ا تّهم نائب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، روبرت وود، مجلس الأمن بـ«الفشل الأخلاقي»
أخفق مجلس الأمن الدولي كما كان متوقعا في تمرير مشروع القرار الذي قدّمته الإمارات، باسم المجموعة العربية لوقف لاطلاق النار في غزة، في ظلّ مواصلة الولايات المتحدة، معارضتها فاستخدمت«حق النقض» (الفيتو) ضده، من أجل إتاحة المجال أمام استكمال «العملية العسكرية» العدوانية على القطاع.
وجاءت هذه النتيجة الدبلوماسية المخيّبة لمشروع القرار الإماراتي، والذي يطالب بـ«وقف فوري لإطلاق النار في غزة لدواعٍ إنسانية»، مع الدعوة إلى «حماية المدنيين» و«الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن» و«ضمان وصول المساعدات الإنسانية»، وذلك على الرغم من مساعٍ دبلوماسية حثيثة بذلتها مجموعة الاتصال الوزارية العربية، المنبثقة عن «قمّتَي الرياض»، في عواصم أبرز الدول الأعضاء في المجلس، بخاصّة واشنطن، حيث التقى الوفد الوزاري العربي بعدّة مسؤولين، أبرزهم وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ورئيس «لجنة العلاقات الخارجية» في مجلس الشيوخ، بِن كاردن، وعدد من أعضاء اللجنة، بغية إقناع المعنيين في الإدارة الأميركية بالتصويت لمصلحة المشروع.
وقبيل ساعات من التصويت، دعا وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، متحدّثاً باسم المجموعة العربية، مجلس الأمن الدولي، إلى «اتّخاذ قرار ينهي بشكل فوري الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة»، في حين ناشد المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أعضاء الهيئة الأممية، «الإنصات إلى الموقف الشجاع والمبدئي للأمين العام»، في إشارة إلى تفعيل أنطونيو غوتيريش، المادة 99 من ميثاق المنظّمة الدولية، حين دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة. بدورها، شدّدت وزارة الخارجية الصينية، في بيان، على أهمية أن يبادر المجتمع الدولي إلى «اتّخاذ إجراءات أكثر فعالية لتعزيز وقف شامل لإطلاق النار، لإنقاذ الأرواح واستعادة السلام في غزة».
واشنطن مقتنعة بضرورة الاكتفاء في الوقت الراهن بـ «الجهود الدبلوماسية المتعلّقة بتحسين تدفّق المساعدات الإنسانية وحماية السكان المدنيين»
وخلال جلسة التصويت على مشروع القرار الإماراتي، على وقع انقسام حادّ في مجلس الأمن، اتّهم نائب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، روبرت وود، مجلس الأمن بالفشل الأخلاقي في إدانة ما وصفه بـ«الهجمات الإرهابية في السابع من أكتوبر التي ارتكبتها حماس، بما في ذلك العنف الجنسي والشرور الأخرى التي لا توصف»، وفق زعمه. وأعلن وود رفض بلاده دعوة مشروع القرار الإماراتي إلى وقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة، معتبراً أنه «إذا ما تخلّت إسرائيل عن أسلحتها بمفردها اليوم كما تدعو دول كثيرة، فإن حركة حماس ستواصل احتجاز الرهائن من النساء والأطفال وكبار السن». وزعم الدبلوماسي الأميركي أن سيطرة «حماس» على غزة، تمثّل «خطراً لا يمكن لحكومات العالم السماح باستمراره»، مشدّداً على «(أننا) لا نؤيّد الدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري، لأن حماس لا ترغب بالسلام ولا بحلّ الدولتَين».
وفي حين دعا حركة «حماس» إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها، قال إنّ حكومة بنيامين نتنياهو معنيّة بـ«الالتزام بالمعايير واحترام القانون الدولي خلال الدفاع عن نفسها، للحدّ من الأضرار المتوقّعة على المدنيين». وأردف بمطالبة إسرائيل بتجنُّب تهجير المدنيين في قطاع غزة، وتوفير ممرّات تسمح بالمرور الآمن بعيداً من العمليات العسكرية.
وزير الخارجية العماني: إفشال واشنطن مشروع قرار لوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة إهانة مخزية للأعراف الإنسانية
أعربت سلطنة عُمان اليوم عن أسفها لاستخدام الإدارة الأميركية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن أمام مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار وإنقاذ الوضع الإنساني في قطاع غزة.
ووصف وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي موقف الولايات المتحدة بالإهانة المخزية للأعراف الإنسانية والتضحية بحياة المدنيين الأبرياء من أجل الصهيونية، مؤكداً أن “العالم سيتذكر هذا اليوم بخجل شديد”.
ودعت وزارة الخارجية العمانية المجتمع الدولي إلى بذل كل الجهود السياسية والدبلوماسية والقانونية لوقف العدوان ومحاسبة المعتدين على جرائم الحرب التي يقترفونها في قطاع غزة.
وشددت الوزارة على ضرورة رفع الحصار عن غزة، وتقديم كل ما يحتاجه الشعب الفلسطيني من إغاثة عاجلة ودعم صموده على أرضه وتوفير الحماية اللازمة له.
صحيفة الغارديان البريطانية
وفي معرض تعليقها على الموقف الأميركي، أشارت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية إلى أنّ واشنطن لا تزال تعارض وقفاً دائماً لإطلاق النار في القطاع، انطلاقاً من قناعتها بضرورة الاكتفاء في الوقت الراهن بـ«الجهود الدبلوماسية المتعلّقة بتحسين تدفّق المساعدات الإنسانية وحماية السكان المدنيين» هناك، موضحةً أنّ «المشروع الإماراتي» رمى إلى البناء على الزخم الذي ولّدته الخطوات غير المسبوقة الأخيرة الصادرة عن غوتيريش بخصوص التطوّرات في غزة، وما قادته مجموعة الاتصال العربية من «حملات ضغط» (lobbying) لدى بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، وكذلك لدى بلينكن، الذي التقى المجموعة مساء أمس.
وتوقّفت الصحيفة البريطانية عند أسباب أخرى للمعارضة الأميركية لمشروع القرار الإماراتي، كاشفةً أن أحدها اعتراض إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على بعض المضامين الواردة في صياغة البيان، وتحديداً لجهة تجنّبه إدانة «حماس» على خلفية أحداث السابع من تشرين الأول، فيما يتعلّق الآخر برهانات لدى واشنطن على تصوير الإعلان الإسرائيلي عن مزاعم بفتح معبر كرم أبو سالم، أمام المساعدات الإنسانية الموجّهة إلى غزة، باعتباره مؤشراً إلى انصياع تل أبيب للضغوط الأميركية على هذا الصعيد.
وبناءً على ما سبق، خلصت الصحيفة إلى أنّ الولايات المتحدة تصرّ على أن الوقت لم يحن بعد «لإفساد هذه اللحظة» (في إشارة إلى الاستجابة الإسرائيلية) نحو وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ومع هذا، لم تغفل الصحيفة الإشارة إلى بوادر انزعاج في أوساط الإدارة الأميركية تجاه السلوكيات الصهيونية، مستعرضةً التصريحات الأخيرة لبلينكن، والتي شكا فيها من وجود ما سمّاه «فجوة» بين ما دعا القادة الصهاينة إلى القيام به خلال زيارته الأخيرة للأراضي المحتلّة، وما يقوم به هؤلاء على أرض الواقع في غزة.