صحيفة الرأي العام – سورية
سوري سياسة

مرشّح يهودي لانتخابات مجلس الشعب السوري

هنري حمرة هو ابن الحاخام يوسف حمرة آخر حاخام يهودي يغادر سوريا (من الويب)

هنري حمرة هو ابن الحاخام يوسف حمرة آخر حاخام يهودي يغادر سوريا (من الويب)

أطلق الحاخام اليهودي السوري الأميركي هنري حمرة وهو أول مرشح يهودي لعضوية مجلس الشعب منذ عام 1947، أطلق عبر صفحة في «أكس»، حملته الانتخابية، وأول وعودها «تعزيز الانتماء والهوّية الوطنية» عبر «العمل على ربط اليهود السوريين في الداخل والخارج بوطنهم الأمّ سورية، عبر مبادرات ثقافية وتعليمية ومؤسّساتية».

كما يعلن عزمه على العمل من أجل «إعادة الاعتبار للجالية اليهودية السورية كجزء أصيل من النسيج الوطني الممتدّ عبر آلاف السنين»، و«بناء جسور تواصل مع أبناء الجالية الموسوية والسورية عامة في الشتات، وتشجيعهم على زيارة وطنهم الأم والمشاركة في نهضته».

ومن أبرز وعود حمرة الانتخابية أيضاً «ترسيخ صورة سورية الجديدة»، عبر «المساهمة في تغيير الصورة النمطية عن سورية باعتبارها بلداً منغلقاً، وإبراز وجهها الجديد المتسامح القائم على التعدّدية والعيش المشترك» و«العمل على تعزيز الدبلوماسية الشعبية لتأكيد أنّ سورية بلد يحتضن أبناء جميع الأديان والمذاهب».

ةكذلك، تركّز حملة الحاخام السوري الأميركي، على «الإسهام في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية؛ في سورية، لا سيّما عبر «العمل ودعم كل الجهود الساعية لرفع عقوبات قانون قيصر»، و«إطلاق مبادرات استثمارية بالشراكة مع رجال الأعمال من أبناء الجالية الموسوية السورية في العالم لدعم الاقتصاد الوطني».

من هو هنري حمرة؟

هنري هو ابن الحاخام يوسف حمرة، آخر حاخام يهودي، يغادر سورية إلى الولايات المتحدة في التسعينيّات من القرن الماضي.

وحمرة الأب، يقود اليوم، مع الابن، جمعية «التراث اليهودي في سورية»، التي أسّسها، وفقاً لموقعها الرسمي، «مجموعة من اليهود السوريين في المغترب»، وتهدف إلى حماية التراث اليهودي في سورية

.

  • الحاخام هنري حمرة مع والده الحاخام يوسف حمرة (من الويب)

وفي حين تقدّم الجمعية زيارة الوفود اليهودية الأخيرة إلى سورية بعد سقوط نظام الأسد كأبرز إنجازاتها، فهي تخصّص في موقعها صفحة كاملة تتحدّث فيها عن تاريخ الحاخام الراحل إبراهيم حمرة، أخ الحاخام الأب يوسف وعمّ الحاخام الابن هنري.

وقد تقدّم هذه الصفحة، وهي الوحيدة ضمن قسم «التاريخ» في موقع الجمعية، فكرة عن ماهيّة «الإرث اليهودي السوري» التي تعمل على تأريخه والحفاظ عليه، بل ويتعهّد هنري بإعادة إحيائه.

رحلة الحاخام العمّ إبراهيم حمرة… من سورية إلى إسرائيل

وقد كان الحاخام إبراهيم حمرة، من آخر الحاخامات المغادرين من سورية في عام 1994، عقب الاتفاقية التي أبرمها الرئيس السوري السابق حافظ الأسد مع الولايات المتحدة، وسمح عبرها ليهود سورية بالرحيل، شرط المغاردة إلى أميركا حصراً، وليس إلى فلسطين المحتلة.

وقبل ذلك، تمتّع إبراهيم، بعلاقة مميزة من نظام الأسد ومع أجهزته الأمنيّة. وترأّس المجتمع اليهودي في سورية منذ 1960، وعُيّن كنائب عن الحاخامات الرئيسيين في دمشق في 1972.

وقبل مغادرته دمشق إلى بروكلين في نيويوك، عمل إبراهيم، بشكل سرّي مع جهاز «الموساد» الإسرائيلي في أثناء التسعينيّات على تهريب التّحف اليهودية من سورية إلى فلسطين لمحتلة، ومن أبرزها نسخ نادرة من التوراة اليهودي تُعرف بـ«تيجان دمشق»، عمرها مئات السنين.

  • وصول الحاخام إبراهيم حمرة إلى إسرائيل (من الويب)

وفي العام نفسه، تحديداً في 18 تشرين الأول 1994، وصل الحاخام إبراهيم إلى فلسطين المحتلة، واستقبله وزير خارجية العدو آنذاك شمعون بيريز، حيث تحدّث عن تطلّعه لـ«علاقات جديدة في الشرق الأوسط».

توفي الحاخام الأخ إبراهيم حمرة في 2021، ودُفن في مدينة «حولون» جنوبي تل أبيب، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

هل يتّبع هنري نهج عمّه؟

لا توجد علاقة موثّقة وعلنية بين الحاخام إبراهيم وابن أخيه الحاخام هنري، سوى منشور عبر صفحة «المركز الدولي للتراث اليهودي السوري» (الذي أسّسه إبراهيم في 2016) تظهر صورة حاخامات دمشق، نُشرت، كما توضح الصفحة، بإذن من هنري حمرة.

ورغم ذلك، فإنّ الأهمّية التي توليها جمعية التراث اليهودي في سورية، التي يقودها الأب يوسف والابن هنري، والتي تتولّى تنسيق ومتابعة وترويج زيارات الجالية اليهودية السورية إلى البلاد مؤخّراً، تُثير العديد من علامات الاستفهام، خصوصاً في ظلّ ارتباط الحاخام إبراهيم بإلكيان الصهيوني، وعلاقته المميّزة بسلطة الاحتلال ورؤسائها المتعاقبين منذ 1994.

هنا، تجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ الزيارة الأولى للوفد اليهودي إلى سورية، بعد سقوط النظام في شهر شباط الفائت نُظّمت من قبل «فريق الطوارئ السوري»، بإدارة السوري الفلسطيني مُعاذ مصطفى، الذي رافق الوفد، وسبق أن التقى الحاخام إبراهيم في أثناء زيارته إلى «متحف الولايات المتحدّة التذكاري للهولوكوست» في 2017، عندما تولّى ترجمة جلسة حوارية في هذا الخصوص، نظّمتها جمعية الحاخام إبراهيم.

في زيارته الأولى إلى دمشق في شباط، كشف الحاخام الأب يوسف، أنه حاول العودة إلى البلاد قبل سقوط نظام الأسد، غير أنّ بشار الأسد منعه من ذلك.

وادعى أن السلطة السورية الحالية عملت، على تسهيل الزيارة، بل وأمّنت لهم الحماية.

وفي حين أنّ حقّ أبناء الطائفة الموسوية (كما يُطلق على أبناء الديانة اليهودية في سورية)، بالعودة إلى بلادهم هو حقّ لا يمكن إنكاره، غير أنّ مسألة كهذه يجب أن تُقارب بحذر شديد، خصوصاً في ظلّ هجرة العديد من اليهود السوريين الأصل إلى فلسطين المحتلة، والعلاقات التي بنوها مع سلطات الاحتلال، أو مع أشخاص مرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر معها، مع العلم أنّ حال الحاخام إبراهيم ليست منفردة، بل يوجد العديد مثلها.