اعتبر عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة، اليوم، أن الاتفاق السياسي الذي وقّعه أمس مع رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، «يمهّد لفترة انتقالية ذات أهداف محددة».
وهذا الاتفاق يعالج وضعاً أحدثه البرهان بقيادته انقلابا عسكريا، في 25 تشرين الأول الماضي، واعلان حالة الطوارئ، وحلّ مجلسَي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، ما أثار احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات باعتبارها «انقلاباً عسكرياً».
وخلال مخاطبته ضباطاً في الجيش وقوات الدعم السريع (تابعة للجيش)، قال البرهان إن «الاتفاق السياسي، الذي تم توقيعه أمس، يمهد لفترة انتقالية ذات أهداف محددة، تتمثل في بسط الأمن ومعالجة قضايا معيشة الناس واستكمال مطلوبات السلام مع الاستعداد للانتخابات في يوليو 2023»، وفق بيان للجيش.
وفي هذا السياق، أعلن 12 من الوزراء المعزولين بقرار من قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم، تقديم استقالتهم مكتوبة لرئيس الحكومة الانتقالية، عبد الله حمدوك؛ رفضاً لاتفاق سياسي وقّعه البرهان وحمدوك الأحد، في محاولة لإنهاء الأزمة في البلاد.
والأحد، وقَّع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً بهدف إنهاء أزمة يمر بها السودان منذ نحو شهر، وذلك في ظل ضغوط دولية مكثفة وتظاهرات داخلية متواصلة تطالب بحكم مدني كامل وإنهاء الشراكة في السلطة مع الجيش
وقال حمدوك، أمس، إن توقيعه للاتفاق «مبنيّ على أساس حقن دماء السودانيين»، معتبراً أنه «يساعد على فك الاختناق داخلياً وخارجياً واستعادة مسار الانتقال لتحقيق الديمقراطية».
ويتألف الاتفاق من 14 بنداً، من أبرزها: إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة، وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية)، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معاً لاستكمال المسار الديمقراطي.
ويؤكد الاتفاق أن الوثيقة الدستورية لعام 2019 هي المرجعية الرئيسية خلال المرحلة المقبلة، مع ضرورة تعديلها بالتوافق، بما يضمن ويحقق مشاركة سياسية شاملة لكل مكونات المجتمع، عدا حزب المؤتمر الوطني (المنحل).
وهذه الوثيقة خاصة بهياكل السلطة خلال مرحلة انتقالية يعيشها السودان منذ 21 آب 2019، وتستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق السلام في 3 تشرين الأول 2020
وبينما رحّبت دول ومنظمات إقليمية ودولية باتفاق البرهان وحمدوك، رفضه وزراء معزولون وأحزاب سياسية وائتلافات، بينها قوى «إعلان الحرية والتغيير» وتجمّع المهنيين، كما شهدت مدن سودانية احتجاجات رافضه له.
بلينكن يشيد بالاتفاق في السودان ويحذّر من العنف
وقد أشاد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بالاتفاق محذّراً السلطات من الاستخدام المفرط للعنف ضد المتظاهرين.
جاء ذلك في تغريدة كتبها على حسابه الرسمي على «تويتر»، قال فيها: «التقارير التي تفيد بأن المحادثات في الخرطوم سوف تؤدّي إلى إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، وإعادة رئيس الوزراء حمدوك إلى منصبه، ورفع حالة الطوارئ واستئناف التنسيق، مشجعة جداً».
وأضاف: «أكرر دعوتنا إلى القوات الأمنية بالامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين السلميين».
ترحيب عربي
ورحبت الخارجية المصرية، في بيان، بتوقيع الاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك. وأشادت بـ«الحكمة والمسؤولية التي تحلت بها الأطراف السودانية في التوصل إلى توافق حول إنجاح الفترة الانتقالية»، معربة عن «أملها في أن يمثل الاتفاق خطوة نحو تحقيق الاستقرار المستدام في السودان، بما يفتح آفاق التنمية والرخاء للشعب السوداني».
وأعربت الخارجية السعودية في بيان، عن ترحيب بلادها «بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان من اتفاق»، مشيرة إلى «ثبات واستمرار موقف المملكة الداعم لكل ما من شأنه تحقيق السلام وصون الأمن والاستقرار والنماء في السودان».
كما أعربت الكويت عن «الترحيب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين أطراف المرحلة الانتقالية في السودان»، بحيث أشارت الخارجية الكويتية، في بيان، إلى «استمرار دعم الكويت لكل ما من شأنه الحفاظ على الأمن والاستقرار ويحقق صالح السودان».
ورحبت الإمارات وفق بيان للخارجية الإماراتية، أعربت فيه عن «أمنياتها بالتوفيق و السداد للمكونات السودانية في مسيرتها المقبلة».
وفي ذات السياق، رحّبت مجموعة الترويكا والاتحاد الأوروبي وسويسرا وكندا بالاتفاق السياسي في السودان القاضي بإعادة حمدوك إلى السلطة. وقالت مجموعة الترويكا بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي إنه «من الضروري أن تلبي الخطوات التالية طموحات الشعب».
كما رحّبت تركيا بالاتفاق في بيان صادر عن وزارة خارجيتها الذي قال: «يسعدنا أن رئيس مجلس السيادة في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك اتفقا على العودة لعملية الانتقال في إطار الإعلان الدستوري وعودة حمدوك إلى مهامه مجدداً». وأضاف أن «تركيا تولي اهتماماً بالغاً على أهمية مراعاة تطلعات كافة أطياف الشعب السوداني والحفاظ على السلام والاستقرار في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها السودان».