21.4 C
دمشق
2024-09-08
صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة

استثمار تركي بالإرهابيين من خلال بيعهم للقتال في أماكن عدة وخاصة أوكرانيا

تقرير إخباري إعداد أحمد بدور

بدأت السلطات التركية باستثمار جديد قديم للإرهابيين الذين شرعت حدودها لهم لدخول سورية، ثم مدتهم بما يلزم للإجرام فيها، بدأت باستثمارهم في مواجهات جديدة كمرتزقة للقتال في الجبهات المشتعلة حاليا، وخاصة أوكرانيا، بعدما كانت قد نقلت المئات منهم إلى ليبيا للعب نفس الدور الذي لعبوه في سورية وهو التخريب والدمار.

 فقد أكدت تقارير صحفية عربية أن هيئة تحرير الشام الإرهابية «النصرة» أقدمت بإشراف تركي مباشر على سلسلة من العمليات الأمنية لتفكيك الفصائل الإرهابية الأخرى في إدلب، والتي تندرج في إطار عملية إعادة الهيكلة الجارية هناك. وبينما يَجري تحويل الإرهابيين السوريّين إلى صفوف «الهيئة»، يُوجَّه المقاتلون الأجانب إلى تركيا، التي تتولّى التصرّف بهم، إمّا عبر توجيههم إلى جبهات جديدة كما أوكرانيا، أو عبر مفاوضة حكومات بلدانهم لتسليمهم لها.

 وقد تسلّمت تركيا، خلال الأسبوعَين الماضيَين، مجموعة من الإرهابيين الذين كانوا مسجونين في سجون «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة)، التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، بعدما أُلقي القبض عليهم خلال حملات أمنية شُنّت في مناطق متفرّقة من إدلب، معظمهم من جنسيات آسيوية انخرطوا في أوقات سابقة في فصائل إرهابية عدّة مرتبطة بتنظيم «القاعدة». وفي وقت ذكرت فيه مصادر متقاطعة أن هؤلاء الإرهابيين سيتمّ إرسالهم في «مهام قتالية» خارج تركيا، وسط ترجيحات بأن تكون وجهتهم أوكرانيا، أشارت حسابات إرهابية على موقع «تويتر» إلى أنه من بينهم مقاتلون أتراكاً حاربوا في صفوف «داعش»، وأعلنت أنقرة بشكل رسمي وصولهم إلى أراضيها، من دون الإشارة إلى الطريقة التي تمكّنت من خلالها من القبض عليهم. إذ نشرت وكالة «الأناضول» الرسمية التركية صوراً لمقاتلَين اثنَين قالت إنّ جهاز الاستخبارات التركي «MİT» ألقى القبض عليهما في عملية أمنية في سورية.

 وبينما ذكرت الوكالة التركية أنّ المقاتلَين (أورهان موران ومصطفى قيليجلي) كانا يخطّطان لشنّ هجمات في تركيا، فنّدت مصادر إرهابية تلك المزاعم، مؤكدة أن هذَين الإرهابيين كانا يقبعان في سجون الجولاني منذ أكثر من عام، وأنهما خضعا لدورات «استتابة» عدّة قبل أن يتمّ تسليمهما لأنقرة ضمن عمليات نقل الإرهابيين القائمة في الوقت الحالي من سجون «هيئة تحرير الشام»، التي شنّت، وما تزال، حملات أمنية مكثّفة على المقاتلين الأجانب، تنتهي باعتقالهم وإخضاعهم لدورات مكثّفة بهدف تغيير قناعاتهم، ضمن برنامج مُعدّ سابقاً يحمل اسم «برنامج الاستتابة»، والذي تقول «الهيئة» إنه يهدف إلى تصويب الأفكار المتعلّقة بما تسميه ـ«الجهاد»، ومحاربة التطرّف. وتعتقد مصادر عدّة أن هذا البرنامج عبارة عن «عملية غسل عقول مدروسة، وترويض للإرهابيين وتوجيههم إلى أهداف جديدة بما يتوافق مع رغبة أنقرة ويخدم مصالحها».

تشرف تركيا بشكل مباشر على سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفّذها «تحرير الشام» لتفكيك الفصائل «الجهادية»

  وتشرف تركيا، بشكل مباشر، على تلك الحملات الهادفة إلى تفكيك الفصائل الإرهابية، وإعادة هيكلة السوريين من عناصرها ضمن قوات الجولاني، التي بدأت تتّخذ شكلاً عسكرياً مؤسّساتياً، في وقت يتمّ فيه ترحيل غير السوريين إلى الجانب التركي بشكل متتابع، لتقوم أنقرة بالتصرّف بهم، سواء عن طريق إرسالهم إلى جبهات قتال جديدة، أو مفاوضة حكومات بلدانهم، وهو ما تتوقّع المصادر أن يتمّ خلال الشهور القليلة المقبلة مع مصر، بعد أن اعتُقل عدد من الإرهابيين المصريين خلال الأسبوعَين الماضيَين، وأُلقي بهم في سجون «الهيئة».

 وقد ولّدت هذه العمليات الأمنية المتزايدة ضغوطاً على الجولاني، خصوصاً أنّ من بين المقبوض عليهم عناصر كانوا حتى وقت قريب مقرّبين من «الهيئة»، الأمر الذي يبدو أنه دفع الأخيرة إلى إطلاق سراح بعضهم لتهدئة الأوضاع الداخلية. ومن بين المطلَق سراحهم مقاتلو تنظيم «حراس الدين»، ذراع «القاعدة» في إدلب، وعلى رأسهم أبو عبد الرحمن الحارثي (المكي)، عضو مجلس شورى التنظيم، وأحد أبرز قادته. ويجري تناقل تحذيرات عبر منابر تابعة للمنظمات الإرهابية من أن يكون الإفراج عن أولئك المقاتلين تمهيداً لتسليمهم بشكل غير مباشر للقوات التركية التي قد تقوم بعمليات اعتقال مباشرة لتبييض صورة الجولاني، وتمتين بيته الداخلي، في وقت ذكرت فيه مصادر ميدانية أنّ الإفراج عن «القاعديين» تمّ بعد قبولهم أن يتمّ نقلهم إلى تركيا، على أن يبقى الحارثي في إدلب في الوقت الحالي.

بوادر تضارب بالمصالح بين الجولاني وتركيا

  ورغم ما يقدمه الجولاني من خدمات جلى للأتراك، فقد بدأت تطفو على السطح بوادر تصادم بالمصالح بين الجانبين، بسبب قيام مسؤولين كبار في منظمة الجولاني الإرهابية بالإشراف على تهريب المخدرات إلى تركيا، وفي هذا الإطار ذكرت مصادر في إدلب، لـصحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن مسؤولين أمنيين أتراكاً عقدوا اجتماعاً مع الجولاني على خلفية تزايد عمليات تهريب المخدرات من إدلب إلى تركيا، حيث سمع الأخير كلاماً قاسياً، خصوصاً أن معظم عمليات الإتجار بالمخدرات تتمّ بإشراف مسؤولين في «هيئة تحرير الشام»، اعتماداً على فتوى أصدرها عدد من شرعيّي «الهيئة» تَعتبر الاستفادة من أموال المخدرات محلّلة في حال تمّ بيع المواد لـ«الكفار»، وهي النقطة التي أثارت حفيظة تركيا التي حذّرت الجولاني من مغبّة اعتبار تركيا «دولة كافرة»، وما يمكن أن يترتّب على ذلك من مخاطر أمنية مستقبلية، وفق المصادر.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق