صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة عربي قضايا عربية

وقف «لفظي» للنار: الكيات يواصل القتل… بغطاء «ترامبي»

تقرير إخبار إعداد أحمد بدور

زحمة كبيرة عند نقطة لتوزيع المساعدات قرب محور «نتساريم» في وسط قطاع غزة (أ ف ب)

زحمة كبيرة عند نقطة لتوزيع المساعدات قرب محور «نتساريم» في وسط قطاع غزة (أ ف ب)

سعى الكيان الصهيوني إلى ذرّ الرماد في عيون العالم، حينما أصدر جيش الاحتلال قراراً بتقليص العمليات وقصرها على «الجهد الدفاعي»، استجابة لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي طالبه على الملأ بوقف إطلاق النار في قطاع غزة فوراً. وجسبما أوردت وكالة فرانس بريس ووسائل إعلام أخرى بدا واضحاً، في صبيحة اليوم الأول بعد إعلان ترامب، أن هدوءاً نسبياً حكم الميدان، خصوصاً في مدينة غزة التي تراجعت منها الدبابات الصهيونية إلى خطوط خلفية، واقتصر القصف على المدفعية. غير أن خديعة تقليص العمليات لم تدم طويلاً؛ فمساء أول من أمس، دمّرت الطائرات الحربية منزلاً لعائلة عبد العال في حي التفاح على رؤوس سكانه، حيث قضى أكثر من 19 شهيداً من المدنيين تحت الركام.

وعندما مرّت الجريمة من دون أن تثير حفيظة أحد، لا بل مع تقدير ترامب في عدة تصريحات لاحقة أن “إسرائيل” أوقفت النار فعلاً لتهيّئ الميدان لعملية تبادل الأسرى، فتح جيش الاحتلال النار على الغارب. وهكذا، شهد أمس استعادة كاملة لنسق إطلاق النار الذي سبق ليل الجمعة – السبت، علماً أن يوم السبت سجّل استشهاد 72 فلسطينياً جراء غارات طاولت مناطق القطاع كافة، بينهم 42 شهيداً في مدينة غزة وحدها.

ومنذ صباح أمس، شرعت المدفعية في دكّ جميع مناطق مدينة غزة، من شارعي الجلاء والنصر شمالاً حتى الثلاثيني جنوباً. كما نسف العدو كل مباني جامعة الأزهر في منطقة المغراقة جنوب المدينة؛ وشنّت طائراته الحربية العشرات من الغارات على أحياء الشجاعية والرمال والصبرة.

وتيرة النيران تضاعفت عمّا كانت عليه في أيام الإبادة التي سبقت طلب ترامب وقف إطلاق النار


وعند نقاط توزيع المساعدات الأميركية، سُجّل استشهاد 4 مواطنين في نقطة الشاكوس شمال غرب مدينة رفح جنوب القطاع. كما شهد شارع النفق في مدينة غزة عمليات نسف وتدمير واسعة لمنازل السكان بواسطة العربات المفخّخة. كذلك؛ قصفت الطائرات الحربية منزلاً مأهولاً لعائلة سكيك في حي الرمال، ما تسبّب في وقوع سكانه بين شهيد وجريح ومفقود. ووفقاً لمصادر ميدانية، فإن وتيرة القصف الصهيوني وعمليات النسف تضاعفت، أمس، عمّا كانت عليه في أيام الإبادة التي سبقت إعلان الرئيس الأميركي ضرورة وقف إطلاق النار فوراً.

ومع ساعات مساء أمس، تصاعدت الغارات الجوية والمدفعية، مستهدفةً المناطق الشرقية لحي التفاح. كما أطلقت مُسيّرات من نوع «كوادكابتر» قنابل متفجّرة على مدرسة «أسماء» التي تؤوي نازحين في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. وعاودت الطائرات المُسيّرة، أيضاً، استهداف تجمّعات المواطنين في شارع النفق شمال شرق المدينة، في حين سجّلت الطواقم الطبية إصابة 5 أشخاص في استهداف تجمعات المواطنين في حي الصبرة جنوب المدينة.

وفي غضون ذلك، أكّد رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، في تصريح أدلى به من محور «نتساريم» وسط القطاع، أنه «لا يوجد وقف لإطلاق النار، لكنّ الوضع العملياتي تغيّر». وأضاف: «المعركة لم تنته. علينا أن نبقى يقظين ومستعدّين للدفاع. وأن نتهيّأ لاستئناف القتال في لحظة، إذا أُطلق سراح المخطوفين. نحن هجوميون وندمّر العدو وهو في طور التشكّل». ولفت إلى أن «الهدف أن لا نسمح لحماس بأن تستمر كهيئة سياسية وعسكرية في غزة. وإذا دعت الحاجة سنقاتل لتحقيق ذلك. وإذا تم التوصّل إلى اتفاق سيحافظ الجيش على مناطق سيطرة أمامية تتيح مرونة عملياتية كاملة والعودة إلى أي موقع مطلوب».

وفي خلاصة الأمر، لم يغيّر قرار ترامب بوقف القصف من الواقع الميداني، سوى لناحية إعطاء انطباع خادع بعودة الهدوء، بينما تستمر جريمة الإبادة الجماعية في ظلام تفرضه المستجدّات السياسية التي تزاحم أخبار الميدان.