واصلَ حزب الله تكثيف عملياته على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، مستهدفاً مواقع وثكنات وتجمّعات جيش العدو الصهيوني. ونفّذ خلال الساعة الـ48 الماضية 21 عملية ضدّ مواقع العدو على طول الحدود، وأصاب تجمّعات لأفراد وآليات، فضلاً عن إسقاط مُسيّرة من نوع «هيرميز 450» بواسطة صاروخ أرض – جو، وهي طائرة مُسيّرة قتالية متعدّدة المهام.
وأمام اتساع نطاق العمليات وكثافتها، قالت القناة 12 العبرية إن المستوطنات الشمالية التي تم إخلاؤها أصبحت ساحة معركة حقيقية، ما يعكس الجدل الدائر في الأوساط الصهيونية حيال التعامل مع الخطر القادم من الشمال. وفي ظل التسليم بأن الحرب الشاملة مع حزب الله تشكل تحدياً كبيراً لم يواجهه الكيان من قبل على الإطلاق، بدأت أصوات تتعالى مطالبة بأن يكون خيار التحرك العسكري في الشمال مطروحاً بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، إذ إنه «سيكون من الخطأ الإستراتيجي الآن، عندما يكون الجيش الصهيوني مستعداً وجاهزاً، تفويت مثل هذه الفرصة».
ورأى المراسل العسكري لموقع «واللا» أمير بوحبوط، أن قائد القيادة الشمالية اللواء أوري غوردين، يستخدم أسلوب «تجريد القدرة» لتحييد قدرات حزب الله في المنطقة الحدودية «من أجل عدم إشعال النار في القطاع الشمالي أثناء تواجد قواتنا في غزة». لكن كوبي ميروم في موقع «القناة 12» اعتبر أن حزب الله حقّق بعض الإنجازات الكبيرة على مستوى الوعي، مثل 70 ألف مستوطن تم إجلاؤهم من مستوطناتهم على الحدود الشمالية ومئات الآلاف الذين ما زالوا مهددين بنيرانه حتى خليج حيفا.
وبعيداً عن آراء المحلّلين والمعلّقين العسكريين وغيرهم، تتعالى أصوات المستوطنين المهجّرين من المستوطنات الحدودية مع لبنان، فقد قال رئيس منتدى مستوطنات خط المواجهة موشيه دافيدوفيتش: «لن نوافق على عودة سكاننا إلى ديارهم دون أن يكون حزب الله وقتلته خارج نطاق القائمة على أقل تقدير (…) يقوم نصرالله فقط بزيادة وتيرة إطلاق الصواريخ والطائرات المُسيّرة والصواريخ المضادة للدبابات، ولا يبدو أنه متأثر بتصريحات رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الكابينت»، داعياً إلى أن «تكون هناك خطة منظّمة مثل تلك الموجودة في الجنوب، وتنفيذها على أرض الواقع، والتأكد من أن نصرالله لن يتمكّن من ردعنا بعد الآن».
وتحت عنوان «إعادة الأمن لسكان الشمال»، تدور نقاشات كثيرة في الإعلام العبري عن الحلّ الأمثل لتحقيق ذلك. وبالتزامن مع الحديث عن «حلّ الدولتين» أو «إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية» كجزء من حلّ أوسع للمأزق الذي يواجهه الكيان في الجنوب (غزة)، يقترح البعض تفعيل الضغوط السياسية على الحكومة اللبنانية وإعادة الزخم لقرار مجلس الأمن 1701. ويتوقّع البعض أنه مع انتهاء المعركة البرية في غزة والتوصل إلى اتفاق شامل بشأن الأسرى، فإن الجيش الصهيوني سيبدأ بحشد قواته في الشمال استعداداً لمعركة مع حزب الله، عندها يتعيّن على الكيان مطالبة لبنان بالتنفيذ الكامل للقرار 1701. بمعنى آخر، انسحاب قوات حزب الله إلى شمال الليطاني وإنشاء منطقة خالية من التواجد العسكري لحزب الله. وبالتأكيد ستدعم المقترح هذا الولايات المتحدة والعديد من الدول، بما في ذلك السعودية ودول الخليج.