أعلن رئيس لجنة الانتخابات الإيرانية، جمال عرف، خلال مؤتمر صحفي مساء أمس، أن المرشح المحافظ، إبراهيم رئيسي، حصل على 62 بالمائة من أصوات المقترعين، وفق نتائج أولية رسمية. وهو بذلك يصبح الرئيس الثامن للجمهورية الإسلامية في إيران.
الرئيسان الأسد وبوتين أول المهنئين
وبعد قليل من إعلان عرف بعث الرئيس بشار الأسد برقية تهنئة لرئيسي لفوزه بالانتخابات تلاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي هنأ رئيسي بالفوز متمنيا تطور العلاقات الروسية الإيرانية في عهده.
وأفاد عرف، أن رئيسي (60 عاماً)، حصل على «أكثر من 17,8 مليون» صوت من أصل 28,6 مليوناً من أصوات المقترعين، علماً بأن أكثر من 59,3 مليون إيراني كانوا مدعوّين للمشاركة في الاقتراع.
ويحق لأكثر من 59 مليون إيراني التصويت لكن لم يصوت “حسب عرف” إلا 28,6 مليوناً توافدوا إلى صناديق الاقتراع اعتباراً من الساعة السابعة من صباح أول أمس الجمعة.
وأغلقت المراكز عند الثانية من فجر أمس، بعد تمديد مهلة الاقتراع ساعتين إضافيتين، وهو ما كانت السلطات ألمحت سابقاً إلى احتمال حصوله في حال الحاجة، لاسيما في ظل إجراءات الوقاية من «كورونا».
وخاض السباق أربعة من المرشحين السبعة الذين صادق مجلس صيانة الدستور على ترشيحاتهم، بينما انسحب الثلاثة الآخرون الذين وافق المجلس على ترشحهم قبل الاقتراع
خامنئي: إيران انتصرت على دعاية العدو
المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، رأى في رسالة نٌشرت على موقعه الإلكتروني عقب إعلان النتائج، أن الانتخابات الرئاسية، شكّلت انتصاراً لإيران في مواجهة «دعاية العدو».
وقال خامنئي: «الفائز الأكبر في انتخابات الأمس هو الأمة الإيرانية، لأنها ارتقت مرة جديدة في مواجهة دعاية الإعلام المرتزق للعدو».
وفي رسالة وجّهها إلى الشعب الإيراني، اعتبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، «أن المشاركة الجماهيرية الملحمية في الانتخابات هي تجسيد عظيم لتوجيهات قائد الثورة الإسلامية، وتجلّ كبير لتجديد العهد مع الشهداء»، مخاطباً الإيرانيين بالقول: «إن مشاركتكم الفاعلة في الانتخابات بعثت اليأس والندم لدى الأعداء وذوي النوايا السيئة».
وقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن القاضي إبراهيم رئيسي هو الرئيس المنتخب للبلاد، وعلى الجميع العمل معه من الآن فصاعداً.
وأضاف ظريف أمام منتدى دبلوماسي في منتجع أنطاليا التركي، إن القضايا المطروحة في محادثات إيران النووية مع القوى الغربية، ليست عصية على الحل، وإنه يأمل في تحقيق نتيجة قبل آب.
وقد هنأ المرشحون الثلاثة الآخرون رئيسي بالفوز.
من هو إبراهيم رئيسي؟
سنوات كثيرة تصل إلى حوالي 35 عاماً، قضاها رئيسي متنقلاً بين المراكز الحساسة ومسؤوليات ضخمة في البلاد، أكسبته خبرة كبيرة، ونفوذا لا يستهان به على الإطلاق، توّجه أمس، بجلوسه على مقعد الرئاسة الإيرانية لأربع سنين مقبلة.
رئيسي رجل دين يحمل صفة «حجة الإسلام»، يتحدّر من مدينة مشهد، مسقط رأس المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي أيضاً. ربيب أسرة متدينة، ومن خلالها سلك مسار العلوم الحوزوية الدينية.
بقي رئيسي شخصية بعيدة عن الأضواء فترة لا بأس بها. إذ لم يكن يحبّذ لفت الأنظار، لكنه ومنذ شبابه، نجح بملء مكانه مع بدايات الثورة، وإلى أيام الترشح الأخير.
بعد عودة الإمام الخميني إلى إيران، وتثبيت حكم ونظام جديد، تتلمذ على يد رئيس القضاء السيد محمد حسين بهشتي، الذي عمل على تمكينه مع مجموعة من السادة ليشكلوا العصب الأساس للسلطة القضائية.
وعلى يديه، شغل أول منصب له عام 1982 كمدعي عام لمدينة كرج، ثم ترأس المحكمة الخاصة برجال الدين. لم يهدأ في مكان محدد، بل عمل على التطور بشكل سريع نسبياً، وارتفع درجة تلو أخرى في فترات قصيرة. عام 1986، عيّن رئيس السلطة القضائيّة المؤقت وقتها، محمد يزدي، رئيسي مدّعياً عاماً للعاصمة طهران، وكان يبلغ من العمر وقتها 29 عاماً فقط. وبالإضافة إليها، عمل على منصب رئاسة منظمة التفتيش لكل البلاد.
بعدها، عمل مساعدا أول لرئيس السلطة القضائية في دورته الثانية، محمود شاهرودي، لمدة عشر سنوات، ثم مدعياً عاماً لكل البلاد بين عامي 2015 و2017.
عام 2016، اكتسب جماهيرية كبيرة عندما عيّنه المرشد الأعلى، خلفاً لعباس واعظ طبسي، سادن الحرم الرضوي المقدّس، أغنى مؤسسة خيرية في العالم الإسلامي. وتكتسب الروضة أهمية دينية وسياسية في إيران، بالإضافة إلى أنها المسؤولة عن إدارة الضريح المقدس للإمام الثامن، علي الرضا.
جذب رئيسي الأضواء، يوم ترشح في أيار من العام 2017 للانتخابات الرئاسية، ضد الرئيس حسن روحاني. وقد وقف تيار المحافظين بأكلمة خلفه، كما انسحب رئيس المجلس الشورى محمد باقر قاليباف لصالحه. ورغم ذلك، خسر الانتخابات، بعدما حصَّل 38.5% من الأصوات مقابل 57 % لروحاني.
بعدها بعامين، وفوق مهامه كسادن الحرم الرضوي، عيّنه المرشد الأعلى، على رأس السلطة القضائية خلفاً لصادق آملي لارتجاني. ودعاه إلى البدء باستئصال الفساد وضرورة التغيير والتطور في السلطة القضائية، وبداية مرحلة جديدة بكل قوة، «بما يتناسب مع الثورة الإسلامية للأربعين عاماً المقبلة».
فوق كل هذا، كان رئيسي عضواً في مجلس خبراء القيادة منذ عام 2007، الذي يسمّي أعلى سلطة في البلاد، أي المرشد الأعلى.