القاهرة تشترط تشغيل معبر رفح من الجانبَين بوتيرة تتناسب مع الاحتياجات اليومية
تتواصل، في العاصمة المصرية القاهرة، الاتصالات الديبلوماسية والاستخبارية من أجل التوصّل إلى حلّ للوضع الإنساني في قطاع غزة في أسرع وقت ممكن. وقد أتى ذلك بعدما فشلت محاولات التهدئة التي كان يُفترض أن تدخل حيّز التنفيذ أمس، بسبب اعتراضات داخل الحكومة الصهيونية عرقلتْها في اللحظات الأخيرة، في وقت واصل فيه كيان الاحتلال رفع وتيرة الضغط، باستهداف الجانب الفلسطيني من معبر رفح، بما يعيق حتى إدخال المساعدات الإنسانية وتشغيل المعبر.
وذكرت وكالة فرانس بريس في تقرير إخباري أن مصر تتمسّك بعدم فتح المعبر من جانب واحد، مع التشديد على استمرارية عمله وفق القواعد المعتادة خلال الأيام التي سبقت الحرب – وإنْ برزت إشكالية متعلّقة بتعطّل العمل من الجانب الفلسطيني -. كما تتمسّك برفضها استقبال أيّ مواطنين أميركيين أو أجانب يَخرجون من غزة بشكل غير منظّم، بما يفتح الباب أمام نوع من التدفّق إلى الجانب المصري.
وقد زاد الجيش المصري من تعزيزاته على الشريط الحدودي مع القطاع، عبر الدفع بمزيد من الآليات العسكرية والجنود والأسلحة، في ما يبدو تحسّباً لأيّ محاولات لاقتحامٍ للحدود، وتنبيهاً إلى خطورة ما آل إليه الوضع الإنساني في غزة.
وبالتوازي مع ذلك، جرى تجهيز العشرات من سيارات الإسعاف التي تنتظر إذن الدخول لنقل مئات المصابين من القطاع إلى المستشفيات المصرية من أجل تلقّي العلاج، مع بحث إقامة مستشفى ميداني في منطقة قريبة من المعبر.
ووفق مصادر مطّلعة، تحدّثت إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، تشترط مصر إعادة تشغيل المعبر بشكل اعتيادي من الجانب الفلسطيني، بالتزامن مع تشغيله من الجانب المصري، في ظلّ اقتناعها بأن وجود أكثر من 500 أميركي في غزة ينتظرون العبور إلى الجانب المصري، يمثّل أداة ضغط جيّدة على حكومة الاحتلال التي ترفض إلى الآن السماح بإدخال أساسيات الحياة إلى القطاع. وأبدت مصر، أمس، مرونة في ما يتعلّق بإدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، عبر الموافقة على عمليات تفتيش المساعدات التي تتذرّع بها الحكومة الصهيونية، بينما رفضت استخدام المعبر نفسه لعمليات الإجلاء من القطاع والتي تتابعها سفارات غربية، وهو ما يزيد من تعقيد الموقف، وخاصة بعد توقف المفاوضات المصرية – الصهيونية المباشرة في الساعات الماضية، ومغادرة الوفد الأمني الصهيوني القاهرة من دون التوصّل إلى نتائج تُذكر.
وبحسب المصادر المصرية، فإن القاهرة تشترط تشغيل معبر رفح من الجانبَين بوتيرة تتناسب مع الاحتياجات اليومية، والتي لا تقتصر على إدخال المساعدات فقط، بل تمتدّ لتشمل إخراج المصابين الذين يحتاجون إلى علاج متقدّم لا يتوافر في مستشفيات غزة، إلى جانب التعامل مع الحالات الإنسانية التي تحتاج إلى مستلزمات طبّية يُفترض إرسالها بشكل فوري إلى القطاع.
تعتقد مصر أن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في الوقت الحالي أمرٌ شبه مستحيل
ووفق المصادر نفسها، فإن الرئيس الأميركي، جو بايدن، سيَحضر إلى شرم الشيخ للمشاركة في القمّة الطارئة بشأن غزة، والتي ستجمعه مع عدد من قادة المنطقة، من بينهم ملك الأردن ووليّ العهد السعودي وأمير قطر، فيما يُحتمل توسيعها لتشمل قادة من دول أوروبية، من بينهم الرئيس الفرنسي، ورئيس الوزراء البريطاني، والمستشار الألماني، فضلاً عن ممثّلين من دول أخرى.
ويرتقَب أن تُعقد القمة بعد زيارة بايدن لكيان الاحتلال، بينما بدأت القاهرة التنسيق للقاء الذي سيسبقه وصول مسؤولين عرب إلى القاهرة قبل يوم من وصول بايدن إليها، للتشاور. وبحسب المصادر، فإن مصر تعتقد بأن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في الوقت الحالي أمر شبه مستحيل، لكن من الممكن بالنسبة إليها التوصّل إلى هدنة إنسانية، في حين تتزايد وتيرة الشدّ والجذب مع دولة الاحتلال التي تتمسّك بإحكام الحصار على القطاع، أملاً باستعادة أسراها «بلا قيد أو شرط»، وهو ما لا تراه القاهرة قابلاً للتحقّق.