المحادثات بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني تتعرض في هذه الأيام إلى خطر السقوط في ظل تهديد الدول لغربية باتخاذ قرار ضد إيران في «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» على خلفية تقرير للوكالة يقول إن إيران زادت من كمية اليورانيوم المخصب ومن درجة تخصيبه.
فالولايات المتحدة تستأنف اليوم، تحرّكاتها الهادفة إلى استكشاف إمكانية بدء جولة جديدة من المحادثات، في الوقت الذي تُعلي إيران تحذيراتها من «موقف غير بنّاء» يمكن أن ينسف أيّ إمكانية من هذا النوع، في وقت تحرص فيه على إبقاء سلاح رفع مستوى التخصيب بيدها، كأداة في أيّ مفاوضات مقبلة
هذا وقدتكثّفت المشاورات الدبلوماسية لاستئناف المحادثات الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، عشية اجتماع مجلس حكّام «الوكالة الدولية للطاقة الذرّية» المتوقّع الأسبوع المقبل، وفي الوقت الذي تصاعدت فيه حدّة الخلافات بين هذه المؤسّسة الدولية وإيران. يبدأ المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، اليوم، جولة يلتقي خلالها المسؤولين الروس في موسكو، بعد أن يجتمع في باريس بمسؤولين فرنسيين وبريطانيين وألمان، وممثّلين عن الاتحاد الأوروبي. وتأتي جولة مالي إثر إعلانه أن بلاده لا يمكن لها أن تنتظر «إلى ما لا نهاية» لتتّخذ إيران القرار بالعودة إلى طاولة المفاوضات، في وقت لوّح فيه وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بأن «واشنطن على وشك التخلّي عن الاتفاق النووي». وبالتوازي مع ذلك، جرى تسريب تقرير صادر عن المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافايل غروسي، أعرب فيه عن القلق ممّا وصفه بـ«تراجع» عمليات الوكالة لمراقبة البرنامج النووي الإيراني، قائلاً إنه «ابتداءً من 23 شباط 2021، ضعفت نشاطات التحقّق والمراقبة بشكل جادّ، وذلك بسبب قرار إيران وقف تنفيذ التزاماتها المتعلّقة بالاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية». وقدّر التقرير امتلاك إيران حالياً نحو 2441 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب، مشيراً إلى أن «هناك 84.3 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصّب بنسبة 20 في المائة. كما أن هناك 10 كيلوغرامات تمّ تخصيبها حتى نسبة 60 في المائة».
وعلى خلفية ذلك، برزت، في الأيام الأخيرة، تصريحات في شأن احتمال تقديم الدول الغربية قراراً ضدّ إيران في مجلس الحكّام التابع للوكالة الدولية، إلّا أن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، حذّر، في اتصال مع رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، من أنه «في حال اتخاذ الوكالة الدولية موقفاً غير بنّاء، فلن يكون منطقياً توقّع أن تُبدي إيران ردّة فعل بنّاءة»، مضيفاً أن «الإجراءات غير البنّاءة تُخلّ بمسار المفاوضات». وفي هذا الإطار، يعتبر الصحافي والمحلّل السياسي الإيراني، هادي خسرو شاهين، أن «صدور قرار مناهض لإيران في الوكالة الدولية، يشكّل خطّاً أحمر بالنسبة إلى طهران»، لافتاً إلى أن هذه الأخيرة «وجّهت في هذا الخصوص، رسائلها إلى الأطراف الأوروبية والروسية والصينية، والتي تتمحور حول أن أيّ قرار كهذا يمكن أن يترك أثراً مدمّراً على المحادثات». ويرى شاهين، في حديث صحفي، أن «إيران تسعى إلى استخدام تطوير برنامجها النووي، كأداة في المحادثات المستقبلية في فيينا»، مضيفاً أنها، في الوقت ذاته، «لا تتحمّل التصديق على قرار في الوكالة الدولية، وتعمل من خلال الإجراءات الدبلوماسية والضغوط السياسية، للحيلولة دون حصول ذلك». ويرجِّح أن يعقد الوفد الإيراني لقاءات مع ممثّلي الدول الموقّعة على الاتفاق النووي، على هامش اجتماع مجلس الحكام، في ما قد يولّد زخماً لاستئناف المفاوضات.