صحيفة الرأي العام – سورية
اقتصاد

هدايا أمريكية مريبة لفلاحي شرق الفرات

بدأت قوات الاحتلال الأميركية بتوزيع نحو 3 آلاف طنّ من بِذار القمح مجّاناً في محافظة الحسكة، بهدف كسب ودّ السكّان مستغلة الشحّ الذي يعيشونه، وصعوبة إيصال البذار الحكومي عالي الجودة إليهم، بسبب منعهم من قِبَل ما تسمى «الإدارة الذاتية» من التعامل مع الجهات الحكومية. لكن الدلائل تؤكد أن وراء هذا التودّد، محاولة أميركية لنقل آفات زراعية مضرّة بالتربة إلى الأراضي السورية، الأمر الذي يهدّد بتدمير قدرات سورية الزراعية على المديَين المتوسّط والبعيد، بعدما كانت تُحقّق شبه اكتفاء ذاتي من القمح على مدى سنوات طويلة.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، عبر الحساب الرسمي للسفارة الأميركية في دمشق، أن «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ستوزّع ما يقرب من 3000 طن من بذور القمح عالية الجودة على المزارعين في شمال شرق سورية، مع بدء موسم زراعة القمح». وأضافت: «ستدعم هذه البذور مئات المزارعين لإنتاج ما يقرب من 32 ألف طن من القمح العام المقبل، ما يضمن حصول السوريين على الدقيق والخبز ومنتجات القمح الأخرى لإطعام أسرهم ومنع المزيد من الأزمات الاقتصادية». لكن مصادر محلية ورسمية شكّكت في تلك النوايا، انطلاقاً من سوابق أمريكية عديدة منها سرقة بذور سوريّة نادرة من «المركز الدولي للبحوث الزراعية» (ICARDA) في حلب، وتسبّبها بأضرار جسيمة للاقتصاد السوري عبر استمرار إيقاع العقوبات على سورية وما ولّدته من ضغوط إضافية على المزارعين، فضلاً عن مسؤوليتها عن حرائق حقول القمح.

 وردّت وزارة الزراعة على الإعلان الأميركي عبر تحذير «المزارعين من زراعة بذار قمح غير معروف المصدر (مهرّب) لاحتمال إصابتها أو نقلها للعديد من الآفات»، لافتة إلى أنه «لدى المؤسسة العامّة لإكثار البِذار 70 ألف طنّ من بذار القمح، تمّ تجهيزها لتنفيذ الخطة الزراعية للموسم القادم، بالإضافة إلى وجود 20 ألف طنّ احتياطيّة، وكلّها تكفي احتياجات الأخوة الفلّاحين من البِذار المغربل والمعقّم والمضمون المواصفات والنوعية والسلامة من الآفات».

 ونبّه معاون مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة، حازم الزيلع، بدوره، إلى أن «إدخال أيّ كمية من القمح من الجانب الأميركي غير شرعي، ويتضمّن مخاطر من ناحية الصنف والنوع، واحتمال إدخال آفات حَجْرية مثل نيماتودا المنتشرة في أميركا، والعديد من الأمراض النباتية، وخصوصاً البكتيرية». وأشار الزيلع إلى أن «للآفة الحجرية منعكسات سلبية محتملة على اقتصاد البلاد أو على منطقة فيه»، مُعلِناً «تشكيل لجنة في وزارة الزراعة بهذا الخصوص لتوجيه المزارعين لعدم زراعة أيّ صنف غير معروف المصدر، وزراعة بذار من إنتاج مؤسسة إكثار البذار أو من إنتاج المزارع نفسه في العام الماضي، إضافة إلى القيام بغربلة البذار ميكانيكياً أو آلياً قبل الزراعة للتخلّص من البذار المصاب».  ويرى العديد من المهتمين باشأن الزراعي أن «الشكوك المُثارة حول هذه البذور الأميركية في مكانها، لاستحالة تقديم الولايات المتحدة أيّ خدمة مجاناً»، كما أنه «لو كانت واشنطن صادقة في مسألة الدعم، لاشترت القمح محلياً أو من دول الجوار، ولم تورّده من أراضيها خصيصاً إلى سورية». ويحدّد الخبراء الزراعيون نوعية الأمراض التي من الممكن أن تحملها البذار بـ«آفة نيماتودا، وهي عبارة عن ديدان شعرية دقيقة لا تُرى بالعين المجرّدة، تستوطن التربة، وتنتقل منها إلى الحقول بسرعة، ما يهدّد بكارثة حقيقية على الزراعة في البلاد»، مبيّنين أن «هذه الديدان لم تصل إلى سورية من قَبل، ولم تتأقلم معها التربة السورية، ولا توجد لها أيّ مكافحة»، وأن «آفات أخرى كالصدأ والفطور والذبول، عادةً ما تحملها أيضاً البِذور المصابة، ما يشكّل تهديداً أقلّ خطورة من الديدان، في حال كانت تحملها البذار الأميركية المزعومة».

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق