الحرف اليدوية من المعالم التي يتميز كل شعب ببعض منها وفي كثير من الأحيان تسمى بعض المدن أو البلدان ياسم أشهر ما تنتجه أو ما تنفرد بانتاجه ومن أهم الحرف اليدوية في سورية وخاصة في دمشق وريفها صناعة الأغباني وقد نشرت سانا تقريرا عن صناعته جاء فيه:
“من العادات والتقاليد اللي كانت مشهورة بدوما أنو كل عروس رح تتزوج تطالع بجهازها ماكينة الأغباني لتشتغل فيها بكل حب وتعين أسرتها وبيتها” بهذه الكلمات بدأت السيدة أم محمد حديثها لـ سانا الشبابية متغنية بحرفة الأغباني الدمشقية.
وتصف أم محمد الأغباني بأنها “حرفة قديمة ما زلنا نشتغل فيها من خلال ماكينة يدوية تعلمنا عليها في بيوتنا قبل أن نواصل نقلها إلى أولادنا، ليبدعوا بدورهم في تطريز اللوحات والرسومات على قطع القماش البيضاء، مع فارق أننا اعتدنا الاشتغال بالحرير الطبيعي والقصب، أما حالياً فقد استعضنا عن ذلك بالحرير الصناعي”.
أم محمد لم تكن بطبيعة الحال الوحيدة أو الأولى ولا الأخيرة التي تعلمت حرفة الأغباني في دوما، فقد كانت النسوة في دوما يعملن في هذه الحرفة طوال الوقت بهدف استمرارها والحفاظ عليها كواحدة من الأشغال التقليدية المعتادة، والتي عرفت بحرفة تنزيل خيوط الحرير والقصب على القماش القطني برسوم وزخارف مستوحاة من التراث الدمشقي، لتخرج منها أغطية الطاولات وستائر النوافذ والعبايات الشرقية واللباس الدمشقي.
أكثر من 400 عام هو عمر هذه الحرفة في سورية وتحديداً في دوما بدمشق، كما روى أنس غنام مدير خط إنتاج الأغباني في مؤسسة الوفاء التنموية السورية، مبيناً أن ما يميز الأغباني هو استخدام أكثر من لون أثناء التطريز قد تصل إلى سبعة ألوان في بعض القطع كالشراشف، ويعبر تصنيع الأغباني بثلاث مراحل أولها الطباعة أو الرسم على القماش، وثانيها ملء الرسومات بخيوط الحرير والقصب وهي المرحلة الأصعب والأطول مدة، وأخيراً الغسيل والكوي والتعشيب (قص الخيطان الزائدة)، وفي هذه المرحلة يأخذ الطقم مدة يوم كامل في الغسيل والكوي حيث ينقع بمادة حمض الليمون ثم النفط الذي يساعد على إزالة البقع التي خلفها الرسم باستخدام مادة النيلة.
أما الرسومات التي يمكن تنفيذها في ورشة المؤسسة المختصة بشراشف الطاولات فهي مستلهمة حسب غنام من مفردات التراث الدمشقي والبيت العربي القديم مثل الوردة الشامية والوردة الجورية وسقف القاعة والضامة، مؤكداً أن الماكينات الإلكترونية متعددة الرؤوس باتت اليوم قادرة على إنجاز هذا العمل وهو ما يفقد روح الحرفة التراثية، الأمر الذي يستدعي تعزيز العمل اليدوي قدر الإمكان للحفاظ على أصالته ونقله للأجيال القادمة، وهو مانفعله عبر استمرارنا في الورشة والاعتماد على العمل اليدوي.
وفي ختام حديثة أكد غنام أنه لطالما تم تصدير نتاج الأغباني كحرفة دمشقية قديمة إلى دول العالم بأشكال وأنواع وزخارف مختلفة تلفت الأنظار، وأما العمل فيها “فلا يقتصر حتى في وقتنا الحالي على الورشات، بل هناك العديد من النساء يواظبن على الشغل اليدوي في بيوتهن ومنهن أكثر من 85 سيدة تعمل من داخل المنازل”.