بدأت جولة حاسمة من المفاوضات، أمس، في القاهرة، بين وفد من حركة «حماس»، بقيادة نائب رئيس الحركة في قطاع غزة، خليل الحية، ووفد صهيوني برئاسة رئيس «الموساد»، وبمشاركة رئيس «الشاباك»، وممثّل الجيش في الفريق التفاوضي، والمستشار السياسي لرئيس الحكومة الصهيونية، وبحضور مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية»، ورئيس الوزراء القطري، ووزير المخابرات المصرية .
وقد جاء اجتماع القاهرة استجابةً للضغوط الأميركية، فيما يُتوقّع أن يسفر هذه المرّة عن نتيجة ما، خصوصاً أن «جميع الأطراف تُظهر مرونة أكبر من ذي قبل في مفاوضات الرهائن»، بحسب «هيئة البثّ الإسرائيلية». كما أن «الولايات المتحدة تضغط على جميع الأطراف، بما فيها إسرائيل»، «التي تفقد أدوات ضغط بارزة، بينما حماس تريد التوصّل إلى اتفاق». وكان قد تقرّر في تل أبيب، منح الوفد الصهيوني المفاوض صلاحيات «أوسع»، على أن يكون بإمكانه أن يعود إلى دولة الاحتلال بمقترح كامل، ليجري التصويت عليه في «الكابينت»، بخلاف ما كانت عليه الحال في الجولات السابقة، حيث كان الوفد مفوّضاً بالاستماع إلى ما يطرحه الوسطاء فقط.
وبحسب مسؤول أميركي تحدّثت إليه «هيئة البثّ الإسرائيلية»، «فإننا أقرب من أي وقت مضى إلى إبرام صفقة»، بينما أشار مسؤول صهيوني رفيع، في حديث إلى القناة، إلى أن «الاحتجاجات تؤثّر على الضغوط بشأن صفقة الرهائن». وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية كشفت أن عضوي «كابينت الحرب»، بني غانتس وغادي آيزنكوت، قالا لنتنياهو خلال جلسة لنقاش صلاحيات وفد التفاوض، إن «الصفقة، حتى لو كانت صعبة وقاسية، إلا أن من شأنها الدفع في اتجاه التوصّل إلى تسوية في الشمال، وإعادة الشرعية الدولية (إلى إسرائيل)، وإصلاح العلاقة مع الولايات المتحدة». أما رئيس أركان جيش العدو، هرتسي هاليفي، فاعتبر أمس، أن «عودة الأسرى هدف عاجل ومهم»، قائلاً: «إننا نعمل على إعادة جميع الأسرى في أسرع وقت ممكن، وسيعرف الجيش الإسرائيلي كيف يتحمّل حتى الثمن الباهظ، وسيعرف أيضاً كيف يعود ويقاتل بقوة»، وفق تعبيره.
من المتوقع أن يقدّم الأميركيون مقترحاً يعالج موضوع عودة النازحين إلى الشمال
من جهتها، أعلنت حركة «حماس»، أمس، أن وفدها وصل إلى القاهرة، والتقى وزير المخابرات المصرية، عباس كامل. وأشارت الحركة، في بيانها، إلى أنها «أكدت تمسّكها بمطالبها الوطنية الطبيعية، وحرصها على التوصّل إلى اتفاق يحقق وقف العدوان بشكل كامل، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وعودة النازحين بحرية إلى مناطقهم وأماكن سكناهم، وإغاثة شعبنا وبدء إعمار ما دمّره الاحتلال، وإنجاز صفقة تبادل للأسرى».
وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية قد نقلت عن مصادر مطّلعة على المفاوضات، قولها إن «الولايات المتحدة تتحرك بجدّية كبيرة، وهي مصمّمة على إبرام صفقة بشأن الرهائن»، و«من المتوقع أن يضع مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية مقترحاً على الطاولة».
وأشارت هذه المصادر إلى أن «واشنطن هي اللاعب الرئيسي في المفاوضات، ولا تريد أقلّ من إبرام صفقة ووقف لإطلاق النار».
كذلك، نقلت «القناة 12» العبرية، عن مصادر مطّلعة، أنه «يُتوقّع أن تطرح واشنطن مقترحاً لحل العقدة الرئيسية المتعلّقة بعودة سكان شمال غزة»، «قد يتضمّن عودة سكان أحياء بأكملها، فيما تُتوقّع مرونة إسرائيلية مقابل ذلك»، على أن يكون «مجلس الحرب» مستعداً لمناقشة المقترح، و«إذا وافق عليه، فسيُنفّذ بسرعة»، بحسب المصادر.
ووفق مسؤولين مصريين شاركوا في الجلسات التحضيرية الصباحية للقاءات التي امتدّت ساعات طويلة، فإن «هنالك انفراجة كبيرة وتفاؤلاً في الإعلان عن تفاصيل الاتفاق خلال ساعات»، وسط معلومات عن أن «النقاط التي كانت عالقة في الجولات الماضية، جرت حلحلتها بشكل كبير، وبما يضمن تحقيق حلول وسطية بين مطالب الاحتلال والمقاومة».
وبحسب مسؤولين تحدّثوا إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، فإن «انسحاب الجيش الصهيوني من جنوب قطاع غزة، خلال الساعات التي سبقت انعقاد جولة التفاوض، جاء كجزء من المقدّمات المسهّلة للاتفاق الذي يجري العمل عليه، على رغم التمسّك الصهيوني بأن الهدنة لمدة 6 أسابيع، لن تكون قابلة للتمديد من دون مكاسب وازنة لإسرائيل». كما جرى التطرّق إلى «انعكاس الهدنة في قطاع غزة، على باقي الجبهات في المنطقة».
وفي ظل هذه الأجواء، خلُص موقع «واللا» العبري إلى أنه قد «تمّ تطبيق مطلب وشرط حماس في المفاوضات، بانسحاب الجيش من القطاع، بينما الأسرى الإسرائيليون ما زالوا داخل القطاع»، في حين نقلت وسائل الإعلام عن مسؤول صهيوني، قوله إن «322 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة أول (أمس)»، وهذا هو «أعلى عدد يومي من الشاحنات منذ 7 أكتوبر». وأضاف المسؤول: «غالبية الشاحنات محمّلة بالطعام، إضافة إلى معدات طبية وأدوية، والباقي من الخيام والمياه»، بينما «تتّجه بضع عشرات من هذه الشاحنات إلى شمال قطاع غزة». وفي هذا السياق، أفاد رئيس «الهيئة المصرية العامة للاستعلامات»، ضياء رشوان، بأن «مصر قرّرت زيادة عدد شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، إلى 300 يومياً على الأقل، بدءاً من أمس وأول (أمس)».