تقرير إخباري إعداد أحمد بدور
تظاهرة وسط دمشق مندّدة بالعدوان الإسرائيلي على غزة
تزيد الولايات المتحدة من تهديداتها بالردّ على الهجمات التي تتعرّض لها قواعدها في سورية والعراق، مع الاستمرار بادخال المزيد من الأسلحة والعتاد الى هذه القواعد وخاصة بعد اعتدائها على موقعين شرق سورية مؤخر لكن رد المقاومة يتأخر فقد استهدفت مرّتَين متتاليتَين «قاعدة العمر»، أكبر القواعد الأميركية غير الشرعية في سورية، بستّة صواريخ، سقط معظمها داخل القاعدة، بعد أقلّ من ساعتين على تنفيذ العدوان على بادية الميادين. وقصفت منذ أكثر من أسبوع وحتى الآن، عشر مرّات، هذه القواعد مما أدى إلى إصابة أكثر من 24 جنديا.
في هذا الإطار أكدت مصادر ميدانية في دير الزور، في حديث إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن «الاحتلال الأميركي نفّذ غارتَين في منطقة المزارع بين بلدة القورية ومدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، مستهدفاً مواقع لقوات رديفة وحليفة للجيش السوري»، مبيّنةً أن «هذه هي المرّة الثانية هذا العام التي تتعرّض فيها تلك المنطقة للقصف، بعد استهدافها من طيران الاحتلال مطلع العام الحالي». ونفت المصادر «وجود أيّ مستودعات للأسلحة والذخائر في المواقع المستهدفة، التي هي نقاط تمركز للجنود لحماية المنطقة من هجمات خلايا داعش المدعومة أميركياً» وليس كما ادعى وزير الدفاع الأمريكي بوجود مستودعات عسكرية فيها.
ولعلّ ما ضاعف قلق الأميركيين هذه المرّة، هو زخم الهجمات غير المتوقّع وغير المسبوق منذ بدء حَراك المقاومة في استهداف هذه القواعد في حزيران 2021، والنجاح في الوصول إلى أهداف دقيقة كما حدث في عمليات استهداف «التنف» و«العمر» و«خراب الجير»، والتي أدّت إلى أضرار بشرية ومادية. كما أن قِصر المدّة التي استُهدفت فيها ستّ قواعد (في غضون أسبوع) زاد من حالة الإرباك الأميركية، بخاصة في ظلّ بُعد هذه القواعد بعضها عن بعض، لمسافات تصل إلى أكثر من 250 كيلومتراً بين «العمر» و«خراب الجير» مثلاً، ونحو 800 كم بين «خراب الجير» و«التنف» و«الركبان». ومن هنا، تَبيّن للأميركيين أن لدى المقاومة قدرة عالية على استهداف وجودهم على طول الشريط الحدودي بين سورية والعراق، من اليعربية في أقصى الريف الشرقي للحسكة، إلى التنف على مثلث الحدود مع العراق والأردن، بالإضافة إلى عمق الأراضي السورية في «العمر» و«كونيكو» و«الشدادي».
استمرار الحرب الهمجية على غزة، قد يدفع المقاومة إلى فتح جبهات أخرى واستهداف المصالح الأميركية بصورة أكبر في كامل المنطقة
وكذلك، فإن حقيقة أن الأدوات التي تستخدمها المقاومة في عملياتها، هي محلّية الصنع في الغالب، سواءً كانت الطائرات المسيّرة أو الصواريخ القصيرة المدى، ولّدت إحراجاً في صفوف القيادات العسكرية الأميركية، بعد فشل كلّ أنظمة الدفاع الجوي التي نُصبت منذ آذار الماضي وحتى الآن في القواعد الأميركية كافة في سورة، في صدّ الهجمات ومنع تشكيل خطر على حياة الجنود. وكان قد عمد الأميركيون، بعد حادثة استهداف مطار خراب الجير في آذار الماضي، والتي أسفرت عن مقتل جندي وإصابة ستة آخرين، باعترافهم، إلى تعزيز قواعدهم بأنظمة دفاع جوية، عبر نشر منظومة صواريخ «هيمارس»، ونصب كاميرات مراقبة حرارية ومناطيد متخصّصة بالمراقبة، لتشكيل غلاف دفاعي كفيل بحماية القواعد من أيّ خطر، وفقاً لزعمهم. لكن خلافاً لهذه المزاعم، تمكّنت المقاومة من اختراق تلك التحصينات، والوصول مباشرة إلى القواعد، وتشكيل خطر على حياة الضباط والجنود الأميركيين، وهذا ما دفع واشنطن إلى الإعلان عن إرسال مزيد من المنظومات الدفاعية إلى سورية، في محاولة للحدّ من الخطر الذي تشكّله المقاومة على القواعد هناك.
إزاء ذلك، تؤكّد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أنه «رُصدت تحرّكات غير اعتيادية لقوات الاحتلال الأميركي في غالبية القواعد في سورية، بخاصة القواعد التي تعرّضت لهجوم مباشر في شرق البلاد»، مشيرةً إلى أن القوات الأميركية «بدأت تسيير قوافل أسلحة ومعدّات براً وجواً إلى القواعد الأميركية في سورية، بهدف تعزيز الموقف الدفاعي لهذه القواعد، بعد التصعيد الواضح لفصائل المقاومة ضدّها». وتكشف المصادر أن «نحو 50 شاحنة دخلت في الأيام الثلاثة الأخيرة إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد غير الشرعي، وهي تحمل معدّات وأسلحة وذخائر متنوّعة وُزّعت على قواعد الاحتلال في الحسكة ودير الزور»، مضيفةً أن «مطار خراب الجير شهد هبوط طائرات شحن أميركية لأربع مرّات في يومَين، وهي تحمل معدّات وأنظمة دفاع جوي وجنود، نُقلت بالمروحيات إلى عدّة قواعد ولا سيما العمر وكونيكو والشدادي». وتوضح المصادر أن «من بين المعدّات المستقدَمة صواريخ أفينغر المتخصّصة بالتصدّي لأهداف جوية منخفضة الارتفاع كالطائرات المسيّرة والمروحيات، بالإضافة إلى منظومة ثاد»، متابعةً أن «هذه المعدّات استُقدمت خصيصاً في محاولة لإسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ قصيرة المدى، وهي التقنية التي تستخدمها المقاومة في استهداف القواعد الأميركية»، مرجّحةً أن يكون «قد عُزّز حضور الجنود الأميركيين في سورية بنحو 100 عنصر».
على أن هذه الحركة النشطة، وتنفيذ اعتداء على القوات الرديفة للجيش السوري، لم يستطيعا إيقاف عمليات المقاومة، التي استهدفت قاعدة «العمر»، وقبلها مطار «خراب الجير» وقاعدة «الشدادي» في ريفَي الحسكة الشمالي والجنوبي، وقاعدة «كونيكو» في ريف دير الزور الشمالي، برشقات صاروخية متعدّدة. ومن هنا، يبدو أن المقاومة بدأت الاعتماد على الصواريخ القصيرة والمتوسّطة المدى لاستهداف القواعد، مع توقّعات باستئناف استخدام الطائرات المسيّرة، لاختبار القدرات الدفاعية الجديدة للأميركيين، بعد التعزيزات الأخيرة التي استُقدمت إلى المنطقة. وفي هذا الإطار، ترجّح مصادر مطّلعة «استمرار عمليات الاستهداف للقواعد الأميركية في سورية، رغم كلّ التعزيزات»، مؤكدةً أن «لدى المقاومة البدائل المناسبة لإيصال الرسائل بالنار إلى الأميركيين، ومفادها أن وجودهم في سورية والعراق غير مرغوب فيه وعليهم الرحيل من المنطقة». وتجزم المصادر أن «رسالة التصعيد مستمرّة لتأكيد وحدة جبهات المقاومة، بغضّ النظر عن حجم ردّة فعل الاحتلال الأميركي على ذلك»، مقدّرةً أن «استمرار الحرب الهمجية على أهالي قطاع غزة، قد يدفع المقاومة إلى فتح جبهات أخرى واستهداف المصالح الأميركية بصورة أكبر في كامل المنطقة، للضغط لإيقاف حمام الدم المستمرّ في القطاع».