أجرى رئيس هيئة الأركان الأميركية، الجنرال مارك ميلي، اتصالاً هاتفياً، اليوم، بنظيره البيلاروسي الجنرال، فيكتور غوليفيتش، بهدف تجنّب احتمال وقوع «حوادث غير محسوبة» في وقت باشرت فيه روسيا وبيلاروسيا مناورات عسكرية مشتركة، وفق ما أفاد البنتاغون، في حين قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن روسيا تحشد المزيد من الجنود على حدودها مع أوكرانيا، محذّراً من أن غزواً روسياً لكييف من الممكن أن يحصل حتى خلال الألعاب الأولمبية الشتوية الحالية.
وقال المتحدث باسم الجنرال ميلي، الكولونيل ديف باتلر، في بيان مقتضب إنّ المكالمة بين ميلي ونظيره البيلاروسي هدفت خصوصاً إلى الحدّ من أخطار وقوع حادث و«تبادل الآراء حول الأمن الأوروبي الراهن».
وأوضح أنّ المسؤولَين العسكريَّين توافقا على عدم كشف تفاصيل هذه المشاورات.
هذا وقد باشر الجيشان الروسي والبيلاروسي، اليوم، مناورات واسعة النطاق في بيلاروسيا، على أبواب أوكرانيا التي لا تزال في صلب توتر بين روسيا والغرب في موازاة جهود دبلوماسية كثيفة لاحتواء الأزمة.
وعشية المناورات، نشر الجيش الروسي شريطاً مصوّراً يظهر بطارية لمنظومة اس-400 الدفاعية الجوية مع صواريخها في منطقة بريست البيلاروسية المحاذية لأوكرانيا.
ولم يحدد الجيشان الروسي والبيلاروسي عدد الجنود المشاركين في هذه المناورات ولا ماهية العتاد المستخدم، لكنّ الغربيين يؤكدون أنه تم نشر ثلاثين ألف جندي روسي في بيلاروسيا في هذا الإطار.
وسارعت الرئاسة الأوكرانية الى التنديد بهذا الانتشار، معتبرة أنه وسيلة «ضغط نفسي» تلجأ إليها موسكو بعدما حشدت منذ تشرين الثاني الفائت أكثر من مئة ألف من جنودها قرب الحدود الأوكرانية.
بلينكن من جهته أكّد: «نحن في إطار قد يبدأ فيه غزو في أي وقت، ولأكون واضحاً، يشمل هذا وقت الألعاب الأولمبية»، متجاهلاً تكهنات عن أن موسكو ستنتظر حتى نهاية أولمبياد بكين، لتجنّب إقحام حليفتها الصين في الأزمة.
وتابع بعد اجتماع مع نظرائه ضمن تحالف «الحوار الأمني الرباعي» الأسترالي والهندي والياباني (كواد)، في ملبورن: «ببساطة، لا نزال نرى مؤشرات مقلقة تنذر بتصعيد روسي»، مشدداً على أن الولايات المتحدة «تفضّل، وبذلت جميع الجهود الممكنة من أجل حلّ الخلافات مع روسيا ديبلوماسياً».
وأضاف: «لكن في الوقت نفسه، كنّا واضحين جداً بشأن بناء الردع وبناء الدفاع، والتوضيح لروسيا أنها إذا اختارت المسار العدواني من جديد، فستواجه عواقب كبيرة».
ويأتي إعلان بلينكن في وقت دعا فيه الرئيس الأميركي، جو بايدن، مواطنيه إلى مغادرة أوكرانيا على الفور، تزامناً مع إعلان المبعوث الروسي، دميتري كوزاك، أمس، أن المباحثات التي أجرتها مجموعة النورماندي، والتي تضمّ روسيا وألمانيا وأوكرانيا وفرنسا، لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية في ما يخصّ نزع فتيل الأزمة الأوكرانية- الروسية.
وتتزامن هذه التصريحات مع بلوغ التوترات بين كييف المدعومة من الغرب وموسكو مستويات غير مسبوقة. فبعد مرور نحو ثماني سنوات على إعادة روسيا ضمّ شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ودعمها لمقاتلين انفصاليّين في دونباس في شرق البلاد، أصبحت الجمهورية السوفياتية السابقة محوراً للصراع، في ما قد تكون أخطر مواجهة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
وما فاقم التوتّر أخيراً، اتّهام حكومات غربية موسكو بحشد نحو 100 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا استعداداً لغزو محتمل، فيما تنفي موسكو هذه المزاعم، وتؤكّد أن تحرّك قوّاتها يهدف إلى حمايتها من التوسع الغربي باتجاه حدودها.
وفي محاولة لحلّ النزاع بالأساليب السلمية، أصدرت وزارة الخارجية الروسية في 17 كانون الأول، مشروع اتفاقية حول ضمانات أمنية بين روسيا والولايات المتحدة ومشروع اتفاقية حول ضمان أمن روسيا والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، تشمل الحدّ من التوسّع الغربي باتجاه حدودها، وعدم ضمّ أوكرانيا إلى الحلف، والإبلاغ عن التدريبات الأمنية مسبقاً وغيرها. وأجريت مفاوضات عدّة حول هذه المطالب، أبرزها في كييف، من دون التوصّل إلى نتيجة واضحة أيضاً، وسط إرسال قوات غربية إلى أوروبا الشرقية، وتلويح مستمر بفرض عقوبات قاسية على موسكو.