تقرير إخباري اعداد احمد بدور
يسعى أعداء للمقاومة لتثبيت أن أي شعب يعادي إسرائيل يُحكم عليه بظروف معيشية قاسية (أ ف ب)
في الثلاثين من تموز الماضي، خرج المئات من المتظاهرين الشباب إلى شوارع قطاع غزة، رافعين شعارات «الحق في الحياة الكريمة»، مستنفرين الأجهزة الأمنية التي بذلت جهوداً مضنية لإنهاء هذه التظاهرات وذل احتجاجا على الوضع المعيشي السيء وسوء ادارة حماس للقطاع.
وكانت سبقت تلك الاحتجاجات التي توزّعت على مختلف محافظات القطاع، بزخم متباين، جملة من الحوادث التي تسبّب بها سوء الإدارة والتقدير، من قِبَل البلديات وشركة توزيع الكهرباء، ولا سيما حادثة وفاة المواطن شادي أبو قوطة (48 عاماً) مقتولاً تحت جدار منزله، بعدما شرعت بلدية خان يونس في حملة لإزالة التعديات، وقبلها وفاة المسنّ عطايا بركة (83 عاماً) بعدما أقدمت شركة توزيع الكهرباء على قطع التيار الكهربائي عن منزله، وركبت عداداً ذكياً مسبق الدفع. يُضاف إلى ذلك تفشّي البطالة والفقر، وتدنّي مستوى الدخل، وملاحقة البلديات لأصحاب البسطات، والحرص الشديد على مضاعفة الجباية من جيوب المواطنين الفارغة، والانقطاع الطويل للكهرباء وسط أجواء الصيف الحارقة.
البعض من المراقبين ينظر الى هذه الموجة من التظاهر على أنها ليست عفوية ولا بريئة بالمطلق، إذ إن من حدّد موعدها، وأماكن التجمّع فيها، وحتى آليات الاحتجاج خلالها، هم مجموعة من المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يربطهم عامل مشترك واحد، هو العداء الشخصي الشديد لحركة «حماس»، والانحياز المطلق إلى خصمها السياسي المتمثّل في حركة «فتح»، والإقامة خارج القطاع. وبالنظر إلى هذه الحيثيات، يرى هؤلاء أن أيّ حراك داخلي في غزة يوضع في قفص الاتهام سلفاً، وذلك تأسيساً على حالة الاستقطاب الحادّة بين الخصمين السياسيين، ومحاولة كلّ طرف تسجيل نقاط في مرمى الآخر. وممّا يزيد المشهد التباساً، التحوّل السريع في لغة الشعارات، من المطالبة بالحقوق المعيشية الجمعية، إلى مهاجمة حركة «حماس» وإطلاق الشعارات الحزبية ضدّها، علاوة على تصدّر عائلات «فتحاوية» لديها خصومة قديمة مع «حماس»، المشهد.
«حماس» لم تكتف بقمع المظاهرات بل وجهت دعوة إلى أنصارها لتسيير تظاهرات شعبية، تواجهت مع تظاهرات الطرف الآخر، ليتحوّل الشارع إلى ميدان اقتتال بالحجارة والعصيّ.
لا يمكن حجب التقصير الذي يسم أداء الجهات المعنيّة في قطاع غزة
وإذ بات الشارع الغزاوي مدركاً أن أيّ حراك يتصدّره «سين وصاد وعين» من نشطاء التواصل الاجتماعي، سينتهي قبل أن يبدأ، بالنظر إلى أن الأطروحات التي يقدّمها هؤلاء ليست منسجمة مع توجّهات الشارع ونبضه، حيال قضايا تحظى بإجماع فطري، من مثل المقاومة وإطلاق الصواريخ والردّ على عمليات الاغتيال، فإن منظّمي حَراك الثلاثين من تموز، لم يحصدوا سوى الصورة، والمقصود هنا، صورة قمع المحتجّين وملاحقتهم في الشوارع، ودفع البسطاء إلى مواجهة البسطاء.
ومع ذلك فإنه ، لا يمكن بذريعة الشعارات الوطنية حجب التقصير الذي يسم أداء الجهات المعنيّة في قطاع غزة، والتي تكاد مطالب الشارع منها تنحصر في القول إن «توزيع الظلم… عدل»، وإن «تقاسم المعاناة… رفاه».