تقرير إخباري إعداد احمد بدور
كان إعلان الإرهابي أبو عمر المهاجر الناطق الرسمي باسم تنظيم داعش الإرهابي، عن إطلاق عملية الثأر لزعيمي التنظيم السابقين اللذين قتلتهما أمريكا بقصف من الجو والتي سماها عملية «الثأر للشيخين»، كان هذا الإعلان بمثابة إشارة للبدء بموجة اغتيالات شملت سبع عمليات اغتيال في مخيّم الهول، وعدداً من عمليات الاستهداف والاغتيال في أرياف حلب والرقة ودير الزور، في ما يُعدّ بمثابة إعلانٍ عن بدء مرحلة جديدة، وتوسيع رقعة الاستهداف.
ويبدو أن كلمة المهاجر أعطت مؤشّرات إلى التكتيك الذي سيتبعه التنظيم، بعد تولّي جمعة عوض البدري قيادته، وسط تأكيدات على نيّته إتباع أسلوب شقيقه، أبي بكر البغدادي، في استعادة مركزية القرار، وحصْر القرارات العسكرية والأمنية بإمرته فقط.
وقال المهاجر، في تسجيل بثّته حسابات تابعة للتنظيم على تطبيق «تلغرام»: «نُعلن مستعينين بالله متوكّلين عليه… عن غزوة مباركة، غزوة الثأر للشيخين الشيخ أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، والشيخ المهاجر أبي حمزة القرشي».
ووجّه الناطق رسالةً إلى عناصر وقادة التنظيم من الرجال والنساء في كلّ السجون والمخيّمات، قال فيها إن «إخراجهم من السجون من أولويات تنظيم الدولة»، وإن «تحريرهم بات قريباً»، داعياً إلى «تحرير العناصر المعتقلين من السجون، إما بقوّة السلاح أو بالفدية». وبذلك، يؤكّد المهاجر إصرار التنظيم على اعتبار السجون والمخيّمات أولوية، وعلى أن تحرّكات «قسد» لنقل معتقلي «داعش» من سجونٍ في ريفَي الحسكة الجنوبي، ودير الزور الشمالي، في اتجاه مدينة الحسكة، واتخاذ تدابير أمنية في مخيّم الهول، هو محاولة لمنعه من تحقيق أهدافه، بعد تمكّنه من فكّ احتجاز المئات من عناصره في هجومه على سجن الثانوية الصناعية.
ودعا المهاجر إلى استغلال «الفرصة المتاحة»، قائلاً إن «أوروبا على صفيح ساخن»، في إشارة إلى استئناف شنّ عمليات في القارة العجوز. ومن الواضح أنّ «داعش»، يريد من التهديد بعمليات جديدة لعناصره، إظهار تمكّنه من استعادة جزءٍ من قدراته الأمنية والعسكرية، للتأكيد على تمسّكه بفكره ومواصلة أهدافه الرامية للوصول إلى أوروبا، ومختلف البقاع الأخرى. كما أن تنفيذ التنظيم عدداً من الهجمات في سورية والعراق، هو لإبراز نجاحه في توسيع رقعة وجوده الأمني، على الأقل، في البلدين، وقدرته في مرحلة لاحقة، على استعادة قوّته تدريجياً، وصولاً إلى مرحلة شنّ هجمات تهدف إلى السيطرة العسكرية على الأرض.
وعاد التنظيم إلى استخدام أسلوب الترهيب والتهويل، عبر الادعاءات الكاذبة ومنها الإعلان عن استهداف قاعدة «التحالف الدولي» في حقل العمر بعدد من الصواريخ، للإشارة إلى أن الثأر وصل إلى الأميركيين. إلّا أن هذا الأمر مخالفٌ للواقع، ذلك أنه كان عبارة عن هجوم بالأسلحة الرشاشة على حاجز تابع لـ«قسد» بالقرب من حقل العمر.
تغيير في تكتيكات الاعتداءات
وكان «داعش»، بعد الإعلان عن هزيمته في عام 2019 في سورية والعراق، قد اعتمد إستراتيجية «الذئاب المنفردة»، والقائمة على إعطاء حرية القرار لعناصره منفردين، ليقوموا بنشاطٍ أمني أو عسكري، عبر أوامر يتلقّونها من مسؤول المنطقة حيث يعملون. وعادة ما يتمّ تلقّي الأوامر عبر طريقتين: إمّا بشكل مباشر، أو من خلال رسائل على تطبيق «تلغرام»، وهو الوسيلة الأكثر شيوعاً لدى التنظيم. وقد اعتمد هذه الإستراتيجية في مناطق خارج سورية والعراق، أمّا في هذين البلدين، فاعتمد إستراتيجية «الخلايا»، عبر مجموعات يُراوح عددها بين ثلاثة إلى خمسة أشخاص، تتمّ إداراتها بطريقة لامركزية، وتقوم بعمليّاتها تبَعاً لظروف المنطقة التي تتواجد فيها كلّ خلية. لكن بعد اغتيال القرشي، وتعيين زعيم جديد للتنظيم»، أوحت المؤشّرات بأن «داعش» بدأ بإعادة ترتيب صفوفه، ووضْع هيكلية جديدة للعمل في الفترة المقبلة. وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر أمنية، لـصحيفة «الأخبار» اللبنانية ، أن «التنظيم نقل قيادة عملياته إلى إدلب، كأول قرارات مجلس الشورى التابع له، بعد حادثة اغتيال قرداش». ولفتت المصادر إلى أن «قرار نقل الغرفة إلى إدلب، يعود إلى نجاح أبرز قادة الصف الأوّل في الفرار من سجن الثانوية الصناعية، والوصول إلى إدلب»، موضحة أن «معظم مجلس الشورى باتوا في إدلب، بمَن في ذلك المسؤولَان الأمني والعسكري». من جهة أخرى، أشارت المصادر إلى أن «التنظيم عاد إلى مرحلة مركزية القرار، عبر إصدار أوامر إلى كل القطاعات، وما تُسمّى الولايات، بعدم القيام بأيّ عمل من دون تلقّي أوامر من القيادة«.
ويرى المراقبون أن اختيار إدلب لإقامة زعامات التنظيم الإرهابي يعود إلى «استمرار وجود الغطاء التركي للتنظيم، بدليل مقتل زعيمَيه السابقَين هناك، ولوجود ارتباط إيديولوجي مع عدد من التنظيمات المسلّحة، ما يُعتبر بيئة خصبة لاستعادة نشاطه، وإعادة إنتاج نفسه انطلاقاً من هناك». وكشفت هذه مصادر أن «قيادة داعش أعادت تقسيم القطاعات، بحسب الأهمية، مع تحديد قطاع البادية الممتدّ من شرق مدينة البوكمال وصولاً إلى جبال القلمون وريف مدينة حمص، على أنّه القطاع الأهم». أما بقية القطاعات، فأوضحت المصادر أنها «ما يُسمّى ولاية البركة في الحسكة، ومركزها الأساسي في بادية الروضة جنوب شرق مدينة الشدادي، وقطاع ولاية الرقة ومركزه الأساسي في منطقة المزارع الممتدّة من غرب مدينة الرقة وصولاً إلى مدينة الطبقة»، مضيفة أن «هذا القطاع هو المسؤول، بالتعاون مع قطاع البادية، عن غالبية العمليات التي يقوم بها تنظيم داعش ضدّ الجيش السوري، في مدينة الرقة والبادية«.