صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة

أردوغان يطلب لقاء الرئيس الأسد: فلْنسرّع خطوات التطبيع

 تقرير اخباري                    اعداد احمد بدور

أدى انسداد الأفق أمام نوايا السلطان العثماني الصغير رجب طيب أردوغان في عزمه شن عدوان بري على الأراضي السورية، أدى به إلى طرْق باب دمشق بحثاً عن «آلية لتسريع الديبلوماسية». وقد بدا هذه المرّة أكثر صراحةً ووضوحاً، طالباً بشكل مباشر لقاء الرئيس بشار الأسد، ومحدِّداً عنوانَين رئيسَين للتعاون، هما: إبعاد القوى الكردية عن الحدود، وتسريع وتيرة إعادة اللاجئين السوريين.

 فعلى عكْس التصريحات السابقة الخجولة التي أدلى بها مسؤولون أتراك، وعلى رأسهم أردوغان نفسه، حول انفتاح أنقرة على اتّخاذ خطوات تَقارب مع سورية، خرج أردوغان هذه المرّة، بتصريحات مباشرة، كاشفاً عن عرْض قدمّه إلى نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لبدء سلسلة من الاجتماعات بين تركيا وروسيا وسورية، بهذا الخصوص. وقد بدا أمس أكثر تحديداً في حديثه، شرح بشكل مقتضب معالم الخطوات التي يرغب في تنفيذها، والتي تبدأ برفع وتيرة اللقاءات الأمنية، والارتقاء بها إلى مرحلة اللقاء بين وزيرَي دفاع البلدَين ووزيرَي خارجيتَيهما، تمهيداً للقاء مباشر يجمعه مع الرئيس بشار الأسد، لمناقشة القضايا الخلافية وتجاوُزها، مؤكداً أن عرْضه ذاك لقي قبولاً من بوتين.

 وشدّد أردوغان، الذي أدلى بهذه التصريحات إلى الصحافيين خلال عودته من تركمانستان، على ضرورة التعجيل في اللقاء مع الرئيس الأسد بهدف: «محاربة التنظيمات الإرهابية الموجودة في سورية، بخاصة الموجودة في الشمال السوري، والتي تهدّد وتستفزّ بلدنا من هناك» (في إشارة إلى قوات قسد)، واصفاً هذه المسألة بأنها «مشكلة يجب التعامل معها بشكل عاجل».

  وإضافة إلى أن تصريحات أردوغان الجديدة، تعكس حالة الاستعصاء التي وصل إليها مشروع العدوان المنوي القيام به على الأراضي السورية، في ظلّ «الفيتو» الأميركي المفروض عليها في بعض المناطق، وتَواصل الوساطة الروسية بشأنها في مناطق أخرى، فإنها تأتي في توقيت حسّاس بالنسبة لأردوغان ا، الذي يخوض انتخابات رئاسية حاسمة خلال بضعة شهور، يشكّل الملفّ السوري عنصر حسم هامّاً فيها، وسط منافسة تبدو محتدمة هذه المرّة.

 وبدا لافتاً حرص الرئيس التركي على الردّ بشكل غير مباشر على واشنطن، خلال تعليقه على تصريحات المبعوث الأميركي السابق إلى سورية، جيمس جيفري، الذي قال في وقت سابق إن «الولايات المتحدة لا ترى أن عملية الحوار مع دمشق سيكون لها تأثير إيجابي». إذ قال أردوغان إنه لا يتلقّى التعليمات من أحد، مُذكّراً بلقائه الرئيس المصري في قطر أخيراً. واعتبر أن «العامل الحاسم في الخطوات التي سنتّخذها بخصوص سورية ستكون مصالحنا الوطنية، والحفاظ على المنطقة الآمنة التي نسعى إليها ضمن التدابير التي نتّخذها ضدّ التنظيمات الإرهابية»، التي تؤكد تركيا، أن الولايات المتحدة، تدعمها عبر شتّى الوسائل.

 وتناوَل أردوغان ملفّ النفط باستفاضة أيضاً، مشيراً إلى رغبة بلاده التي أعلن عنها سابقاً، في أن تعود الحقول إلى سيطرة الحكومة السورية، ما يعني إصرار أنقرة على خروج واشنطن من سورية، وهو ما من شأنه تعزيز الأرضية المشتركة التي تَبني عليها موسكو خطوات التقارب بين الجانبين.

رئيس الدوما الروسي يعلن استعداد بلاده لعقد مؤتمر لمكافحة الإرهاب بحضور تركيا وسورية

 وبالتوازي مع تصريحات أردوغان، أعلن رئيس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، في أنقرة، في ختام زيارة أجراها الأوّل إلى تركيا والتقى خلالها أردوغان، استعداد بلاده لعقْد مؤتمر لمكافحة الإرهاب يضمّ سورية وتركيا، إلى جانب عواصم عدّة من بينها طهران وبكين. ويبدو هذا الطرح مرتبطاً بالعمل الروسي الحثيث لدفْع التقارب بين سورية وتركيا، إذ يمكن لمؤتمر من النوع المذكور أن يوفّر منصّة ملائمة لإجراء لقاءات ديبلوماسية على مستويات رفيعة، ومناقشة الملفّات العالقة بشكل مباشر.

 ومما يلاحظ أنه بالإضافة إلى دلالاتها في سياق الانتخابات الرئاسية التركية المنتظَرة، تأتي تصريحات أردوغان بالتزامن مع اقتراب انتهاء مفاعيل القرار الأممي حول آلية إدخال المساعدات إلى سورية، والتي تمكّنت روسيا من ربْطها بتقديم دعم لمشاريع «التعافي المبكر»، مقابل السماح بإدخال بعض الدفعات عبر الحدود (من تركيا عبر معبر باب الهوى)، إلى جانب إدخال البقيّة عبر خطوط التماس (من دمشق إلى الشمال السوري). وتتطلّع تركيا، في ظلّ الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي ترزح تحتها، وتدنّي مستويات المعيشة في الشمال السوري، إلى تمديد هذه الآلية، تجنّباً لاضطرابات واجهتْها سابقاً ولا ترغب في تكرارها.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق