وثيقة سرية عن دور الأمريكيين في اقتتال عين الحلوة

نشرت صحيفة «الأخبار» اللبنانية الصادرة اليوم نصاً لوثيقة مصنّفة «سرّيةً للغاية» أعدّتها سفارة إحدى الدول العربية حول اشتباكات مخيم عين الحلوة، جاء فيها:
«منذ وقت غير قصير، هناك تحضيرات أميركية مُبكّرة لتصفية مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان باعتباره عنواناً أساسياً من عناوين اللجوء الفلسطيني في الشتات. وقد بُوشر هذا التوجه من قبل قادة وضباط عسكريين أوفدتهم واشنطن في السنوات الأخيرة». وتضيف الوثيقة «أن الاشتباكات المُتكررة في مخيم عين الحلوة بين حركة فتح وجماعات ذات طبيعة عقائدية مُتشددة ليست بعيدة عن تحركات قامت بها وفود عسكرية أميركية، وبسرية تامة، إلى المنطقة المُطلة على المخيم، حيث سُجلت زيارات ميدانية مُتكررة للوفود الأميركية التابعة للقيادة العسكرية الوسطى، بلغت ثلاث زيارات على الأقل عام 2018، أبرزها لقائد القيادة الوسطى آنذاك الجنرال جوزيف فوتيل».
ونسبت الوثيقة إلى «مصادر أمنية لبنانية، أن الجنرال فوتيل طلب خلال زيارة دورية لقيادة الجيش اللبناني ترتيب جولة استطلاعية له إلى محيط مخيم عين الحلوة على أن يرافقه فيها ضباط لبنانيون مُلمّون بهذا الملف. وقد استغرب قائد الجيش العماد جوزيف عون هذا الطلب، باعتبار أن بإمكان قائد المنطقة الوسطى الذي تمتد سلطته العسكرية بين أفغانستان ولبنان أن يوفد بدلاً منه فريقاً من ضباطه لهذه الغاية، فضلاً عن أن المخيم لا يُمثل في نظره رقماً صعباً في الحسابات العسكرية الإستراتيجية. وبالفعل، تم للجنرال الأميركي ما أراد، حيث عاين المخيم من تلة سيروب المطلّة على المخيم. وتبيّن أن فوتيل يحمل معه خرائط مفصّلة للمخيم ومحيطه، وقد وجّه أسئلة مُحددة إلى فريق مخابرات الجيش الذي رافقه تناولت النقاط الآتية

أولاً: واقع المخيم جغرافياً وبشرياً.
ثانياً: هوية المجموعات المسلحة المُنتشرة في داخله وأعدادها وأماكن تمركزها، وتوقف بالتحديد بالسؤال عن جماعة «أنصار الله» بقيادة جمال سليمان ومجموعات إسلامية أخرى.
ثالثاً: عدد النازحين الفلسطينيين الذين وفدوا من سورية إلى مخيم عين الحلوة.
رابعاً: طبيعة التدابير التي يتخذها الجيش اللبناني حول المخيم.
خامساً: تطورات خطة بناء جدار إسمنتي حول المخيم».

وجاء في الوثيقة أيضاً: «متابعة لهذه الزيارة، تلاحقت الاجتماعات بين الجانبين الأميركي واللبناني، وقام فريق تقني من القيادة المركزية الأميركية بزيارة قيادة الجيش اللبناني في أيلول 2018 والتقى قائد الجيش ومدير المُخابرات ومسؤول الملف الفلسطيني في الجيش. وتناولت مهمة الفريق جوانب تنفيذية، لعل أهمها استكمال بناء الجدار الذي يفصل المخيم عن محيطه، وتم بحث ضم «بساتين الطيار» الواقعة داخل المخيم إلى الجدار، وكانت هذه بمثابة معسكر تدريب لعصبة الأنصار التي تُعتبر فصيلاً بارزاً من بين المجموعات الإسلامية في المخيم. وسبق أن اتُّهمت العصبة بالوقوف وراء عمليات اغتيال من أبرزها قتل القضاة الأربعة على قوس المحكمة في صيدا. لكن علاقة العصبة مع الجيش اتخذت منحى إيجابياً في السنوات اللاحقة، وخاصة لجهة المساعدة في ضبط سلوك مجموعات أقل حجماً».

مسؤول اميركي في لقاء مع مسؤولين لبنانيين في عمان: قسم من ابناء المخيمات يسافر وتوطين من يتبقون في لبنان

وتابعت الوثيقة: «إن بناء جدار حول مخيم عين الحلوة جاء في الأساس بناءً على اقتراح أميركي، على الرغم من أن الجيش تعلّل في حينها بالحاجة إلى اتخاذ تدابير أمنية في ضوء الخُروقات التي تقوم بها عناصر مُسلحة من داخل المخيم باتجاه المُحيط. ولم تَحُل الاعتراضات على هذه الخطوة دون إتمام بنائه. ولاحظت أن عدداً من الإرهابيين الذين غادروا المخيم في أوقات سابقة للمُشاركة في القتال في سورية، عادوا إلى عين الحلوة مُجدداً في توقيت لافت، الأمر الذي ساهم في إذكاء التوتر داخل المخيم وأثار مخاوف من أن يكون ذلك مقدّمة لتفجير المخيم من الداخل على طريق تفكيكه وإنهاء حق العودة، ما دفع مصادر أمنية لبنانية إلى السؤال عما إذا كانت هناك دولة خليجية مُعينة لها علاقة بمجموعات «إسلامية» وبالولايات المتحدة في آن واحد قد دفعت باتجاه عودة هؤلاء المسلحين بما يؤدي إلى وصم المخيم بأنه معقل للإرهاب». وحسب الوثيقة «ترافق هذا المُخطط مع تقديم تسهيلات لأعداد من الشباب الفلسطيني في عين الحلوة للسفر إلى دول أوروبية، ولا سيما الدول الأسكندنافية. وتولّت هذه العملية شركات سفر لبنانية».

وفي خلاصة التقرير تذكر الوثيقة أن «مصادر دبلوماسية رسمت أهدافاً عدة لجولات وزيارات الضباط الأميركيين، منها:
1 – فصل المخيم عن جواره بجدار يمكّن من عزل الأحداث التي تجري أو ستجري في داخله عن المحيط.
2 – تعقيد مهمة الخروج والدخول على «المجموعات الإرهابية». وادّعى الأميركيون خلال مباحثاتهم المُتتالية مع الجانب اللبناني أن لديهم معطيات عن وجود حوالي 500 إرهابي مسلح داخل المخيم، من بينهم سعوديون وفلسطينيون وسوريون ولبنانيون.
3 – الهدف الأساسي الذي لم يفصح عنه الأميركيون للجانب اللبناني يتعلق بعملية مواكبة صفقة القرن وفرض واقع يؤدي إلى إنهاك الفلسطينيين وفرض توطين قسم منهم في لبنان وتهجير قسم آخر إلى دول يمكن أن تستقبلهم».
وأبرز ما تنتهي إليه الوثيقة هو أنها تنقل «عن مصادر أمنية استشرافها بحدوث توترات واشتباكات من وقت إلى آخر في مخيم عين الحلوة، بتوجيه من أجهزة أمنية عربية وأميركية، بهدف تأزيم الموقف إلى أقصى حد مُمكن وتهجير سكان المخيم، توطئةً لتوطين قسم منهم في المجتمع اللبناني، ودفع القسم الآخر للسفر إلى دول أجنبية تقدم تسهيلات خاصة بالتنسيق مع إسرائيل».


فوتيل: الجدار والقوات الخاصة في لبنان

بعد سلسلة زيارات قام بها إلى لبنان ودول المنطقة، عقد قائد المنطقة العسكرية الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل لقاء صحافياً نظّمته وزارة الخارجية مع مراسلين لصحف عربية نهاية كانون الثاني 2018. ورداً على سؤال لمراسلة «دايلي ستار» فيكتوريا يان عن دور القوات الخاصة الأميركية في لبنان، قال: «أقوم بزيارات متكررة إلى لبنان».

Related posts

بابا الفاتيكان يندد بمقتل أطفال غزة في قصف إسرائيلي

المقاومة اللبنانية تستهدف بصواريخ الكاتيوشا قاعدة بيريا للعدو الصهيوني

بوريل يتفقد معبر رفح الحدودي بعد اجتماعه بالرئيس المصري السيسي