تقرير إخاري اعداد احمد بدور
تصاعدت أزمة الثقة بين الشركات الملاحية وتحالف «حارس الازدهار» (أ ف ب)
يرى عدد من المراقبين السياسيين والصحفيين أنه مع ازدياد المؤشرات على فشل الولايات المتحدة في فرض وقف العمليات اليمنية البحرية ضد السفن المرتبطة بإلكيان الصهيوني وأميركا وبريطانيا، صار واضحاً لكثير من الأطراف المعنية بعملية السلام في اليمن، ولا سيما الرياض، أنه لم يعد ثمة جدوى لتأخير التوقيع على خريطة الطريق التي أعدّتها الأمم المتحدة.
وكما يبدو فأن واشنطن اقتنعت بالسير في هذا المسار، في فترة ما بعد حرب غزة. فقد قالت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـصحيقة «الأخبار» اللبنانية،تعليقاً على التحركات الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، لإحياء عملية السلام، إن «هناك تطورات في ملف السلام»، متوقعة «حدوث اختراق كبير في هذا الملف خلال الأيام المقبلة أو في عيد عيد الفطر».
عزل بن مبارك من «الخارجية» وتعيين شائع الزنداني خلفاً له تمهيداً لقيادته مفاوضات مع صنعاء
وكذلك أفادت مصادر مقربة من الحكومة الموالية لـ«التحالف» المعادي لليمن، للصحيفة، بأن رسالة وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، خلال لقائه في مدينة جدة قبل أيام رئيس حكومة عدن، أحمد بن مبارك، بعد استدعائه إلى الرياض على ذمة إعلانه تجميد ملف السلام، تمثّلت في إبداء الرغبة في المضيّ نحو توقيع خريطة الطريق. وهدّد ابن سلمان، بحسب المصادر، بالتخلي عن تلك الحكومة وعن دعم الميليشيات المسلحة التابعة لها إذا استمرت على موقفها. ووفقاً للمصادر نفسها، فإن المملكة ضغطت لتعيين السفير اليمني السابق في الرياض، شائع الزنداني، المقرّب منها، وزيراً للخارجية خلفاً لبن مبارك الذي كان قد احتفظ بالمنصب إلى جانب رئاسته للحكومة. وتسبب عزل بن مبارك من الخارجية بتصاعد الخلافات بين تيارَي السعودية والإمارات في «المجلس الرئاسي» الجنوبي، إذ يتهم تيار أبو ظبي، رئيس المجلس، رشاد العليمي، باتخاذ القرار خارج التوافق بين أعضاء المجلس. وتقول المصادر إن الزنداني الذي ينحدر من محافظة الضالع الجنوبية، سوف يقود أيّ مفاوضات قادمة مع صنعاء.
في الإطار نفسه، كشف الناشط السياسي ورئيس «منظمة فكر»، عبد العزيز العقاب، عن تفاهمات جديدة بين صنعاء والرياض، سيتم تنفيذها قريباً. وقال العقاب، في منشور له على منصة «إكس»، إن هناك تفاهمات بين الرياض وصنعاء بشأن تحييد الملف الاقتصادي والإنساني عن الصراع، وتسليم الرواتب كجزء من بند الإعمار والمصالحة، إلى حين قيام اللجنة الاقتصادية بإنجاز الآلية المتفق عليها، وإن التفاهمات تشمل فتح الطرقات بصورة عاجلة، وإطلاق الموقوفين كافة، وفتح مطار صنعاء إلى وجهات جديدة، وتشكيل لجنة الاتصال اليمنية. وبحسب العقاب، المقيم في سلطنة عمان، فإن المؤشرات إلى اقتراب موعد التوقيع على اتفاق خريطة السلام كبيرة. يأتي ذلك وسط ضغوط من قبل حكومة صنعاء للتسريع في توقيع اتفاق السلام، حيث أكد زعيم حركة «أنصار الله»، قبل أيام، أن على السعودية التوقيع على الاتفاق وعدم الخضوع للرغبة الأميركية في عرقلته، كوسيلة لوقف عمليات الحركة المساندة لغزة.
في الموازاة، كشفت الولايات المتحدة، عن خطة بديلة تدرسها إدارة جو بايدن في اليمن في ظل الإخفاقات العسكرية في البحر الأحمر. ونقلت وسائل إعلام عن مصادر ديبلوماسية قولها إن إدارة بايدن أبلغت حلفاءها في المنطقة باستحالة اجتثاث «أنصار الله»، مشيرة إلى أن «الحركة قومية وليست طائفية كما يتم تصويره». وأوضحت المصادر أن «وزير الخارجية الأميركي الذي زار السعودية ومصر الأسبوع الماضي، أبلغهما أن الحل لهزيمة الحوثيين ليس عسكرياً، بل السير في الحل السياسي». وأكدت أن «الخطة الأميركية تشمل فترة ما بعد حرب غزة، وتتمثّل في الرهان على فقدان الحوثيين الغطاء السياسي والاجتماعي في اليمن، بدلاً من الانخراط في مواجهة معهم».
ميدانياً، ومع تراجع أعداد السفن المتّجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني وتغيير عدد كبير من السفن التجارية الأميركية والبريطانية مسارها إلى رأس الرجاء الصالح، في أعقاب فشل البحرية الأميركية في حماية السفن التجارية، اشتدّت الهجمات اليمنية ضد السفن العسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وصارت البوارج والمدمّرات تتعرّض منذ مطلع الأسبوع الفائت لهجمات يومية، وفقاً لمصادر عسكرية في صنعاء، تحدّثت إلى «الأخبار». وعلى رغم تصاعد هذا النوع من الهجمات، إلا أن القيادة المركزية الأميركية اعترفت بهجوم واحد فقط خلال 48 ساعة، ولم تعلّق على العملية العسكرية الواسعة التي نفّذتها قوات صنعاء منتصف الأسبوع الفائت. ومن إجمالي سبع عمليات نفّذتها تلك القوات، وأعلنت عن ست منها حتى الآن، اعترفت القيادة المركزية في بيان بآخر عملية، وهي التي لم تُعلن «أنصار الله» عنها، وتجاهلت العمليات السابقة التي تُعدّ الأوسع منذ بدء المواجهات البحرية. وأوضحت في بيان أصدرته، فجر أول أمس، أن قواتها تعرّضت لهجوم بحري، أول من أمس، بواسطة أربع طائرات مسيّرة. وقالت إن الهجوم كان يستهدف سفينة أميركية في البحر الأحمر من دون ذكر اسمها، مضيفة أنها استطاعت تدمير الطائرات الأربع.
في هذا الوقت، تصاعدت أزمة الثقة بين الشركات الملاحية الأميركية والبريطانية من جهة، وتحالف «حارس الازدهار» من جهة أخرى. وبعدما أعلنت شركة «ميرسك» العملاقة للشحن التوقّف عن المرور في البحر الأحمر، قالت شركة «كارنيفال كوربرايشن» الأميركية – البريطانية، في بيان، إن سفنها على الأرجح لن تبحر عبر البحر الأحمر لبقية العام الحالي وأوائل العام المقبل.