بعد أن أنهكت الأمراض والإصابات أجساد الكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة المنكوب جراء استمرار العدوان الصهيوني لليوم الـ 106، كارثة حقيقية أخرى تهدد الحياة فيه تتجلى بنقص وفقدان العديد من الأدوية ولا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة والخطيرة.
“حاولت الحصول على العلاج من الصيدليات لكن دون جدوى، كل الصيدليات نفدت منها الأدوية بمختلف أنواعها، إننا نموت بعد أن نهشت الأمراض أجسادنا” هكذا يصف أحمد أبو عمشة المصاب بمرض السرطان حاله وحال كل مرضى وجرحى قطاع غزة الذين تقطعت بهم السبل في الحصول على علاجهم بسبب الحصار والعدوان المستمر على القطاع.
ويقول أبو عمشة لمراسل سانا: “جلت على كل صيدليات مدينة رفح جنوب القطاع وعرضت نفسي لخطر قصف الاحتلال ووصلت إلى مدينة خان يونس مشياً على الأقدام قاطعاً كيلومترات عديدة في محاولة للحصول على العلاج من مستشفى ناصر الطبي وحتى المستشفى الأوروبي ولكن دون جدوى” مؤكداً أن جميع الجرعات العلاجية الخاصة بمرضى السرطان نفدت بينما العالم صامت على المعاناة الفلسطينية.
وتؤكد وزارة الصحة الفلسطينية أن نحو عشرة آلاف مريض بالسرطان في قطاع غزة نفدت كل جرعاتهم العلاجية من مستودعاتها ولم يعد متوافراً أي نوع من الجرعات الطبية الخاصة بهم.
من جانبه يروي كامل بركة الذي يقيم في مركز إيواء بمدينة رفح جانباً من معاناة زوجته المصابة بفشل كلوي قائلاً: “زوجتي تحتاج لغسيل الكلى مرتين في الأسبوع، وقد أخبرنا الأطباء في مستشفى أبو يوسف النجار أنه لم يعد بمقدور المستشفى القيام بغسيل الكلى بشكل منتظم في ظل الضغط الكبير من المرضى والنازحين من شمال ووسط القطاع” مشيراً إلى أن المئات من مرضى الكلى يصطفون طوابير أمام المستشفى علّهم يحصلون على مكان داخله للقيام بغسيل الكلى بينما فارق كثير من كبار بالسن مصابون بالفشل الكلوي الحياة.
وتشير تقديرات وإحصائيات المستشفيات والمراكز الصحية في غزة إلى أن نحو 350 ألف مريض في قطاع غزة مصابون بالأمراض المزمنة ويتواجدون حالياً داخل مراكز الإيواء التي لجؤوا إليها بعد أن قصف الاحتلال الصهيوني منازلهم وهجّرهم من شمال ووسط القطاع حيث باتوا يعانون مرارة الألم والمرض.
ولمرضى السكر في غزة حكايات موت يتجرعونها كل يوم، فقد أُصيب العديد منهم بغيبوبة سكر وسقطوا أرضاً في باحات مراكز الإيواء لعدم تلقيهم جرعات الأنسولين الخاصة بهم والتي نفدت كذلك من الصيدليات والعيادات والمراكز الصحية في قطاع غزة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم وضعهم الصحي والنفسي.
وقد وثقت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد 337 من الكوادر الطبية وتعمد الاحتلال تدمير المنظومة الصحية وانهيار بنيتها التحتية عبر قصف واستهداف 150 مؤسسة صحية وإخراج 30 مستشفى و53 مركزاً للرعاية الصحية عن الخدمة وتدمير 121 سيارة إسعاف، إضافة لتدمير سيارات الدفاع المدني، ما جعل مهمة انتشال الشهداء والجرحى ونقل المرضى للمستشفيات مستحيلة، لافتةً إلى أن المجتمع الدولي فشل في توفير ممر إنساني آمن يضمن تدفق المساعدات الطبية وخروج الجرحى بعيداً عن قيود وحصار الاحتلال الإسرائيلي.