كررت إسرائيل عدوانها على سورية أول أمس خارقة كل الأعراف والمواثيق الدولية، ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي، وشرعة الأمم المتحدة، هذه كلها متوقعة ومعروفة فالعالم أعور، وشرعة الأمم المتحدة تطبق على الضعيف، لكن الذي يخالف كل الأعراف السياسية والخطوط العريضة للتحالفات الدولية هو موقف الأصدقاء والحلفاء من الاعتداءات المتكررة على سورية، فلا موقف حتى الإدانة الدبلوماسية غير موجودة، لماذا!!؟؟، هذا ما لا تفسير منطقي له إلا بالدخول في باب سوء النوايا.
لا اعتقد بان أحدا يطلب من الحلفاء بإزالة إسرائيل من الوجود، ولا حتى بطلقة مدفع عليها، لكن المنطقي أن يمارسوا ضغوطا دبلوماسية، وحتى اقتصادية لحماية حليفتهم، وهذا لا يساوي واحدا بالمليون مما تفعله الولايات المتحدة لحماية حليفها المعتدي “إسرائيل”، فكيف لو كان هذا الحليف هو من يتعرض للهجمات!!؟؟.
إن إسرائيل مهما سعى العالم كله لتجميل وجهها العدواني، تبقى كيانا قائما على العدوان، وبدون العدوان المستمر على العرب، وخاصة الفلسطينيين وجوارهم لا يمكنها الاستمرار، لأن كنه وجودها عدواني بامتياز، وهو مجسد بوضوح في نشيدها الوطني الذي يقف له المطبعون من العرب باستعداد، كما يقول هذا المقطع من هذا النشيد: « ليرتعد كل سكان مصر وكنعان وبابل، ونرى دماءهم تراق ورؤوسهم مقطوعة»، تحت هذه العبارات وأخرى أقسى منها يقف سفراء وزوار فلسطين المحتلة من عرب التطبيع باستعداد، وهم يسمعون الدعوة لقتلهم!!، لكن ليس هذا المهم لان هؤلاء من سقط المتاع، بل المهم أن جوهر وجود إسرائيل هو العدوان، والاحتلال، والتشريد، والقتل، ومع ذلك لا نسمع كلمة إدانة لا من صديق، ولا من حليف، ولا من عربي، ولو من باب رفع العتب، والأنكى من هذا فان أصواتا كثيرة ترتفع في الغرب، وخاصة في أمريكا مطالبة بحذف بعض الآيات القرآنية لان فيها دعوة للجهاد ضد من اخرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم من دياره، وتنهي في الوقت نفسه عن العدوان،«ولا تعتدوا لأن الله لا يحب المعتدين»، وتصم آذانها عن هذا النشيد، الذي هو شعار دولة يدعو لقتل أبناء الدول العربية المجاورة، وما بعد المجاورة لفلسطين التي اغتصبت وشرد شعبها، فهل من سخرية بعد هذا!!؟؟.
فشل الحرب الإرهابية على سورية من أهم أسباب العدوانية الصهيونية عليها
وإذا أمعنا النظر في الوضع الذي بدأت فيه الاعتداءات المباشرة على سورية نجد أنها بدأت بعدما حقق الجيش العربي السوري وحلفاؤه انتصارات حاسمة على الحرب الكونية الإرهابية التي شنت على سورية منذ عشر سنوات مضت، وكانت بقيادة أمريكا وإسرائيل وتركيا، التي ومن خلال قراءة تاريخ غزو آل عثمان للمنطقة وحتى الآن، نجدها تفوق إسرائيل بعدوانيتها، وأطماعها، وحقدها على كل شعوب المنطقة وخاصة العرب، والأرمن، والسريان، وطبعا قامت هذه بتمويل من ملوك ومشايخ وأمراء السعودية والخليج، وبمساعدة من ملك الأردن، فبعد هذه الانتصارات الحاسمة، وانحسار مناطق سيطرة الإرهابيين إلى بقع صغيرة محمية من أمريكا وتركيا، كان لا بد من أن تباشر إسرائيل الحرب بيديها بدلا من قفازات الإرهابيين الفاشلين، وبدعم ومساندة من نفس الذين شنوا الحرب ومولوها، أما ما تدعيه من أكاذيب مثل محاربة التواجد الإيراني المزعوم في سورية، فيدعو للسخرية، فسورية معادية للكيان الصهيوني المسمى إسرائيل منذ قبل وجوده كيانا وخاضت حروبا ضده بالتحالف مع مصر في بعضها، انتصرت في البعض ولم يحالفها الحظ في البعض الآخر، لذلك فهي لا تحتاج لمن ينبهها على خطورة إسرائيل، وضرورة الاستعداد لرد عدوانها، واسترجاع الحقوق السورية والفلسطينية والعربية مهما طال الزمن، أو قصر، ثم إذا كانت إسرائيل تريد الحرب على إيران فالعنوان واضح، وليس ببعيد، والأهم من هذا وذاك أنه لا توجد قوات إيرانية في سورية، ربما يتواجد مستشارون، وفي العادة فان تواجد المستشارين لا يكون حيث تسدد إسرائيل صواريخها، فالكذبة واضحة وضوح الشمس.
العدوان الذي حدث أول أمس جزء من تاريخ طويل من العدوانية الصهيونية ضد سورية، واعتقد بأنه سيستمر، ولن يوقفه إلا رد الحجر من حيث أتي، فالحديد لا يفله إلا الحديد، وعندها سنشهد هرولة الحلفاء والأصدقاء والمحايدين، وحتى الكثير من حلفاء إسرائيل لتبرير الرد، ودعوة الجميع للهدوء والسعي للحل السياسي، لكن دون تحقيقه.
رئيس التحرير احمد بدور