
ترى إدارة ترامب في أزمة عناصر «القسّام» في رفح فرصةً لتطبيق «نموذج» عملي لنزع سلاح المقاومة (أ ف ب)
وزّعت الولايات المتحدة رسمياً، أمس، على أعضاء «مجلس الأمن» مشروع قرار يدعو إلى تأييد خطّة شاملة لإنهاء الصراع في غزة. ويستند المشروع إلى ما باتت تُعرف بـ«خطّة ترامب» المؤلّفة من 20 بنداً، والتي تهدف إلى إعادة هيكلة الواقع السياسي والأمني في القطاع، وذلك عبر إنشاء هيئات انتقالية، وتكليف «قوة دولية» بفرض الاستقرار هناك، وصولاً إلى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة «حماس».
وحسب وكالة فرانس بريس ينصّ القرار، المؤلّف من ثلاث صفحات، على تشكيل هيئة حاكمة انتقالية تُعرف باسم «مجلس السلام»، تُمنح وضعاً قانونياً دولياً، لكنها لا تتبع «الأمم المتحدة»، وتتولّى تنسيق التمويل ووضع الإطار العام لإعادة إعمار القطاع، كما يُكلَّف المجلس بـ«إقرار الترتيبات اللازمة» لتنفيذ الخطّة، بما يشمل إنشاء «كيانات تشغيلية» للإشراف على الحكومة الانتقالية، وتقديم الدعم لـ«لجنة فلسطينية تكنوقراطية» مستقلّة وغير حزبية تتولّى الإدارة المدنية اليومية في غزة. كذلك، يقترح المشروع إنشاء «قوة دولية مؤقّتة لتحقيق الاستقرار» في القطاع، مخوّلة باستخدام «كل الوسائل الضرورية» لتنفيذ مهامها، بما لا يستثني «نزع سلاح الفصائل وتدمير البنية التحتية العسكرية ومنع إعادة بنائها». ويُفترض أن تعمل هذه القوة بالتنسيق مع “إسرائيل” ومصر، وبالتوازي مع تشكيل «جهاز شرطة فلسطيني» جديد يتمّ تدريبه والتحقّق من كفاءته. ويمتدّ تفويض «القوة الدولية» لعامين، يتخلّلهما تنفيذ عملية «نزع السلاح الكامل»، وضمان «استقرار الوضع الأمني». كما ينصّ القرار على مطالبة «البنك الدولي» بإنشاء صندوق تمويل لإعادة إعمار غزة حتى نهاية عام 2027.
في هذا السياق، نقلت وسائل إعلام عن مسؤول رفيع في إدارة الرئيس دونالد ترامب، لم تسمّه، قوله إنّ بلاده أعدّت مشروع القرار «استناداً إلى النقاط العشرين المذكورة في الخطّة»، وإنها تواصلت مع الدول المحتملة مشاركتها في القوة الدولية، و«صاغت التفويض بناءً على ملاحظاتها». وأضاف المسؤول أنّ «الدول التي أعربت عن رغبتها في المشاركة مرتاحة للغة المشروع»، مشيراً إلى أنّ القوة الدولية «ستحلّ عملياً محلّ الجيش “الإسرائيلي”» في القطاع. وتابع: «إذا تمّت عرقلة القرار، فستكون النتيجة عودة إلى جهنم بالنسبة إلى سكان غزة». ولفت المسؤول إلى أنّ «الناس في غزة بحاجة إلى المساعدات، والناس في “إسرائيل” بحاجة إلى الأمن، وحماس وافقت على نزع سلاحها»، متحدّثاً عن وجود «تكنوقراطيين مستعدّين لاستعادة الخدمات الحكومية في غزة، وآليات تمويل جاهزة للعمل، ودول مستعدّة للتّبرع».
بحسب نص المقترح، فإنّ القوة الدولية ستحلّ محلّ جيش الاحتلال
ومن جهتها، أفادت البعثة الأميركية لدى «الأمم المتحدة»، بأنّ السفير مايكل والتز، اجتمع مع الأعضاء المنتخبين في «مجلس الأمن»، بحضور سفراء مصر وقطر والسعودية وتركيا والإمارات، ما يشير إلى «دعم إقليمي» للمبادرة. وأكّدت البعثة أنّ «المشروع يجيز القوة الدولية المشار إليها في خطّة ترامب». أمّا المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، فعبّر عن أمله في «التزام حماس بنزع سلاحها»، واصفاً خطّة بلاده بـ«الرائعة والأفضل من أي خطة سابقة»، مشدّداً على أنّ نزع السلاح «يحتاج إلى القوة الدولية لتَسلُّم السلاح».
وفي المقابل، نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، دعم تل أبيب «الحذِر» للمشروع، وتشديده على ضرورة منح القوة الدولية «صلاحية التحرّك لنزع سلاح حماس». وجاء هذا في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنّ إسرائيل ستبقى في غزة إذا لزم الأمر «لفرض نزع السلاح ومنع عسكرة القطاع»، معتبراً أنّ خطّة النقاط العشرين «عزلت حماس فعلياً»، وأنّ نزع سلاح الحركة «يمكن أن يُنجز بالطريقة السهلة عبر القوة الدّولية، أو بالطريقة الصعبة عبر الجيش الإسرائيلي».
على خطّ موازٍ، كشف موقع «أكسيوس»، أنّ إدارة ترامب، ترى في أزمة عناصر «القسام» الموجودين في أنفاق مدينة رفح فرصةً لتطبيق نموذج عملي لنزع سلاح «حماس». وأفاد الموقع بأنّ «الإدارة الأميركية اقترحت على “إسرائيل” السماح للمقاتلين المحاصرين في الأنفاق بالاستسلام وتسليم أسلحتهم لطرف ثالث (مصر، قطر، أو تركيا)، مقابل منحهم عفواً عاماً ومن ثمّ نقلهم إلى مناطق أخرى داخل غزة، تمهيداً لتدمير الأنفاق». وبحسب «أكسيوس»، فإنّ رئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم قالن، يشارك في الوساطة بناءً على طلب أميركي، وقد التقى في إسطنبول وفداً من «حماس» برئاسة خليل الحية لبحث المقترح المذكور.
وفي السياق نفسه، أفادت وكالة «رويترز»، بأنّ الوسطاء المصريين «اقترحوا تسليم المقاتلين أسلحتهم لمصر، مقابل ممرّ آمن ومعلومات عن شبكة الأنفاق لتسهيل تدميرها». وأشارت الوكالة إلى أنّ مقاومي «حماس» في رفح «ربما لم يكونوا على علم بوقف إطلاق النار القائم منذ شهر، ما يعقّد الوضع». وذكرت أنّ المفاوضات لا تزال جارية، في حين يُنتظر الموقف الرسمي لكل من «حماس» وإسرائيل من المقترح.
لكن في المقابل، نقل «أكسيوس» عن مسؤول صهيوني قوله، إنّ «بعض مقاتلي حماس في أنفاق رفح لا يمكن العفو عنهم»، وإنه «إمّا يُقتلون أو يستسلمون ويُحتجزون لدى الجيش “الإسرائيلي”». ومع ذلك، ذكرت تقارير عبرية أنّ رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، أبدى استعداده للنظر في السماح بخروج نحو 200 من مقاتلي «حماس» من الأنفاق، «مقابل تسليم جثة الجندي الإسرائيلي هدار غولدين»، المحتجزة منذ عدوان 2014.

