قالت صحيفة الأخبار اللبانية أمس ان حركة «حماس» قدّمت أخيرا ردّها على مقترح «باريس 2»، والذي تضمّن إطاراً حاكماً للتفاوض بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني.
وبحسب المعلومات، فإن رد «حماس» عبارة عن مقترح اتفاق، ينص على صفقة تبادل على مراحل، ووقف إطلاق نار مؤقت في المرحلة الأولى يمتدّ لـ42 يوماً، يتحوّل إلى وقف دائم في المرحلة الثانية.
واشترطت الحركة، في المرحلة الأولى، انسحاب قوات الاحتلال من شارعي الرشيد ومحور صلاح الدين للسماح بعودة النازحين ومرور المساعدات إلى شمال قطاع غزة، وضمان حرية التنقّل. كما عرضت الإفراج عن 50 أسيراً فلسطينياً مقابل كل مجنّدة إسرائيلية حيّة، 30 منهم (الـ50) يكونون من أصحاب المؤبّدات، إضافة إلى الإفراج عن النساء والأطفال وكبار السن والمرضى من الصهاينة.
ومع بدء المرحلة الثانية، تشترط «حماس» إعلان وقف دائم لإطلاق النار، قبل أي تبادل للجنود الأسرى الذين يكونون قد تبقّوا لديها. أما في المرحلة الثالثة، فيتضمّن المقترح إطلاق عملية الإعمار الشاملة للقطاع، وإنهاء الحصار.
وأكّد القيادي في «حماس»، أسامة حمدان، في تصريحات إعلامية، أن «الاحتلال يحاول الذهاب إلى قضية الأسرى للالتفاف على ملف إنهاء العدوان»، معتبراً الورقة التي قدّمتها الحركة «واقعية وذات مرونة عالية».
وشدّد حمدان على أن «تبادل الأسرى يجب أن يتم، لكن ليس على حساب القضايا الأساسية وأولاها وقف العدوان». وفي المقابل، وصف مكتب رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، مقترح «حماس» بأنه «غير واقعي»، لكنه أعلن أن وفداً سيتوجّه إلى قطر لمناقشة اتفاق محتمل، في حين أشارت التقارير الإعلامية إلى أن الوفد سيصل إلى الدوحة غداً «اليوم». وفي البيان نفسه، أضاف مكتب نتنياهو أن الأخير «وافق على خطط العملية العسكرية في مدينة رفح»، لافتاً إلى أن «الجيش يستعدّ للمسائل العملياتية ولإجلاء السكان المدنيين».
وكان قد عُقد اجتماع للمجلس الوزاري الصهيوني المصغّر، بعد آخر لـ«كابينت الحرب»، لمناقشة رد «حماس»، فيما من المتوقّع أن يناقش المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، مساء أمس، أو صباح اليوم، القضية نفسها أيضاً، ليقرّر ما إذا كان سيتمّ توسيع تفويض فريق التفاوض الصهيوني، وكيفية ذلك، قبل مغادرته إلى قطر.
وبحسب تقرير أعدّه باراك رافيد، في موقع «أكسيوس»، فإن كبار المسؤولين الصهاينة يعتقدون أنه نظراً إلى وجود فجوات كبيرة بين الطرفين، فإن هناك حاجة أيضاً إلى مرونة إضافية من جانب “إسرائيل”. ويرى هؤلاء أن «المفاوضات يمكن أن تسدّ الفجوة بين الطرفين بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم». ويشير كبار المسؤولين إلى أن «الخلاف الأصعب مرتبط بمطالبة حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي من الممرّ الذي أنشأه جنوب مدينة غزة، والذي يمنع عودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع، وكذلك مطالبة حماس ببدء المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تتضمّن وقفاً دائماً لإطلاق النار».
«البيت الأبيض»: مقترح حماس يقع بالتأكيد ضمن إطار الصفقة التي عملنا عليها
أما الأميركيون، فسرعان ما تلقّفوا ردّ الحركة، وخرجوا ليؤكدوا تفاؤلهم ولو كان «حذِراً». لكن ما بدا لافتاً في حديثهم، هو أنهم اعتبروا أن «مقترح حماس يقع بالتأكيد ضمن إطار الصفقة التي عملنا عليها خلال الأشهر الماضية»، بحسب تصريحات أدلى بها منسّق «مجلس الأمن القومي» في «البيت الأبيض»، جون كيربي، أمس. وأمل كيربي أن تتحرك «محادثات وقف إطلاق النار في غزة في الاتجاه الصحيح»، مضيفاً «(أننا) نشارك عن كثب في المفاوضات في الدوحة ونعتقد أننا يمكن أن نحرز تقدماً (…) وهناك جولة جديدة تشارك فيها الأطراف الأخرى».
وبالنسبة إلى مصر، فإن مسؤوليها يعتقدون أن «الانتقادات العلنية لسياسة نتنياهو والنقاشات التي أجراها مسؤولون إسرائيليين مع نظرائهم الأميركيين في الأيام الماضية، ستلعب دوراً إيجابياً في المفاوضات». وستشارك القاهرة في اجتماعات الدوحة التي قد تستمرّ لأيام ثلاثة، بمشاركة وفدي الكيان الصهيوني والولايات المتحدة. وتوضح المصادر المصرية أن ما سيجري النظر فيه أوّلياً، هو «مدى إمكانية تنفيذ المطالب الفلسطينية بخصوص الأماكن المطلوب انسحاب الجيش الإسرائيلي منها في المرحلة الأولى»، إضافة إلى الدخول في تفاصيل أعداد الأسرى وأسمائهم. وتفيد بأن ما تلقّته القاهرة من اتصالات بعد تسلّم رد «حماس»، تمحور حول «أسماء المجنّدات اللاتي سيتمّ الإفراج عنهنّ، في وقت ظهر فيه تحفّظ إسرائيلي واضح على وضع المقاومة شروطاً في ما يتعلّق بالأسرى الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم». وفي المقابل، فإن ما نقلته القاهرة بشكل مباشر إلى محدّثيها، هو أن «نجاح الصفقة هذه المرة سيرتبط بمدى جدية الطرفين في تنفيذها»، وأن «ما سيجري الاتفاق عليه في الدوحة، يجب أن يكون ملزِماً، وأنه ليس من المنطقي أن يكون هناك استئناف للقتال». ويرى المصريون أن «جدّية ردّ حماس ستشكّل ضغطاً على الإدارة الأميركية التي سبق أن ألقت الكرة في ملعب المقاومة، واتهمتها بتأخير الوصول إلى اتفاق».
على خط موازٍ، بدأت، أمس، أول سفينة تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر ممرّ بحري من قبرص، تفريغ حمولتها البالغة 200 طن، والتي تمثّل حوالى 300 ألف وجبة من الأرز والدقيق والسلع المعلبة، على ساحل القطاع. وأظهرت الصور الجوّية، والصور التي وزّعها الجيش الصهيوني، أن القاطرة التي جرّتها السفينة، يجري تفريغها عبر شاحنات في ميناء تمّ استحداثه خلال الأيام الماضية، في منطقة وسط غزة. وقال جيش العدو إن قواته «انتشرت لتأمين المنطقة»، مضيفاً أن «السفينة خضعت لفحص أمني كامل».