تقرير إخباري إعداد أحمد بدور
يسعى اللكيان الصهيوني، والوسطاء، وخصوصاً المصريين، إلى مقايضة الامتناع اجتياح الجيش الصهيوني مدينة رفح الفلسطينية الحدودية مع سيناء بصفقة تبادل واتفاق هدنة مؤقّتة مع المقاومة الفلسطينية.
ويرى المراقبون الصحفيون أنه إذ يبدو الطريق نحو مهاجمة رفح، بالنسبة إلى الكيان، سالكاً، ولا يحتاج لقطعه سوى إلى أيام قليلة، فإن الأخير يستغلّ هذه الوضعية العسكرية لممارسة أكبر ضغط ممكن على حركة «حماس»، لدفعها نحو التنازل. وعلى ما يبدو، فإن الكيان، وكما كان يفضّل منذ البداية، يسعى هذه المرّة أيضاً، وفقاً لموقع «واينت»، إلى تنحية قطر جانباً، والتركيز على الجانب المصري كقائد لهذه المفاوضات؛ إذ إن الدوحة، وفق ما يتهمها به، «لم تمارس الضغط المطلوب على حماس، ولم تغلق حسابات قادة الحركة ولم تنفِ الأخيرين المقيمين لديها مع عائلاتهم». كما أن الكيان يرغب في إعطاء مصر ثقلاً أكبر، بسبب العملية العسكرية التي تخطط لها في رفح، بالقرب من الحدود المصرية.
وقد بحث «كابينت الحرب» الصهيوني، أمس، في خطّة الاجتياح، والتي عُرضت كذلك على المجلس الوزاري المصغّر. وكرّرت وسائل الإعلام العبرية، نقلاً عن مسؤولين صهاينة، «سمفونية» أن اجتياح رفح ضروري في إطار الضغوط العسكرية الممارسة على «حماس» لتليين موقفها في المفاوضات، وهو ما قيل كذلك قبل العملية العسكرية التي بدأها في خانيونس قبل أشهر، والتي أفضت في النهاية إلى سحب قوات الجيش من المدينة من دون أن تليّن «حماس» موقفها. وأتت الاجتماعات الصهيونية، غداة لقاء جمع رئيسَي أركان الجيش، هرتسي هليفي، و«الشاباك»، رونين بار، مع مدير المخابرات المصرية، عباس كامل، بهدف «تنسيق العملية العسكرية في رفح»، لكي تضمن مصر ألا يؤدي ذلك إلى تدفق الفلسطينيين النازحين في المدينة في اتجاه أراضيها. وفيما نشرت وسائل إعلام عبرية صوراً التقطتها الأقمار الاصطناعية تُظهر إنشاء «مدينة خيام» بالقرب من خانيونس لإيواء النازحين المنوي إخلاؤهم من رفح، أفادت «القناة 12» بأن إخلاء النازحين قد يستغرق حتى شهراً، علماً أن اجتماعاً افتراضياً بتقنيّة الفيديو عُقد أخيراً بين وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، ومسؤولين في الإدارة الأميركية لبحث خطة الاجتياح، وفيه تبيّن أن «إسرائيل تطرح خطة على مراحل، حيث تخطط لاقتحام حيٍّ تلو آخر».
من المقرّر أن يُعقد اجتماع اليوم، بين مسؤولين عسكريين وأمنيين من مصر والكيان، لبحث مسار التهدئة الجديد
من جهتها، وعلى وقع اقتراب موعد عملية رفح، جدّدت مصر مساعيها لبلورة مسار جديد للمفاوضات، وقامت بالاتصالات اللازمة لذلك، وخصوصاً مع الأميركيين خلال اليومين الماضيين. ورغم عدم تعويل القاهرة بشكل كبير على المسار الجديد، إلا أنها تراه ضرورياً في الوقت الحالي لـ«وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته»، وفق مصادر مصرية تحدّثت إلى صحيفة «الأخبار»اللبنانية. وفيما أطلَع المسؤولون الصهاينة نظراءهم المصريّين على تصوّرهم لخطة اقتحام رفح، طلبت القاهرة «إرجاء الخطوة بعض الوقت من أجل بلورة تصوّر جديد للتهدئة»، فيما أكّد الصهاينة الحاجة إلى تحديد «جدول زمني» لذلك. ومن المقرّر أن يُعقد اجتماع اليوم، بين مسؤولين عسكريين وأمنيين من مصر والكيان، لبحث مسار التهدئة الجديد وآليات التعامل معه.
وفي جلسة «كابينت الحرب» أمس، وافق المستوى السياسي على اجتماع فريقَي التفاوض الصهيوني والمصري، بعدما عرض الأول على أعضاء «الكابينت»، مقترحات تجعل الكيان «أكثر مرونة» في مسار المفاوضات.
وبحسب تقرير أعدّه مراسل موقع «واللا» العبري، باراك رافيد، فإن «إسرائيل باتت مستعدّة للنظر في استعادة حوالي 20 أسيراً إسرائيلياً فقط، كجزء من صفقة مع حماس، وليس 40 كما كانت قد طالبت في الماضي»، علماً «أن فريق التفاوض أوضح لأعضاء مجلس وزراء الحرب أن حماس تحدّد نحو 20 أسيراً فقط ضمن فئة إنسانية تشمل النساء والرجال فوق 50 عاماً، والأسرى في حالة صحية خطيرة». واختلفت التقارير الصحافية العبرية حول محتوى المقترح الجديد، الذي قالت «القناة 12» إنه «يتضمّن عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، وانسحاب الجيش الصهيوني من محور نتساريم، لكن لن يتمّ الالتزام بوقف كامل للحرب»، فيما فصّلته «القناة 13» على النحو الآتي:
1- الإفراج عن 20 أسيراً صهيونياً من النساء والرجال فوق 50 عاماً والأسرى في حالة صحية خطيرة.
2- وقف إطلاق النار لعدة أسابيع.
3- انسحاب الجيش الصهيوني من ممرّ نتساريم وهو ما كان الكيان يرفضه سابقاً.
4- الإفراج عن أسرى فلسطينيين محكومين بالمؤبّد وفق أُسس يتم الاتفاق عليها.
5- عودة الفلسطينيين النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله.
أما حركة «حماس» فتُبدي تمسّكها بوساطة قطر ومصر، لكن مع تأكيد عدم قبولها «بما يتعارض مع مصالح شعبنا»، بحسب نائب رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الذي أضاف، في تصريحات إلى قناة «الجزيرة» القطرية، أن الحركة تخوض «مفاوضات جادّة من أجل وقف دائم لإطلاق النار وصفقة تبادل جادّة وحقيقية».
وأكّد الحية «(أننا) لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى، وجادّون في الإفراج عنهم ضمن توافق ومفاوضات جادّة»، مشيراً الى أن «عدم تقدّم المفاوضات يرجع إلى التعنّت الإسرائيلي». وبيّن أن «الإشكال الحقيقي هو عدم قبول الاحتلال وقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة»، لافتاً إلى أن «الاحتلال رفض مقترحاً لمبادلة مجنّدة إسرائيلية بـ50 من أسرانا، بينهم 30 من ذوي الأحكام المؤبّدة». وحول البيان الذي أصدرته الولايات المتحدة مع 17 دولة أخرى، أمس، وطالبت فيه حركة «حماس»، بالموافقة على «الاتفاق المطروح» (من دون تحديد ماهيّته)، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من المرضى والجرحى وكبار السنّ، بما «يحقّق وقفاً فورياً ومطوّلاً لإطلاق النار (…) ويؤدّي إلى نهاية موثوقة للأعمال العدائية»، بحسب نص البيان، رحّب الحيّة بالتصريحات الأميركية، موضحاً أنها «جاءت قبل تسلّمنا أي ردّ على موقفنا من إسرائيل أو الوسطاء».