيد على أن “المغرب يعتبر أن استقرار الجزائر وأمنها من استقرار المغرب وأمنه، واستقرار المغرب وأمنه من استقرار الجزائر وأمنها”.

وتابع قائلا: “لا زلت أتمنى أن نصل إلى تطبيق هذه الدعوة، دعوة الملك محمد السادس، على أرض الواقع”، لافتا إلى أن “المغرب ينظر إلى المصالح العليا للشعوب المغاربية عموما وللشعبين المغربي والجزائري على وجه الخصوص”.

 وعن احتمال عودة العلاقات إلى طبيعتها مع الجزائر، قال العثماني “في رأيي الشخصي، إن بناء الاتحاد المغاربي وعودة العلاقات إلى طبيعتها بين الجارين المغرب والجزائر هو قدر محتوم ضروري تمليه أولا وقبل كل شيء المصالح المشتركة وبناء المستقبل المشترك”، كما تمليه “التحديات الكبرى التي يعيشها عالم اليوم والتي تنبني على تجمعات إقليمية قوية ذات مصالح مشتركة”.

 وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قد أعلن أمس “الثلاثاء”، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب. موضحا أن قطع العلاقات لا يعني تضرر مواطني البلدين، مشيرا إلى أن البعثات القنصلية ستواصل عملها كالمعتاد.

 وتم الإعلان على هذه قطع العلاقات، خلال مؤتمر صحفي للمعامرة اتهم فيه المملكة المغربية بارتكاب أعمال وصفها بغير “الودية والعدائية” ضد الجزائر.

 وقال لعمامرة “لقد ثبت تاريخيا أن المغرب لم يتوقف عن القيام بأعمال غير ودية وعدائية ضد الجزائر”.

ومن الملاحظ أن توتر العلاقات بين البلدين الجارين لم يعد خافيا على احد ولم يَعُد خافياً أيضاً الدعم الذي يقدّمه المغرب لانفصاليّي «الماك» الذي يقوده فرحات مهني من مقرّ إقامته في باريس. واعترف هذا البلد الجار بنفسه بذلك، عندما طرح سفيره لدى الأمم المتحدة، قبل أسابيع، مذكّرة، في اجتماع لدول «حركة عدم الانحياز»، يطالب فيها بحقّ تقرير مصير «الشعب القبائلي»، واصفاً الجزائر بالقوّة المستعمرة، في خطاب غير مسبوق في تاريخ الدبلوماسية المغربية، ما حدا بالجزائر إلى طلب توضيحات حول هذه الخطوة، لكنّها لم تلقَ ردّاً، فقامت بسحب سفيرها من المغرب. وعلى رغم محاولة الملك المغربي، محمد السادس، في خطابه ما قبل الأخير، تلطيف الأجواء ومخاطبة الجزائريين بأن بلاده لا تريد السوء لجيرانها، إلّا أن السلطات الجزائرية لم تغفر للمغرب محاولة اختلاق قضيّة انفصالية على أراضيها، رافضة أيّ منطق يساوي بين قضية الصحراء الغربية المدرجة في الأمم المتحدة تحت ملفّ تصفية الاستعمار، وبين منطقة القبائل التي تُعدّ جزءاً أصيلاً من الجزائر، وكانت في طليعة عملية التحرّر ضدّ المستعمر الفرنسي.

 وأمام هذه التصرفات العدائية الواضحة لم تعتمد الرئاسة الجزائرية، في بيانها الأخير، أسلوباً دبلوماسياً لدى الإشارة إلى خلافاتها مع المغرب؛ بل لجأت إلى التصريح مباشرةً بأن «النظام العلوي» أصبح يشكّل تهديداً على الوحدة الوطنية الجزائرية. وورد في اجتماع المجلس الأعلى للأمن الجزائري الذي يرأسه الرئيس عبد المجيد تبون، ويشارك فيه رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة، اتّهامٌ لـ«الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل»، «الماك»، وكذلك حركة «رشاد» التي تنشط من الخارج، بإشعال الحرائق التي تسبّبت في دمار هائل في منطقة القبائل التي تبعد نحو 120 كيلومتراً شمال شرق العاصمة. كما اتّهمت هذه الهيئة، تنظيم «الماك» بتدبير عملية حرق وسحل الشاب جمال بن سماعين التي كادت تتسبّب في فتنة عرقيّة بين الأمازيغ والعرب. وختمت بالإشارة إلى أن «الماك» «تتلقّى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، وخاصة المغرب والكيان الصهيوني»، وأبرزت أن الأفعال العدائية المتكرّرة من طرف المغرب ضدّ الجزائر «تطلبت إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية».

 ويسود اعتقاد في الجزائر، بأن المغرب لم يكن ليجرؤ على طرح قضيّة انفصال القبائل، لولا شعوره بالحماية في الفترة الأخيرة بعد انخراطه في ما سُمّي «صفقة القرن»، وإقامته علاقات كاملة مع إسرائيل. وتنظر الطبقة السياسية الجزائرية بريبة كبيرة، إلى هذه العلاقات، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، الذي تحدّث من المغرب، في آخر زيارة له، عن شعور الكيان الصهيوني بالقلق ممَّا وصفه بـ«التقارب بين الجزائر وإيران». واعتُبر هذا الكلام بمثابة رسالة تهديد للجزائر من إسرائيل التي تتمسّك برفض أيّ شكل من أشكال العلاقة معها، بخلاف الكثير من الدول العربية التي انخرطت في موجة التطبيع الأخيرة. وتحذّر الكثير من التحاليل التي تنشرها وسائل الإعلام الجزائرية، من اختراق صهيوني للمنطقة، واتخاذ المغرب موطئ قدم لاستهداف الجزائر، بينما لا يكفّ رئيس أركان الجيش، في كل خطاباته، عن الحديث عن وجود مؤامرات يتمّ إعدادها لاستهداف البلاد. وما عزّز من هذا الطرح، فضيحة برنامج التجسّس الإسرائيلي «بيغاسوس» الذي كانت الجزائر أكبر ضحاياه، إذ من بين 50 ألف هاتف في العالم تمّ التنصت عليه، وفق التحقيق الذي نشرته وسائل إعلام عالمية، هناك 6 آلاف رقم لجزائريين، بينهم مسؤولون سياسيون وعسكريون على أعلى مستوى، بل حتى شخصيات من المعارضة الجزائرية. وبحسب ما نشرته صحيفة «لوموند» المشاركة في التحقيق، فإن المغرب كان يراقب عن كثب الجزائر عبر برنامج «بيغاسوس»، وهو ما دفع القضاء الجزائري إلى فتح تحقيق في القضيّة، بينما توعّدت الخارجية الجزائرية بالردّ، على اعتبار أن ما جرى الكشف عنه «عمل مناقض كليّاً لمبدأ حسن الجوار». وتزامنت عملية اختراق الهواتف التي تورّط فيها المغرب، مع بداية الحراك الشعبي في الجزائر عام 2019، ما دفع شخصيات جزائرية، مثل الوزير السابق عبد العزيز رحابي، إلى اتهام المغرب بأنه كان يراهن على سقوط الدولة الجزائرية خلال تلك الفترة.

ومع أن التوتّر بين البلدين بلغ ذروته، إلّا أن أحداً لا يتوقّع تطوّر المسألة إلى مواجهة عسكرية، كون المنطقة لا تحتمل هذا النوع من السيناريوات، كما أن كلا النظامَين يعرف أزمات اقتصادية لا تحتمل تطوير النزاع. لذلك، تبقى خيارات المواجهة دبلوماسية أساساً؛ مع أن الجزائر تحضّر للحدّ من تبادلها التجاري مع المغرب، من خلال وقف عبور الغاز عبر الأنبوب الذي يمرّ على أراضي المملكة في اتجاه إسبانيا. وتمتلك الجزائر أنبوب غاز مباشراً نحو إسبانيا عبر البحر المتوسط، تم تعزيز قدرته على النقل أخيراً، عبر إنشاء وصلة بينه وبين الأنبوب الذي يدخل الأراضي المغربية، تسمح بتفادي العبور من المغرب. ويُعدّ هذا القرار، في حال تمّ اعتماده، ضربة للاقتصاد المغربي الذي يعتمد على الغاز الجزائري في تنشيط محطّاته الكهربائية ومصانعه في شمال البلاد. وفي الواقع، لن تغيّر هذه الأحداث كثيراً في واقع العلاقات بين البلدين، التي تعاني من شبه قطيعة منذ عام 1994، تاريخ غلق الحدود بينهما، لكنها ستزيد من عمق الأزمة وستبقى منطقة المغرب العربي، بعيدة لسنوات طويلة أخرى، عن حلم الاتحاد الذي أجهضته الخلافات المزمنة بين الجزائر والمغرب.

الجامعة العربية

 من جانبه، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن أسفه البالغ حيال ما آلت إليه العلاقات بين الجزائر والمغرب عقب إعلان الجزائر عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، ودعا البلدين إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد.

 وقال مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة إن الجزائر والمغرب بلدان رئيسيان في منظومة العمل العربي المشترك، وأن الأمل لا يزال معقوداً على استعادة الحد الأدنى من العلاقات بما يحافظ على استقرارهما ومصالحهما واستقرار المنطقة.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق