رأت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أنه يحق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان يفتخر بنفسه لأن الهجوم الأوكراني المضاد الذي تحدث الغرب عنه كثيرا وأملوا منه كسر روسيا عسكريا لم يحقق هذه الآمال.
وقالت الصحيفة في تقريراً نشرته اليوم إنه مع اقتراب «الذكرى الثانية» للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، من الصعب «عدم ملاحظة ثقة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنفسه»، بعدما لم يحقق الهجوم المضاد الأوكراني، الذي طال انتظاره، الاختراق الضروري لجعل كييف تفاوض من موقع قوة.
وبحسب الصحيفة، يأتي هذا في وقت تهيمن فيه «الاضطرابات في الشرق الأوسط على عناوين الصحف»، ويتراجع الدعم الأميركي لكييف بسبب «الخلل» في الكونغرس، ناهيك عن أنّ المرشح الأوفر حظاً عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، يميل نحو روسيا. وطبقاً لأصحاب هذا الرأي، فمن حق بوتين أن يعتبر أنّ «الوقت يصب لصالحه»؛ إذ إنّه في خطوط المواجهة، لا مؤشرات تدلّ على أن روسيا تخسر ما يشبه «حرب الاستنزاف» الدائرة. وعلى الرغم من أنّ الاقتصاد الروسي تعرض لـ«ضربة قوية»، فهو ليس في حالة يرثى لها. واللافت، أنّ «قبضة بوتين على السلطة تعززت»، بعد فشل تمرد قائد «فاغنر»، يفغيني بريغوجين، في حزيران الماضي. كما أنّ الدعم الشعبي الروسي للحرب لا يزال قوياً، ولم يحصل انقسام في أوساط النخبة الروسية حول دعم الرئيس الروسي.
وأضافت الصحيفة في المقابل، اصطدمت وعود المسؤولين الغربيين، حول تعزيز صناعاتهم الدفاعية، بالبيروقراطية واختناق سلاسل التوريد. أمّا العقوبات وضوابط التصدير، فقد أضرت بجهود بوتين الحربية «أقل بكثير مما كان متوقعاً». وحالياً، تعمل مصانع الدفاع الروسية على زيادة إنتاجها، علماً أنّ المصانع السوفيتية القديمة «تتفوق على المصانع الغربية»، عندما يتعلق الأمر بالعناصر التي تشتد الحاجة إليها، على غرار قذائف المدفعية. ويلفت التقرير، كذلك، إلى أنّ «التكنوقراط» المسؤولين عن إدارة الاقتصاد الروسي أثبتوا أنهم يتمتعون بمستوى عالٍ من المرونة والدهاء والقدرة على التكيف.
«السحر»
وتابعت الصحيفة إنّ الوضع الراهن يشكّل «تحدياً غير مسبوق» للقادة الغربيين، إذ بعد منع انهيار أوكرانيا وتزويدها بالأسلحة وبالمعلومات الاستخباراتية، حان الوقت للانتقال إلى «استراتيجية طويلة الأجل»، لزيادة الضغط على النظام في الكرملين، والحفاظ على هذا الضغط، مشيراً إلى أنّه يجب التخلي عن «وهم» أنّ أي خطوات قصيرة المدى قادرة على إجبار بوتين على «التخلي عن حربه».
واعتبرت الصحيفة أنّ نوعاً من «السحر» طغى على تفكير القادة الغربيين في كثير من الأحيان، ما دفعهم إلى المراهنة على العقوبات، أو نجاح «الهجوم الأوكراني المضاد»، أو أنّ إرسال أنواع جديدة من الأسلحة إلى كييف سيجبر الكرملين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، أو أنّه ستتم الإطاحة ببوتين في انقلاب قصر.
تكرار تجربة «الاتحاد السوفياتي»
وذكّرت الصحيفة أنّه خلال الحرب الباردة، لم يراهن صناع السياسة الخارجية الأميركية على حصول تغيير مفاجئ داخل الكرملين، أو على انهيار النظام السوفيتي بين عشية وضحاها، بل انتهجوا، بدلاً من ذلك، رؤية طويلة الأمد، لـ«مقاومة نظام خطير والقيام بالاستثمارات المطلوبة في الدفاع الوطني، والقدرات العسكرية لتحالفاتنا»، في إطار سياسة «صبورة ولكن حازمة ويقِظة لاحتواء الميول التوسعية الروسية»، على حدّ تعبير جورج كينان.
وترى الصحيفة: «إنّ سياسة الاحتواء اليوم تعني استمرار العقوبات الغربية، وعزل روسيا دبلوماسياً، ومنع الكرملين من التدخل في سياساتنا الداخلية، وتعزيز الردع والقدرات الدفاعية لحلف (الناتو)، بما في ذلك إعادة الاستثمار المستمر بين الولايات المتحدة وأوروبا في قاعدتنا الدفاعية الصناعية».