رفض السينمائيون التونسيون قيام المنتج اللبناني صادق أنور الصباح بمنح جائزة من ماله الخاص للسينمائيين الذين سيشاركون في مهرجان قرطاج السينمائي الذي سيقام ما بين الثلاثين من الشهر الحالي والسادس من تشرين الثاني القادم وقادوا حملة ضد تكريمه في المهرجان أدت إلى إلغاء وزيرة الثقافة التونسية بند التكريم.
لقد نجح السينمائيون التونسيون مع جمعيات تعنى بالشأن السينمائي والثقافي في فرض التراجع عن تكريم المنتج الصباح الذي كان مقرراً في الدورة الثانية والثلاثين من «أيام قرطاج السينمائية» المقررة في 30 من الشهر الحالي حتى 6 تشرين الثاني. إذ قررت وزيرة الثقافة التونسية حياة قطاط رفض منح جائزة باسم المنتج اللبناني في الدورة في إطار الجوائز الموازية.
ويبدو أن قرار منح جائزة موازية يموّلها المنتج اللبناني كان مثار جدل بين أعضاء هيئة المهرجان، والتأثير الكبير في هذا القرار كان لمدير المهرجان رضا الباهي الذي تربطه بصادق أنور الصباح علاقة صداقة قديمة. وقد اتّهم بالمحاباة وخرق النظام الداخلي للمهرجان وقانونه الأساسي وعدم استشارة وزارة الثقافة في بعث هذه الجائزة وإضافتها إلى قائمة الجوائز الموازية.
ويرى عدد من النقاد أن رفض عدد كبير من السينمائيين والنقاد والإعلاميين و«حركة نوادي السينما» والسينمائيين الهواة لهذه الجائزة الممولة من الصباح يعود أساساً لأسباب موضوعية. فـ «أيام قرطاج» عرفت منذ تأسيسها في 1966من القرن الماضي بأنها منصة للسينما الجادة ذات مضامين التحرر الاجتماعي والسياسي وقضايا المرأة والعدالة الاجتماعية. كما عرفت بأفلام ذات جمالية عالية وغير مرتبطة بما يطلبه الجمهور، بعيداً عن النزعة التجارية في حين أن المنتج اللبناني صادق أنور الصباح معروف بتمويله لأعمال تجارية من أفلام ومسلسلات لا علاقة لها بالقضايا الإنسانية فهي أعمال للسوق فقط، وهو سر الرفض الكبير الذي لقيته مبادرته بمنح جائزة قيمتها حوالي 6 آلاف دولار
فالجوائز الموازية في «أيام قرطاج السينمائية» تمنحها منظمات ذات تاريخ طويل في الدفاع عن قضايا العدالة الاجتماعية والمرأة وحرية التعبير مثل جوائز «الاتحاد العام التونسي للشغل» و«النقابة الوطنية للصحفيين» و«مركز الدراسات والبحوث والتوثيق حول المرأة ـ الكريديف» و«الرابطة التونسية لحقوق الإنسان». وحجم رد الفعل من السينمائيين الذين اقترحوا رضا الباهي لإدارة المهرجان في سنة 2018 يكشف عن عمق الحضور الذي تمثله «أيام قرطاج» كمكسب ثقافي وسينمائي ظل محافظاً على سمعته ومضامينه الجادة رغم كل التحولات التي تعيشها المنطقة العربية والأفريقية. ويبدو أنّ رضا الباهي لم يكن يتصور رد الفعل الذي أثاره إعلانه عن تخصيص جائزة ممولة من منتج تتعارض اختياراته كلياً مع فلسفة المهرجان وهويته