صحيفة الرأي العام – سورية
اقتصاد

مجلس الأمن يمدد الآلية الحالية لإيصال المساعدات الانسانية الى سورية

مدّد مجلس الأمن الدولي اليوم، العمل بالقرار 2585، الذي يَحصر إدخال المساعدات الخارجية إلى سورية عبر الجكومة السورية، ليتمّ توزيعها عبر خطوط التماس، بالإضافة إلى معبر باب الهوى كمنفذ وحيد للمساعدات العابرة للحدود دون رقابة حكومية. ويأتي ذلك بعد جدل واسع شهده المجلس الأسبوع الماضي، ترافَق مع ضغوط روسية لإعادة التوازن إلى هذه الآلية، الأمر الذي أسفر عن اتفاق ضمني قدّمت خلاله واشنطن تعهّدات بتوفير تسهيلات لدمشق

المتحدّث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، لم يحسم بشكل قاطع، أمر تمديد إدخال المساعدات إلى سورية وفق الآلية التي تمّ الاتفاق عليها في شهر تموز من العام الماضي، حيث تحدّث عن تمديد للقرار الذي كان ينصّ في متنه على العمل وفق الآلية المُحدَّدة لمدّة ستّة أشهر، تتْبعها 6 أشهر أخرى في حال اتّفاق الأعضاء على التمديد، الأمر الذي يعني أن هذه القضية لا تزال قابلة لإعادة الفتح في أيّ وقت قريب، خصوصاً أن روسيا أعلنت خلال الفترة الماضية مراراً رفْضها الطريقة المعتمَدة حالياً، داعية إلى حصْر توزيع المساعدات عبر الحكومة السورية وحدها، ومن المعابر الداخلية على خطوط التماس، وإيقاف إدخالها عبر معبر باب الهوى. الرفْض الروسي، الذي أعاده مندوب موسكو لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، إلى كون الآلية المتبّعة راهناً تمّت عرقلتها، بما أدّى إلى إدخال 48498 شاحنة من خلال «باب الهوى»، مقابل 28 شاحنة فقط عبر خطوط التماس، جاء نتيجة وجود مخاوف من استعمال ملفّ المساعدات لتعميق الشرخ في سورية، وتكريس حالة التقسيم القائمة، نتيجة وجود مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة، وهي النقطة نفسها التي عارضت موسكو لأجلها القرار الذي كان يسمح بإدخال المساعدات عبر أربعة معابر حدودية، ليتمّ في نهاية المطاف الاتفاق على قرار مؤقّت يسمح بإدخالها من «باب الهوى»، بالإضافة إلى خطوط التماس.

 ومع اقتراب الأشهر الستّة المُقرَّرة للمدّة الأولى التي يشملها القرار، مطلع العام الحالي، ارتفعت أصوات عديدة تطالب بفتح معابر حدودية إضافية، بينها معبر اليعربية مع الحدود التركية، الأمر الذي كانت تأمل «قسد» أن يساهم في التخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها مناطق سيطرتها، والدفْع بمشروعها الذي يهدف إلى تثبيت «الإدارة الذاتية» والتفاوض مع دمشق على شكل حكم «فيدرالي»، وهو ما ترفضه دمشق وموسكو. كذلك، عبّرت روسيا عن قلقها من استمرار عملية إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه فصائل متشدّدة (جبهة النصرة)، كونه يضع مصير المساعدات بين أيدي مقاتلي هذا الفصيل، ويشكّل مصدر دخل لهم، «وهو ما يتناقض مع المساعي الدولية للقضاء على الإرهاب، ويعزّز حضور المتشددين». وحاولت واشنطن الضغط لفتح معبر اليعربية، تحت إشراف مندوبين من الحكومة السورية، ورقابة روسية، خصوصاً أن إقليم كردستان العراقي قام بإغلاق جميع المعابر غير الشرعية مع مناطق «قسد»، الأمر الذي زاد من عزلة الأخيرة، وهو ما قوبل برفض روسي، ومراجعة شاملة للأوضاع الحالية دفعت إلى إعادة التفكير جدّياً بإنهاء إدخال المساعدات عبر «باب الهوى».  أمام ذلك، يأتي تمديد العمل بالقرار السابق، من دون إجراء تصويت، بمثابة التفاف روسي – أميركي حول القضية، عبر تأجيل حسمها إلى وقت لاحق، في وقت تمّ فيه تسريب معلومات من مصادر دبلوماسية عن أن واشطن قدّمت تعهّدات لموسكو بإدخال المزيد من المساعدات عبر خطوط التماس ، وتخفيضها عبر الحدود، بالإضافة إلى تقديم تسهيلات لمنظّمات الأمم المتحدة ومنظّمات إنسانية لتنشيط مشاريع «التعافي المبكر»، وغضّ الطرف عن مشاريع اقتصادية عديدة بين سورية ودول الجوار، بينها ملفّ تمرير الطاقة إلى لبنان. وعلى الرغم من ذلك الاتفاق، ثمّة ملفات عديدة لا تزال عالقة قد تتمّ مناقشتها خلال الشهرين المقبلين، أو تأجيلها حتى نهاية الأشهر الستة، ومن بينها الأوضاع التي تعيشها مناطق «قسد»، التي تعهّدت واشنطن بدعمها، وأفشلت المساعي الروسية لوضع الأكراد على طاولة الحوار مع دمشق، بالإضافة إلى مناطق سيطرة القوات التركية شمالي سورية وشمال شرقيّها وشمال غربيّها، وانتشار الجماعات المتطرّفة فيها، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) التي تُحكم قبضتها على ملفّ المساعدات، فضلاً عن ملفّ الطاقة (النفط) الذي تحتكره الولايات المتحدة عبر سيطرتها على منابع النفط السوري وسرقته وتهريبه، ورغبة روسيا في الدفع نحو إيجاد حلّ لهذا الملفّ أيضاً، لما يقدّمه من دفْع كبير في عملية التعافي من الحرب. وهكذا، فإن تمديد العمل بآلية إدخال المساعدات يُعدّ مجرّد تأجيل للقضايا الخلافية، ريثما تَظهر نتائج التعهّدات الأميركية وآثارها على الأرض.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق