صحيفة الرأي العام – سورية
اقتصاد غير مصنف

روسيا تعرض مشاريع حيوية على لبنان بشروط ميسرة جدا ومسؤولوه يترددون

عرض وفد اقتصادي روسي كبير يزور لبنان هذه الأيام انجاز عدّة مشاريع تعدّ حاجة ماسّة بشروط مريحة جدا للبنان، وذلك في إطار سعي روسيا الحثيث للتواجد على الساحة اللبنانية بفعالية أكبر، وخاصة من باب الاقتصاد.

 وحسب وسائل إعلام لبنانية من هذه المشاريع بناء مصفاة محليّة لتكرير النفط في الزهراني، وقد سلّم الوفد وزير الطاقة ريمون غجر نسخةً عن المخطط، مع تأكيد أن هذا المخطّط يصلح أيضاً لتوسيعه في جزءٍ آخر، ليشمل بناء مصفاة إقليمية في البداوي تضع لبنان على خارطة تكرير النفط وتأمين حاجة محليّة ودولية. التركيز على مصفاة الزهراني طبعاً يأتي بسبب الأزمة الراهنة التي يعانيها البلد، وهو الأمر الذي لمّح إليه الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله في خطابه قبل أيام، في إطار التعاون والتنسيق الحاصل بين حزب الله والجانب الروسي. اللافت، أن أي مصفاة متطوّرة تحتاج إلى حوالي عام لكي يتمّ بناؤها، إلّا أن ضغوطاً واتصالات كثيرة مارسها أصدقاء لموسكو في بيروت، أدّت إلى تأكيد الجانب الروسي أنه يمكن بناء المصفاة بأسرع وقت ممكن، في مدّة تتراوح بين ستة أشهر وتسعة أشهر، علماً بأن هذا الأمر يتطلّب جهداً مضاعفاً.

 وحسب الإعلام نفسه فان المشروع الثاني الذي عرضه الوفد الروسي يتضمّن إنشاء معملي كهرباء من أصل ثلاثة أقرّتها الحكومة اللبنانية، من دون أن يحسم الروس مكانها الجغرافي.

أما المشروع الثالث فيتضمن شقّين: الأول ترميم مرفأ بيروت وتوسيعه بما يعيد إليه حيويته ودوره الإقليمي كمدخل نحو العمق السوري ومنه إلى باقي آسيا، والشقّ الثاني بتوسيع مرفأ طرابلس وتأهيله ليتلاءم مع موقع طرابلس المهمّ وكجزء من حركة إعادة إعمار سورية بالتكامل مع ميناء طرطوس واللاذقية، وكذلك الاستعداد لبناء إهراءات إقليمية للحبوب في المرفأ تتناسب مع مشروع بإنشاء إهراءات مماثلة على الساحل السوري تستطيع خدمة الإقليم انطلاقاً من سواحل سورية والشمال اللبناني. ولم يقرب الروس ملفّ إهراءات مرفأ بيروت، على اعتبار أن دولة الكويت تكفّلت ببنائها مجاناً.

الأبرز في كلّ هذه العروض، أن الجهات الروسية تفهم جيّداً الواقع المالي للدولة اللبنانية. وعلى ما تؤكّد مصادر الوفد أن «الجانب الروسي يقبل بالدخول في الاستثمارات على قاعدة (BOT)، بضمانة الدولة اللبنانية ودعم من مصرف روسي مكلّف من قبل الجهات الرسمية الروسية».

 الوفد الروسي يضمّ ممثلين عن شركة« Hydro engineering and construction » هم المدير العام أندريا متسغر، مدير الاستثمارات الخارجيّة فلاديمير أوساتدشي، وخبير المرافئ قسطنطين سالومخين، وهي شركة مدعومة من الحكومة الروسية وتحظى بغطاء رسمي للعمل على الأراضي اللبنانية.، يقوم بزيارة للبنان عارضين إنشاء مشاريع إستراتيجية منها مصاف.

  و كان الوفد ذاته قد زار لبنان قبل شهرٍ ونصف الشهر تقريباً والتقى غالبية القوى السياسية، وبقي معظم اللقاءات طيّ الكتمان. أما الزيارة الحالية فتعدّ البداية الفعليّة لمسارٍ طويل مرهون بنيّة الجهات اللبنانية وقدرتها على تحقيق مصالح لبنان رغم الضغوط الأميركية، حيث شملت الزيارة لقاء وزيري الطاقة ريمون غجر والأشغال العامة والنقل ميشال نجّار، على أن تستمر زيارة الجزء التقني من الوفد حتى نهاية الأسبوع الجاري.

 يبقى الجانب اللبناني بمختلف قواه السياسيّة، عدا حزب الله، يعطي الروس «من طرف اللسان حلاوة»، لكن من دون أي تطبيق فعلي. اللقاءات مع وزيري الطاقة والأشغال كانت جيّدة من حيث الشكل، فارغة في المضمون، طالما أن الوزيرين ربطا عملهما بحكومة تصريف الأعمال، و«عدم القدرة على اتخاذ القرارات». وليس بعيداً عنهما، توقّف الروس كثيراً عند غياب وزيرة الدفاع زينة عكر عن مؤتمر الأمن الدولي في موسكو الأسبوع الماضي، والذي ألقى فيه الرئيس فلاديمير بوتين خطاباً مفصليّاً في السياسة الدوليّة، على رغم دعوتها وتأكيدها المشاركة، في مقابل حضورها في روما مؤتمر اجتماع «التحالف الدولي ضد داعش»، الذي اخترعه الأميركيون قبل سنوات لتغطية تدخّلهم العسكري في العراق وسورية.  يبقى أن قرار مصفاة الزهراني بيد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، الذي يدرك الروس أنه يستطيع بشحطة قلم الموافقة عليه، لكنّه يقول إنه لا يريد تحمّل «المسؤولية» وحده عن قرار كهذا! بينما تفتح طوابير الذلّ أمام محطات الوقود باب حرب أهليّة جديدة من نوعٍ آخر.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق