تقرير إخباري إعداد أحمد بدور
تشي الاتصالات التي لم تتوقّف بين دول المنطقة، بمساعٍ أميركية لتجنّب انفلاش الصراع العسكري (أ ف ب)
تفيد التقارير الصحفية بأن تتواصل الاتصالات الإقليمية والدولية على أكثر من خط، وخصوصاً مع دولة الاحتلال وإيران، في ظلّ التهديدات الإسرائيلية بالردّ على الهجوم الذي شنّته طهران على أهداف في الكيان، ليل السبت – الأحد، وما يفتح عليه احتمال تنفيذها من تصعيد عسكري إقليمي واسع، لا يبدو حتى الآن، أن الولايات المتحدة تدعمه، وهو ما أشار إليه «البيت الأبيض» صراحة، أمس، عندما قال إن «الرئيس جو بايدن لا يريد توسّع نطاق الصراع أو تعميقه»، على رغم أن البيان نفسه أشار إلى أن «الرد على إيران من عدمه، هو قرار إسرائيلي». وإذ تشدّد واشنطن على دعمها لإسرائيل مقابل ما وصفته بـ«الاعتداء الإيراني» عليها، إلا أن الاتصالات التي لم تتوقّف بين دول المنطقة، تشي بمساعٍ أميركية لتجنّب انفلاش الصراع العسكري، بعدما بقي محصوراً على مدى نحو أكثر من 6 أشهر، في قطاع غزة، مع قتال محدود على الجبهة الشمالية للكيان. ويدعم هذا التقدير، ما نقله موقع «أكسيوس» الأميركي، عن إخبار وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مجموعة من الزعماء اليهود الأميركيين، أمس، أن «المزيد من التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إسرائيل»، وبعثه بالرسالة نفسها في اتصال هاتفي مع الوزير الإسرائيلي، بيني غانتس، أول من أمس، بحسب الموقع.وفي هذا السياق أيضاً، كانت مكالمة هاتفية بين وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ونظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، بحثا فيها «آثار هجمات إيران»، حيث أكّد الأول للثاني «دعم بلاده للدفاع عن إسرائيل والحفاظ على الاستقرار». وقبل ذلك، كان قد بحث الوزير الأميركي نفسه، مع نظيره الكويتي، الهجوم الإيراني، مؤكداً على أن «الولايات المتحدة لا تسعى للتصعيد، لكنها ستواصل الدفاع عن إسرائيل». وفي واشنطن، كانت قد جرت مباحثات بين رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وبايدن، تمحورت في جانب كبير منها حول احتمالات التصعيد في المنطقة. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن «السوداني يلعب دوراً أساسياً في تبادل الرسائل غير المباشرة بين واشنطن وطهران»، وهو يبذل جهوداً متواصلة منذ ما قبل الردّ الإيراني، للوصول إلى «توافق غير مباشر بين الإيرانيين والأميركيين، للحؤول دون توسّع التصعيد في المنطقة». كما أنه أبلغ المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم أن «طهران لا ترغب في توسيع الصراع، وعلى واشنطن أن تمارس مزيداً من الضغوط على إسرائيل لدفعها الى تبنّي الموقف نفسه».
يبدو أن دولاً عربية تحاول، عبر التواصل مع واشنطن وتل أبيب، تجنّب توسع المعركة
ويأتي ذلك فيما يسود اعتقاد لدى الأميركيين، بحسب ما نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي، أن «إيران سترد على أي ضربة إسرائيلية كبيرة ومعلنة على أراضيها»، وأنه «سيكون من الصعب للغاية عندها، تكرار النجاح الذي حقّقناه في إحباط هجوم إيران، وإسرائيل تعرف ذلك». وانطلاقاً من الرؤية نفسها، طالب «وزراء في الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، بالتمهّل في الردّ على إيران، وانتظار تشكيل حلف في المنطقة ضدها». وبحسب ما نقلت «هيئة البث الإسرائيلية» عن مصدر مطّلع، فإن «ضغوطاً دوليةً كبيرة، تمارس على إسرائيل من أجل منعها من الردّ على إيران»، وإنه «يتمّ طرح مبادرة لفرض مزيد من العقوبات على طهران كبديل للرد الإسرائيلي». كذلك، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن «وزيري خارجية بريطانيا وألمانيا سيزوران إسرائيل من أجل الضغط عليها لعدم الرد على إيران».
ويبدو أيضاً أن دولاً عربية أخرى تحاول، عبر التواصل مع واشنطن وتل أبيب، تجنّب توسع المعركة، لما سيكون له من تداعيات خطيرة وكبيرة على عموم المنطقة. وفي هذا السياق، كشفت قناة «كان» العبرية، أن الكيان الصهيوني أبلغ بعض الدول العربية، بأن «ردّنا على إيران لن يعرّضكم للخطر في حال وقوعه»، وذلك في أعقاب تعبير هذه الدول عن مخاوفها من اعتبارها متعاونة مع الكيان. وعلى المقلب الإيراني، أشار الرئیس إبراهیم رئيسي، خلال اتصال هاتفي مع أمير قطر، تميم بن حمد، إلى أن «عملية (الوعد الصادق)، تمّت بنجاح بهدف معاقبة المعتدي»، محذّراً من أن «أقل عمل ضد مصالح طهران سيقابل برد هائل وواسع النطاق ومؤلم ضدّ جميع مرتكبيه». واعتبر رئيسي أن «القضية الراهنة الأهمّ في المنطقة، وحتى العالم، هي استمرار الإبادة الجماعية الوحشية ضد الفلسطينيين في غزة». ووصف قصف القنصلیة الإیرانیة في دمشق بأنه «مؤشّر إلى يأس الکیان بسبب عدم تحقيق أغراضه في مهاجمة غزة».
في المقابل، اعتبر وزير الحرب الصهيوني، يوآف غالانت، أن «إيران فشلت في الهجوم علينا، وستفشل في ردع إسرائيل»، مضيفاً أن «أجواء الشرق الأوسط مفتوحة أمام طائراتنا، وأي عدو سيقاتلنا سنعرف كيف نضربه أينما كان». وتابع أن «الإيرانيين لن يتمكّنوا من تطبيق معادلة ردع مختلفة ضدّنا». ويأتي ذلك فيما اجتمع مجلس وزراء الحرب، للمرة الثالثة، لاتخاذ قرار بشأن الردّ على إيران، بحسب ما أفاد به مصدر صهيوني صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تعتقد أنه لا يوجد أي ضرر في إبقاء إيران في حالة تخمين من خلال تأخير الرد المحتمل»، مضيفاً أن الرد قد يكون «داخل إيران أو خارجها». لكنّ مسؤولاً ثهيونياً قال لوسائل الإعلام العبرية إن «احتمال توجيه ضربة انتقائية كبيرة إلى إيران، يتضاءل مع مرور الوقت»، في حين أشار مسؤول آخر إلى أن «مجلس الحرب يأخذ في الاعتبار مخاوف واشنطن من المبالغة في الرد».