صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة

التمرّد «العربي» يؤرّق «قسد»: استعدادات لمعركة إلغاء

التمرّد «العربي» يؤرّق «قسد»: استعدادات لمعركة إلغاء

شهدت الأيام القليلة الماضية اشتباكات محدودة بين عملاء أمريكا في منطقة دير الزور وهم ميليشيا قسد والمجموعة المسلحة المسماة المجلس العسكري لدير الزور وهي اشتباكات على خلفيات محاولة قسد تحجيم قوة المجلس الذي يرى البعض أن زعيمه أحمد الخبيل المعروف بـ«أبو خولة» يسعى لتشكيل إمارة عشائرية خاصة به.

فقد أظهرت الاشتباكات التي اندلعت بين «مجلس دير الزور العسكري» و«قسد»، خلال اليومَين الفائتَين، خلافات الطرفَين إلى العلن، بعد أشهر طويلة من انكتامها، في ظلّ توقّعات بتوسع رقعتها، بما يشكّل تهديداً للجسم العسكري لـما تسمى «الإدارة الذاتية». وجاءت الاشتباكات بعدما تعمّد رئيس المجلس، أحمد الخبيل المعروف بـ«أبو خولة»، تسريب تسجيلات صوتية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استهدف من خلالها الضغط على كلّ من «الإدارة الذاتية» و«التحالف الدولي»، في إطار مساعيه لإحباط ما يراه مشروعاً لتذويب قواته في الهيكل العسكري لـ«قسد»، بما يمنع أيّ سطوة عربية يعمل الخبيل منذ فترة طويلة على تنميتها. كما أنها جاءت بعد الإعلان عن لقاء جمع القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، و«أبو خولة»، في الحسكة، وما أعقبه من ظهور إعلامي للأخير على قناة «روناهي» الناطقة باسم «قسد»، ليعلن «التوصّل إلى توافقات تنهي الخلافات الداخلية». إلّا أنه لم يكد يخرج هذا الإعلان، حتى اندلعت المواجهات التي اعتبرها «المجلس» مؤشّراً إلى وجود نوايا لإنهاء نفوذه في ريف دير الزور، وخصوصاً بعدما حشدت «قسد» قواتها مطلع الشهر الحالي، واستبدلت بحواجز المجلس حواجز تابعة لـ«الأسايش» و«الأمن العام».

تعود جذور هذا الخلاف إلى أيام إسقاط آخر معاقل «داعش» في الباغوز

وتعود جذور هذا الخلاف إلى أيام إسقاط آخر معاقل «داعش» في الباغوز، ومطالبات «مجلس دير الزور» المتكرّرة مذّاك بمنحه نفوذاً في المنطقة، ورفع سطوة «الكوادر» الكردية عن قواته. وتعمّقت هذه الخلافات، حديثاً، مع إبلاغ قائد «أبو خولة»، قيادة «التحالف» بموافقته على الاشتراك في العملية العسكرية التي اقترح الأخير تنفيذها غرب الفرات، لربط البوكمال بالتنف، وهو ما رفضته «قسد». ولم يكتفِ «أبو خولة» بذلك، بل عمل على طرح نفسه قائداً للقوات العربية، التي تنوي الولايات المتحدة تشكيلها لمواجهة المقاومة المتصاعدة ضدّ قواتها في المنطقة، وفرض طوق أمني في محيط القواعد العسكرية غير الشرعية في كلّ من الحسكة ودير الزور.

وعلى هذه الخلفية، اشتغلت «قسد» على إبراز رفض مشاركتها في أيّ عملية عسكرية موجّهة ضدّ الجيش السوري وحلفائه في ريف دير الزور، وذلك من خلال تنظيم جولات للصحافيين، والسماح لهم بإجراء لقاءات مع قادة عسكريين نفوا وجود مثل هكذا نوايا، والتأكيد أن الاستنفار موجّه حصراً ضدّ تنظيم «داعش». أمّا الذروة فقد سُجّلت مع بدء «قسد» مساعيها لإنهاء وجود «المجلس» على امتداد ضفة نهر الفرات، والذي يعدّ خطّ تهريب نشطاً للمحروقات، يوفّر دخلاً مادياً كبيراً للأخير، بعيداً عن تمويل «التحالف» و«قسد»، ما اعتبره «المجلس» مساساً مباشراً بنفوذه المحدود أصلاً.
وفي هذا المجال، تؤكّد مصادر مقرّبة من «مجلس دير الزور»، في تصريح إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن «قيادة قسد والإدارة الذاتية تجاهلت طوال السنوات السابقة كلّ وعودها للتحالف بمنح أبناء المكون العربي صلاحيات مدنية وعسكرية، ما أسّس لاحتقان شعبي يتضاعف يوماً بعد آخر»، مضيفةً أن «وجود كوادر كردية تتحكّم بمفاصل العمل الإداري والمدني والعسكري في أرياف دير الزور، لم يَعُد مقبولاً، ويجب وضع حدّ له، لعدم خسارة الحاضنة الشعبية التي عمل المجلس على اكتسابها طوال الفترة السابقة». وتشير المصادر إلى أن «قيادة المجلس تفاءلت بوجود تسريبات عن نوايا للتحالف الدولي لعبور النهر في اتجاه الضفة الغربية، وأبدت استعدادها للمشاركة في هذه العملية، لكونها هي الجهة المخوّلة الحديث عن منطقة دير الزور، وفق البنية العسكرية لقسد»، متابعةً أنه «في وقت كان ينتظر فيه المجلس دعماً من قسد للسيطرة على المزيد من مناطق ريف دير الزور، تفاجأ باستقدام تعزيزات والضغط عليه للرضوخ لقرار قيادة “الذاتية”». وتلفت إلى أن «المجلس تعرّض لمزيد من المضايقات، من خلال محاولات سحب جزء من صلاحيات المجلس العسكري والمدني، وحصرها بالكوادر الكردية، وهو ما اعتُبر تضييقاً واضحاً على قرار ونفوذ المجلس المحدود أصلاً في المنطقة، لحساب نفوذ الكوادر الكردية المتحكّمة بالقرار».
وترى مصادر ميدانية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «عناصر مجلس دير الزور العسكري لا يملكون أيّ حاضنة شعبية في المنطقة، التي لا تؤيّد أصلاً سيطرة قسد وأسلوب إدارتها المدنية والعسكرية، بدليل الخلافات مع شيوخ ووجهاء العشائر بين الفترة والأخرى»، مشيرةً إلى أن «أبو خولة يعمل على تأسيس إمارة عشائرية وعسكرية لنفسه في المنطقة، وعلى تأسيس قوة عسكرية منفصلة عن قسد، ما استدعى تدخّلاً منها لمنع تطور ذلك، بما يهدّد وجودها هناك».

وتؤكد المصادر أن «قسد ستعمل على فرض نفوذها وسطوتها بالقوة، ولن تتخلّى عن هذه المنطقة، التي تعدّ خزاناً اقتصادياً مهمّاً لها»، متوقّعةً أن «يتحقّق هذا خلال الأيام القادمة، حتى ولو تطلّب عملية عسكرية محدودة». وتلفت إلى أن «التحالف لا يريد خسارة أيّ طرف، ويعمل على محاباة الجانبين، مع ضبابية في موقفه العام في حال تطوّر الخلافات إلى اشتباكات واسعة»، متحدّثة في هذا السياق عن «دوره الضعيف في الاشتباك الذي حصل بين الطرفين في بلدة الصور، والذي انتهى بقرار داخلي من قسد، وليس بضغوطات أميركية».

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق