صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة

افتتاح معبر نصيب هل يؤذن بفسح المجال واسعا أمام التطبيع مع الخليج وتوريد المنتجات السورية إليه؟.

تحليل إخباري              إعداد احمد بدور                     

 تتكهن أوساط مراقبة أن يكون افتتاح معبر نصيب مع الأردن بداية لفسح المجال واسعا أمام المنتجات السورية إلى دول الخليج، التي لم تنقطع عن استيرادها طيلة سنوات الحرب، لكن ليس بشكل مباشر، مشيرة إلى أن الأردن يتولى الآن دور المروج لإعادة العلاقات العربية مع سورية إلى طبيعتها لأسباب اقتصادية خاصة به.

 وتشير الأوساط المراقبة إلى أن العلاقات السورية العربية انتقلت من حالة السكون التي تلت افتتاح السفارة الإماراتية عام 2018، إلى حراك غير مسبوق في الآونة الأخيرة كانت أحدث محطّاته إعادة افتتاح معبر نصيب كنتاج طبيعي لإعادة تأمين الجنوب السوري، وعليه من المتوقّع أن يشرّع فتح معبر نصيب الباب أمام تدفّق البضائع السورية نحو الخليج الذي لم يتوقّف عن استيراد ما يحتاجه من سورية على رغم القطيعة معها، إذ لا يمكن اعتبار الموقف الأردني معزولاً عن توافق عربي، أو بالحدّ الأدنى خليجي غير معلَن حتى الآن، على مثل هذا التطبيع. والسوق الأردنية، وإن كانت متعطّشة للبضائع السورية، لا يمكنها أن تستوعب كلّ هذه المنتجات، ولذا غالباً ما يكون الأردن طريق عبور فقط نحو الدول الخليجية التي لم توقف استيراد الخضار وزيت الزيتون من سورية طيلة سنوات الحرب. وتبدو جملة المواقف العربية الإيجابية، والتي يلعب الأردن دور «رأس الحربة» فيها، مبنيّة أساساً على موقف أميركي غير ممانع لها، وهو تبدُّل بدأه الأميركيون بالموافقة على نقل الغاز المصري نحو لبنان مروراً بسورية، ومن ثمّ الموافقة على توجّه الأردن لتحريك مياه السياسة الراكدة بحجر الاقتصاد، على اعتبار أنه لا يمكن لعمّان أن تتّخذ مثل هذه الخطوات من دون تنسيق مسبق مع واشنطن، خشية من العقوبات المفروضة على سورية التي سبق أن ظهرت مؤشرات إلى أن دولاً عربية في طريقها إلى فتح سفاراتها فيها أسوةً بالإمارات، لكن تشنّج الموقف الأميركي منع ذلك في حينه.

 ويأتي الموقف الأردني المشجع، لا بل الساعي لإعادة العلاقات العربية مع سورية إلى طبيعتها لأسباب خاصة بالأردن من الناحية الاقتصادية، فلم تتمكّن الحكومة الأردنية، طيلة السنوات الماضية، من خلق بديل من الموانئ السورية، على الرغم من وجود معلومات عن أن أطرافاً عربية عمدت، مع بداية الحرب على سورية وفرض القطيعة وعقوبات الجامعة العربية عليها، إلى تقديم ملفّ متكامل إلى الأردن حول الجدوى الاقتصادية للتحوّل نحو الموانئ الفلسطينية الخاضعة لسيطرة الاحتلال الصهيوني، إلا أن عمّان لم تجرؤ على اتخاذ مثل هذه الخطوة خشية من ردّ فعل الشارع، وبقيت السوق الأردنية مخنوقة، إلى أن افتُتح معبر نصيب لأوّل مرّة في تشرين الأول من عام 2018، الأمر الذي أظهر احتياجاً كبيراً من الأردنيين إلى أسواق دمشق ذات الأسعار الأرخص، بالاستفادة من فارق سعر الصرف بين البلدين. وقياساً على ذلك، تبدو السوق الأردنية هي الأكثر احتياجاً إلى دمشق على الرغم من حاجة الأخيرة إلى الطاقة وحواملها. وتؤكد المصادر القريبة من الوفد السوري الذي زار عمّان أخيراً، أن رئيس الحكومة الأردنية أبدى رغبة بلاده في إعادة تطبيع العلاقات على أعلى المستويات، لكن المصادر توضح، في حديث إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن «دمشق تتروّى في الحديث عن تطبيع العلاقة خشية من التبدّل الذي قد ينتج من ضغوط أميركية مفاجئة على عمّان، فالأخيرة، وإنْ كانت قد تحرّكت بعد منحها ضوءاً أخضر من الحكومة الأميركية، إلا أنها أيضاً قد تعود إلى نقطة الصفر إنْ تبدَّل لون الإشارة الأميركية وبات أحمر». وما يعزّز الحذر السوري أن لا ثوابت بالفعل في مواقف واشنطن، فبعد أن كانت نائبة المتحدّث باسم الخارجية الأميركية قد رحّبت بـ«عودة الرحلات التجارية بين سورية والأردن»، عادت لتبلع موقفها وتقول إن واشنطن «تُراجِع القرار».

 صحيفة «الأخبار» اللبنانية نسبت إلى مصادر سورية القول بأن الحديث يدور عن «تعاون في مجال الطاقة البديلة وأتمتة الرّي والاستزراع السمكي»، إضافة إلى تقديم سورية «مسودة علمية وفنية لإمكانية إعادة تفعيل الاتفاقيات المتوقّف العمل بها منذ بداية الحرب». أمّا ملفّ اللاجئين فلا يزال غائباً حالياً عن التصريحات الأردنية، ولا يبدو أن الأمر يتعلّق بموقف رافض من سورية لمثل هذه العودة، خاصة وأنها أي سورية كانت قد عقدت مؤتمرَين لإعادة اللاجئين.

 وتشير المعلومات، في هذا الإطار، إلى أن عودة اللاجئين السوريين من المخيمات الواقعة شمال الأردن سيكون «تحصيل حاصل»، ربطاً بما تشهده المنطقة الجنوبية من تسويات واتفاقيات كفيلة بإنهاء التوتر الأمني في كامل محافظة درعا أولاً، إضافة إلى كون إعادة فتح معبر نصيب أمام نقل المسافرين والبضائع يوم الأربعاء الماضي، تعني بالضرورة أن الطريق مفتوح أمام مَن يرغب من اللاجئين في العودة. وفي السياق نفسه، تقول مصادر معنيّة، لـ«الأخبار»، إن «الحكومة اللبنانية ستكون مضطرة لمراجعة سياساتها بشأن دخول السوريين إلى أراضيها لأنهم سيجدون في مطار عمّان بديلاً من مطار بيروت الدولي للسفر، بعد أن أعلنت المَلَكية للطيران عن تأمينها للنقل البرّي لركابها إلى دمشق». وتضيف المصادر أن «السوريين الذين كانوا مضطرين لزيارة بيروت لمواعيد في السفارات، سينقلون تعاملاتهم نحو السفارات في عمّان، وكلا الأمرين يعني خسارة بالنسبة إلى بيروت».  أما عودة سورية إلى شغل مقعدها في جامعة الدول العربية، فيرى المراقبون أن بداية التطبيع الأردني مع سورية ، إلى جانب مجموع اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية السيد فيصل المقداد في نيويورك، وخاصة لقاءه بوزير الخارجية المصري سامح شكري، قد تعني أن هذه العودة قد تكون قريبة، ويشيرون إلى أن الطريق إليها لم تكن لتُفتح لولا موافقة أميركية مسبقة.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق