هل بدأ العد التنازلي لحرب موسعة في الشرق الأوسط؟ وكيف الرجوع عن حافة الهاوية؟

تحليل إخباري إعداد أحمد بدور

reuters_tickers

التقديرات والتحليلات عن امكانية اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط تكثر في هذه الأيام مع استعداد الكيان الصهيوني لشن هجوم على إيران بعد أن فاجأ الأصدقاء والأعداء على حد سواء بتكثيف اعتداءاته الجوية الخاطفة على لبنان الشهر الماضي، ويدور الآن حديث عن انزلاق لا مفر منه نحو حرب جديدة في المنطقة فهل ستقع مثل هذه الجرب المدمرة!!؟؟.

بالمقابل نسبت رويترز إلى عدد من الخبراء في مجال صنع القرار على المستويين الاستخباراتي والعسكري في تقرير لها اليوم قولهم إنه لا تزال هناك عوامل تمنع انجرار المنطقة إلى حريق كبير يمكن أن يدفع “إسرائيل” وطهران إلى صراع متصاعد تُستَدرج إليه دول أخرى.

وقال هؤلاء الخبراء للوكالة إن “إسرائيل” لن تتراجع على الأرجح عن شن هجوم جوي على إيران في الأيام القليلة المقبلة ردا على إطلاق طهران نحو 180 صاروخا باليستيا على فلسطين المحتلة يوم الثلاثاء الماضي.

زمع أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو قال خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأمني المصغر مساء يوم الثلاثاء الماضي «من يهاجمنا سنهاجمه»، فقد أبلغ مسؤولون صهاينة نظراءهم الأمريكيين بأن ردهم على الهجوم الإيراني سيكون “مدروسا” لكنهم لم يقدموا حتى الآن قائمة نهائية بالأهداف المحتملة، وفقا لمصدر في واشنطن مطلع على المباحثات طلب عدم الكشف عن هويته.

وقال آفي ميلاميد، المسؤول السابق في المخابرات الصهيونية والمفاوض في الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية في ثمانينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي: «أعتقد بأن الأهداف التي سيقع الاختيار عليها سيتم اختيارها بعناية وحرص شديد».

وأضاف أن الأهداف المحتملة تشمل المواقع التي لها أهمية عسكرية لدى إيران مثل البنية التحتية للصواريخ ومراكز الاتصالات ومحطات الطاقة.

وقال أكثر من ستة مسؤولين سابقين من الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط ممن عملوا في المجال العسكري والاستخباراتي والدبلوماسي خلال مقابلات أجرتها رويترز إن “إسرائيل” لن تستهدف على الأرجح المنشآت النفطية التي تدعم اقتصاد إيران أو المواقع النووية.

وتوقع الخبراء أن يؤدي قصف هذه الأهداف شديدة الحساسية إلى رد فعل إيراني قوى، بما في ذلك احتمال شن طهران هجمات على مواقع إنتاج النفط لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ومنها دول الخليج العربية.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس الماضي إنه لن يكشف عن سير المفاوضات التي يجريها على الملأ عندما سُئِل عما إذا كان حث إسرائيل على عدم مهاجمة منشآت النفط الإيرانية.

وجاءت تصريحات بايدن بعد ساعات من تصريحه بأن واشنطن تناقش مثل هذه الضربات “الإسرائيلية”، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط.

وقال نورمان رول، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) والذي كان مسؤولا عن الملف الإيراني في المخابرات الوطنية من عام 2008 إلى 2017 «ليس من الحكمة أن يحاول مراقبون من الخارج التكهن بخطة الهجوم الإسرائيلية».

وأضاف «لكن إذا قررت “إسرائيل” توجيه ضربة متناسبة وجوهرية في الوقت ذاته، فقد تختار أن تقتصر هجماتها على الصواريخ الإيرانية وبنية فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي دعم الهجمات التي شنتها طهران ووكلاؤها على “إسرائيل”».

وقال رول، وهو كبير مستشارين لدى مجموعة متحدون ضد إيران النووية، إن “إسرائيل” يمكن أن تقصف المنشآت الإيرانية العاملة في تكرير البنزين والديزل للاستهلاك المحلي مع تجنب المنشآت التي تُستخدم في تصدير النفط، وهو ما سيحرم طهران من أي مبرر قد تلجأ إليه لقصف منشآت النفط في دول الخليج ويحد من ارتفاع أسعار النفط الخام.

إيران: خصم حذر

ويرى المراقبون أنه في حالة نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، فإنه لن يشبه على الأرجح الحروب البرية الطاحنة التي وقعت في العقود الماضية بين الجيوش المتحاربة.

فعلى مدى العام المنصرم، لم تقع أي مواجهات عسكرية بين دول ذات سيادة إلا بين إيران و”إسرائيل” اللتين تفصل بينهما دولتان أخريان ومساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية.

وبسبب المسافة الشاسعة بينهما، اقتصرت العمليات بينهما على تبادل الضربات الجوية والعمليات السرية واستخدام فصائل مسلحة.

ورغم أن إيران تتوعد منذ فترة طويلة بأنها ستدمر “إسرائيل”، إلا أنها اتخذت موقفا حذرا في هذه الأزمة إذ درست بعناية هجومين جويين أطلقتهما عليها، الأول في نيسان بعد أن قصفت “إسرائيل” القنصلية الإيرانية في سورية مما أسفر عن مقتل العديد من القادة، والثاني هذا الأسبوع بعد اغتيال نصر الله. ولم يسفر الهجومان الإيرانيان سوى عن مقتل فلسطيني واحد بعد سقوط صاروخ على الضفة الغربية يوم الثلاثاء الماضي.

ليس لدى مصر نية في الانخراط في أي حرب

ويُعتقد على نطاق واسع أن مصر، التي خاضت حروبا مع “إسرائيل” في أعوام 1948 و1956 و1967 و1973 ووقعت معاهدة سلام معها في 1979، ليس لديها اهتمام يذكر بالدخول في هذا الصراع.

دول الخليج أبلغت إيران أنها ستكون على الحياد في أي حرب

وتريد دول الخليج، التي ترتبط بشراكات قوية مع الولايات المتحدة على الصعيد الأمني، أن تنأى بنفسها عن هذا الصراع.

فقد قال مصدران مطلعان لرويترز إن وزراء من دول الخليج أجروا محادثات مع إيران على هامش مؤتمر استضافته قطر يوم الخميس الماضي، سعيا لطمأنة طهران بأن بلادهم ستتخذ موقفا محايدا في أي تصعيد.

وتقول الولايات المتحدة إنها ستبذل قصارى جهدها للدفاع عن “إسرائيل” ضد إيران والجماعات المتحالفة معها، لكن لا أحد يعتقد بأنها ستنشر قوات على الأرض مثلما فعلت في حربي الخليج في عامي 1990 و2003 ضد العراق.

* هل من المحتمل ضرب مواقع نووية؟

الحرب بالفعل حقيقة قاتمة بالنسبة للكثيرين في المنطقة.

ووفقا لمسؤولين صهاينة وفلسطينيين وإحصائيات الأمم المتحدة، أدى الهجوم الذي شنه مقاتلون من حركة (حماس) في السابع من تشرين الأول العام الماضي إلى مقتل 1200 شخص في حين أدى القصف الصهيوني الذي أعقب ذلك على غزة إلى مقتل ما يقرب من 42 ألفا ونزوح جميع سكان القطاع تقريبا البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة. كما أجبرت الاشتباكات في جنوب لبنان آلاف الأسر في شمال فلسطين المحتلة وجنوب لبنان على مغادرة منازلهم.

وقال المصدر المطلع في واشنطن إن الولايات المتحدة لا تضغط على “إسرائيل” للامتناع عن الرد العسكري على الهجوم الإيراني الأحدث، مثلما فعلت في نيسان، لكنها تدعو لدراسة متأنية للعواقب المحتملة لأي رد.

هل تجاوز الكيان الحدود الأمريكية للصراع؟.

يقول ريتشارد هوكر، ضابط الجيش الأمريكي المتقاعد الذي خدم في مجلس الأمن القومي في عهود رؤساء جمهوريين وديمقراطيين، «تجاوز الإسرائيليون بالفعل كل الخطوط الحمراء التي حددناها لهم».

ويعني اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني أيضا أن قدرة بايدن على الإقناع صارت محدودة خلال الشهور الأخيرة التي يمضيها في البيت الأبيض.

وقال بايدن للصحفيين يوم الأربعاء الماضي إن “لإسرائيل” الحق في الرد “بشكل متناسب”. وأوضح أنه لا يؤيد توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية.

وقال هوكر إن استهداف مثل هذه المواقع ممكن ولكنه غير محتمل “لأنه عندما تفعل شيئا كهذا فإنك تضع القيادة الإيرانية في وضع يمكنها من القيام بأمر مأساوي جدا ردا على ذلك”.

* سناتور أمريكي: اضربوا مصافي النفط الإيرانية

وقد ارتفعت أصوات في واشنطن تدعو لضرب مصافي التكرير ومنشآت الطاقة الأخرى في إيران. فقال السناتور الجمهوري لينزي غراهام في بيان “يجب توجيه ضربات قوية لمصافي النفط (الإيرانية) لأنها مصدر المال لذلك النظام”.

دول الخليج في رعب

وتخشى دول الخليج العربية من رد إيران إذا ما جرى استهداف منشآتها النفطية.

وجرى تداول النفط في نطاق سعري ضيق تراوح بين 70 و90 دولارا للبرميل خلال السنوات الماضية على الرغم من الحرب بين روسيا وأوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط.

ويقول محللون إن أوبك لديها ما يكفي من الطاقة الفائضة للتعامل حتى لو توقف إنتاج إيران بالكامل. لكنها ستواجه صعوبات في تعويض المفقود من الإنتاج الإيراني إذا أدى التصعيد إلى الإضرار بالقدرة التشغيلية لقطاع النفط في السعودية أو الإمارات.

Related posts

مسؤول إيراني: يجب ألا تسمح دول الخليج باستخدام مجالها الجوي ضد إيران

وزير الحرب الصهيوني: الرد على إيران سيكون “فتاكا ودقيقا ومفاجئا”

الرئيس التونسي سعيد يفوز بفترة رئاسية ثانية بأكثر من 90 بالمئة من الاصوات