أكدت مصادر صحفية عربية نقلا عن مصادر متعدّدة في الأمم المتحدة والقاهرة أن الولايات المتحدة تقود بالتعاون مع دول أوروبية ومسؤولين نافذين في الأمم المتحدة معركة كبيرة تستهدف أكبر عملية تهجير جديدة للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وذلك تحت غطاء نقل المدنيين من القطاع إلى أماكن آمنة، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن رفضه لتهجير ابناء قطاع غزة إلى أي مكان.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية عن هذه المصادر قولها إن المشروع الأميركي يتساوق مع تحضيرات جيش الاحتلال لشنّ عملية عسكرية كبيرة ضد القطاع في الأيام القليلة المقبلة.
وأضافت المصادر أن الضغوط تبلغ مستوى جديداً من الذروة، مع الطلب إلى مصر الاستعداد لإقامة منطقة لجوء في العريش وعلى الحدود مع قطاع غزة، والموافقة على فتح ممر إنساني آمن، ليس بهدف نقل المساعدات إلى القطاع، بل لانتقال نحو ربع مليون فلسطيني يواجهون مشكلة الإيواء نتيجة تدمير منازلهم إلى تلك المنطقة.
وكشفت المصادر عن أن البحث انتقل من الجانب الأميركي إلى مستوى التنسيق مع فريق في الأمانة العامة للأمم المتحدة، ومع منظمات دولية تحظى بتمويل أوروبي، للضغط من أجل إقناع القاهرة بفتح الممرات.
وتحدّثت المصادر عن إبداء الولايات المتحدة الاستعداد لتوفير تمويل كبير لمصر يتجاوز عشرين مليار دولار في حال وافقت على العملية. ولفتت إلى الطلب من القاهرة «تسهيل انتقال فرق كبيرة لمنظمات تعمل في الحقل الإغاثي إلى الحدود مع رفح من دون الدخول إلى غزة».
وبحسب المصادر، فإن ما يجري البحث فيه الآن يشتمل على توفير «وضع ميداني أفضل لقوات الاحتلال»، بالتزامن مع «توفير الغطاء السياسي والإعلامي للجرائم المفتوحة». وقالت إن الأميركيين، بالتعاون مع بريطانيا ودول أخرى، يريدون منح الكيان الصهيوني «الإذن بالقيام بكل ما يلزم لمنع تكرار ما حصل، ولو تطلّب ذلك تعديل الصورة في قطاع غزة ومناطق أخرى من فلسطين».
وقال دبلوماسيون مصريون إن القاهرة تلمس خطورة ما يحصل، وإن الحكومة المصرية تلقّت معلومات مفصّلة حول الخطة الأميركية – الصهيونية، وإن المغريات التي تُقدم لمصر تستغل حاجة الأخيرة إلى تمويل ضخم جراء العجز الكبير الذي تواجهه اقتصادياً ومالياً.
ووسط الاتصالات الجارية بهذا الخصوص، جاء الموقف اللافت للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي شدّد على ضرورة أن يبقى سكان القطاع موجودين «على أرضهم»، محذّراً من أن خروجهم يشكّل «خطورة كبيرة جداً لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية»، واصفاً إياها بـ«قضية القضايا وقضية العرب كلهم».
وقال السيسي، خلال حفل تخريج طلاب الكليات العسكرية، مساء أمس، إن بلاده التي تستضيف 9 ملايين نزحوا من بلادهم بسبب الاضطرابات الدائرة فيها، ترفض استقبال «الفلسطينيين الذين يجب أن يبقوا في بلادهم ومواصلة الصمود حفاظاً على قضيتهم وأرضهم ويتحتّم على مصر ألّا تتركهم».
ورأى أن «المهم أن يبقى شعب غزة صامداً على أرضه، ونحن سنبذل أقصى الجهد لكي نخفّف عنه»، مؤكداً أن مصر «لا ولن تتأخر عن مساعدة الفلسطينيين»، والتزام بلاده «بالموقف الثابت لضمان الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني».
وفي عمان التي تلعب حكومتها دوراً سيئاً ضد المقاومة الفلسطينية، خرجت أمس تصريحات مفاجئة حول تهجير الفلسطينيين. فقد صرّح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن بلاده تحذّر من «أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر وترحيل الأزمة إلى دول الجوار». وقال الصفدي بعد اتصالات مع مسؤولين من دول عدة، إن «أهل غزة يستحقون تحركاً فورياً لحمايتهم وتوفير احتياجاتهم»، وإن «السماح الفوري بإيصال المساعدات الغذائية والماء والوقود والكهرباء إلى غزة مسؤولية أخلاقية وقانونية على المجتمع الدولي برمّته».
وفي سياق المواقف الممهّدة لخطة التهجير، قال المتحدث الرسمي باسم «مجلس الأمن القومي» الأميركي، جون كيربي، إن الولايات المتحدة تجري مناقشات مع الإسرائيليين والمصريين حول فتح ممر إنساني في قطاع غزة، مضيفاً أن إسرائيل ومصر هما اللاعبان الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بذلك.
من جهته، دعا مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل إلى إنشاء «ممرات إنسانية لتسهيل مرور الأشخاص الذين يريدون الفرار من قصف غزة» عبر الحدود إلى مصر. وقال بوريل للصحافيين بعد مشاورات طارئة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إن احترام القانون الدولي يعني «رفض قطع المياه والغذاء والكهرباء»، الذي أمر به وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت.
كما دعا الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، يان إيغلاند، في بيان، إلى «إنشاء ممرات إنسانية ووقف مؤقّت لإطلاق النار لإنقاذ الأرواح على الفور».