صحيفة الرأي العام – سورية
سياسة

الاثنين القادم موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة لبنانية جديدة

بعد فشل سعد الحريري في تشكيل حكومة لبنانية جديدة وإعلانه الاعتذار عن التشكيل الأسبوع الماضي، ووسط تدخلات غربية واضحة وخاصة من أمريكا وألمانيا وفرنسا، أعلنت الرئاسة اللبنانية اليوم أن يوم الاثنين القادم هو موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخص آخر بالمهمة، وسط تشاؤم في إمكانية تشكيل حكومة جديدة في الوقت المناسب، وبالشكل الذي يساهم في الخروج من الانهيار الذي يأكل الوضع الحكومي اللبناني.
وحتى الساعة، لم يبدأ التشاور بعد بين الكتل النيابية حول اسم أي مرشح، باستثناء بعض الأسماء التي تطفو مباشرة عند تشكيل أي حكومة جديدة، كالسفير نواف سلام والنائبين نجيب ميقاتي وفيصل كرامي. تضاف إلى ذلك عودة اسم المدير العام لشركة خطيب وعلمي، سمير الخطيب، إلى التداول مرة جديدة. في ما يعني سلام الموجود اليوم في بيروت، لا تزال المشكلة كما كانت قبيل سنة ونصف سنة: لا معارضة حقيقية لاسمه من التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل، فيما يتحفظ حزب الله على اسمه لأن أساس اختياره آنذاك جاء على أساس أنه مرشح مواجهة برعاية أميركية وسعودية، وليس كمرشح توافقي.
أما على مقلب ميقاتي، فثمة رأيان: الأول يقول إنه يرفع سقف شروطه حتى لا تكون التنازلات كبيرة، خصوصاً أنه المرشح الأقوى والوحيد لدى سعد الحريري ونبيه بري، كما أنه يتمتع بـ«وجه دولي»، بمعنى أنه يحظى بغطاء فرنسي وله علاقات أميركية وعربية قوية، لكنه لن يفرط فيها إذا لم يحصل على ضمانات خليجية وأميركية، بإطلاق يديه في عملية التشكيل وإجراء إصلاحات في القطاعات المالية، وبالحصول على دعم مالي دولي. كما تردّد أن ميقاتي طلب ضمانات من بري بإقناع حزب الله باسمه، ليقوم الحزب بدوره بإقناع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل به، علماً أن عون وباسيل يرفضانه بشدّة. من جهة أخرى، تؤكد مصادر مطلعة للصحف اللبنانية أن ميقاتي «عايز ومستغني»، وقد أبلغ من يعنيهم الأمر عدم رغبته في رئاسة الحكومة في عهد ميشال عون، خصوصاً أنه نقل عمل شركاته من بيروت إلى دبي ولندن. وهو يشير في مجالسه إلى أن «خسائر تسلم الحكومة في ظل الانهيار أكبر بكثير من الأرباح».
كذلك يجري التداول باسم كرامي كمرشح توافقي، رغم عدم جلاء موقف الحريري منه، ورغم اتصال الأخير به الأسبوع الماضي بعد اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة.
أما سمير الخطيب، فيجري التداول باسمه على نطاق ضيق، على قاعدة أنه قد يمثّل مرشّح توافق يحظى برضى سعودي، لترؤس حكومة برنامجها محصور بأمرين: إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وتمهيد الأرضية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. وهذا «البرنامج» يعني استمرار الأزمة التي تعيشها البلاد، من دون خطة إنقاذ.
أمام هذه المعطيات، تشير المصادر إلى سيناريوين اثنين في خلال الأسبوع الجاري: الأول، محاولة عون في الأيام المقبلة الوصول إلى توافق حول شخصية ما تحظى برضى كل من حزب الله وحركة أمل والحريري وجنبلاط، رغم ترجيح استحالة ذلك قبيل انقضاء عطلة عيد الأضحى. وتتوقع المصادر عندها تأجيل الرئيس للاستشارات إلى موعد آخر ريثما تنضج المفاوضات، ولاسيما أنها لا تقتصر على اسم رئيس الحكومة، بل الأساس فيها هو وظيفة الحكومة التي ستتشكل. وحسم هذا الأمر يسهّل تسمية رئيسها، فيما السيناريو الثاني يقوم على ما يشير إليه رئيس الجمهورية بتلبيته دعوة الجميع إلى استشارات في أقرب وقت، والقبول بنتائج التصويت كيفما أتت، من دون اتفاق مسبق. لكن لهذه الفرضية مشكلة تتمثل في أن الفائز بأكثرية ضئيلة لن يتمكن من التشكيل، ما يعني فعلياً العودة إلى النقطة الصفر: تأجيج المشكلات و… انهيار مضاعف.

التدخلات الأجنبية الوقحة


لم يكن لبنان يوماً مستقلّاً في قراره بالمعنى الكامل للكلمة، لكن يبدو أن وقاحة التدخل الأجنبي فيه حالياً، لا حدود لها. زحمة سفراء وموظفين أميركيين وفرنسيين وألمان ودوليين، لكلّ منهم توصياته حول إدارة شؤون البلد ومستقبله، مع «حرصهم» جميعاً على التشديد على أهمية أن يكون القرار داخلياً وبالتوافق بين كلّ المكونات اللبنانية. ووصل الأمر بالسفير الألماني في لبنان أندرياس كيندل إلى إجراء استطلاع عبر «تويتر» حول السبب الذي يدفع أي مواطن إلى التصويت في الانتخابات النيابية المقبلة لمن يمنع تشكيل حكومة تنفذ إصلاحات. الأسوأ، أن أحداً في لبنان لم يجد نفسه معنياً بالردّ على كيندل أو استدعائه للاحتجاج على تدخله في الشؤون اللبنانية، كما أن أحداً لم يجد نفسه أمس معنياً باستدعاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا لسؤالها عما يفعله وفد مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية في بيروت لمدة ثلاثة أيام، سوى ما أعلنته السفارة عن اجتماعه مع «محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب».

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق