صعد الكيان الصهيوني عدوانه في الساعات الأخيرة على غزة كعادته المعروفة وهي الوصول إلى ذروة التصعيد في الساعات التي تسبق أي عملية وقف لإطلاق النار، فقد تصاعدت عمليات القصف الصهيوني للأحياء المأهولة في مناطق قطاع غزة كافة، عبر مئات الغارات التي شنّتها الطائرات الحربية، عدا عن القصف المدفعي المتواصل.
ففي الشمال، قصف العدو خلال ساعات المساء الأولى، منزلاً قرب منطقة صبيح في منطقة الفالوجا غربي مخيم جباليا. كما قصف نحو عشرة منازل في منطقة بلوك 5 في المخيم بحزام ناري تسبب باستشهاد العشرات. ودمر ما تبقى من محيط «مستشفى كمال عدوان»، بحزام ناري تكرّر ثلاث مرات خلال ساعات المساء. وفي جباليا أيضاً، ارتكب العدو مجزرة كبيرة طاولت منزلاً في منطقة جباليا البلد، يعود لعائلة قدورة، استشهد فيها أكثر من 57 شخصاً. واستهدف منزلاً آخر لعائلة صباح استشهد فيه أكثر من 15 شخصاً. ونفذت الطائرات الحربية كذلك، أحزمة نارية عنيفة جداً في المناطق الشمالية من مدنية بيت حانون.
وأكد «مستشفى كمال عدوان»، المؤسسة الصحية الوحيدة التي لا تزال تعمل في مناطق الشمال، أنها استقبلت خلال ليلة واحدة، أكثر من 60 شهيداً و 200 مصاب. وفي أحياء الشيخ رضوان والجلاء والنصر، في القاطع الغربي من الشمال، أغارت الطائرات الحربية على أكثر من 15 هدفاً، لعائلات حرب والبزم ونصار وسمور وأبو غبيطان، فضلاً عن تدمير مركز للشرطة، ما تسبب باستشهاد أكثر من 15 شخصاً.وعاشت الأحياء الشرقية من مدنية غزة، ليلة شديدة القسوة أيضاً، إذ قصفت الطائرات الحربية أكثر من 10 منازل في حي الشجاعية، ودمرت العشرات من المنازل الأخرى في أحياء التفاح والدرج وشارع يافا. ونال الحصة الأكبر من القصف، حي الزيتون حيث استشهد 50 شخصاً بقصف منزل لعائلة مشتهى، و30 شخصاً بقصف منزل لعائلة سليم.
وفي مخيمات ومدن المنطقة الوسطى، أغار العدو على منازل لعائلات أبو هولي وأبو شماس وأبو غزة في منطقة دير البلح، ما تسبب باستشهاد أكثر من 30 شهيداً. وفي مخيم النصيرات، دمرت الطائرات الحربية العشرات من المنازل والشقق السكنية المأهولة. وارتكبت الطائرات الحربية مجزرة طاولت منزلاً لعائلة عياش في شارع الـ 20 بحي النصيرات، استشهد فيه أكثر من 30 شخصاً، فيما لا يزال عشرات المصابين تحت الأنقاض.
وفي المناطق الجنوبية، طاولت الغارات الإسرائيلية مناطق شرقي القرارة شرق مدنية خانيونس. كما قصفت الطائرات الحربية شقة سكنية تعود لعائلة عباس في مدنية حمد قضى فيها أكثر من 15 شخصاً.
هذا السلوك الذي مارسته قوات الاحتلال في الساعات الأخيرة التي تسبق الدخول الفعلي لوقف إطلاق النار، كان متوقعاً. غير أن حدّة الغارات والزخم الناري الذي حمل طابع إغلاق الحسابات المفتوحة، وتدمير الأهداف كافة التي كان من المتوقع استهدافها، من مستشفيات ومؤسسات حكومية ومقرات شرطة، توحي بأن الهدنة المؤقتة، يمكن أن يجري تمديدها وصولاً إلى تطويرها لوقف تام لإطلاق النار.
وقدّرت مصادر فصائلية تحدثت معها صحيفة «الأخبار» اللبنانية بأن «العدو سيعاود استئناف العمليات العسكرية بعد انتهاء مدة الهدنة المؤقتة، لكنه يحاول تحقيق أكبر قدر ممكن من التدمير والتمهيد الناري والتوغل العميق، لصناعة صورة انتصار موازية، لتمكن حركة حماس من تحقيق صفقة تبادل، ظلّت قيادة العدو ترفضها طوال 45 يوماً من بدء الحرب».
ووفق المصادر، فإن المقاومة «تتوقع السيناريوهات كافة، وتتعاطى مع الهدنة على أنها وقت مستقطع لترميم الجبهة الداخلية وإدخال المساعدات، ليس أكثر من ذلك ولا أقل، إذ أن قدرتها لم تتأثر في المعارك الميدانية، حتى في ذروة الزخم الناري».