النصرة الإرهابية تلاقي السعي الأمريكي باعتداءات خسرت خلالها عددا من إرهابييها
تقرير إخباري إ عداد أحمد بدور
تشير المعطيات الأخيرة إلى أن تركيا ما تزال تسعى لتحسين العلاقات مع سورية على رغم الضغوط والمساعي الأمريكية والأوروبية المعارضة لذلك والدليل على ذلك مثلاً تسريبها حديثاً لأحد مسؤوليها عن استعدادها للانسحاب الكلّي أو الجزئي من الشمال السوري.
ولعلّ ذلك التمسّك يفسّر جانباً من السعيالأميركي المحموم، متعدّد الأشكال والمستويات، لعرقلة عملية الانفتاح التركي على سرية، بدءاً من محاولة حشْد المعسكر الغربي بأكمله ضدّها، مروراً بالاشتغال على الربط الاقتصادي بين مناطق سيطرة ما تسمي نفسها «الإدارة الذاتية» وتلك الخاضعة للاجتلال التركي، وليس انتهاءً بالعمل على تهشيم «الائتلاف» ومحاولة استنبات تشكيلات بديلة عنه.
فقُبيل الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، لواشنطن، ولقائه نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، عقد ممثّلو دول الاتحاد الأوروبي اجتماعاً في العاصمة البلجيكية بروكسل، بدعوة من المبعوثة الأوروبية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هيلين لوكال، لمناقشة الأوضاع في سورية، ليخلص الاجتماع إلى تأكيد استمرار موقف الاتحاد الأوروبي الحالي، والمتمثّل في رفْض أيّ خطوات ايجابية باتجاه سورية، ورفْض رفْع العقوبات عنها، كما ورفْض المجتمعون إعادة الإعمار، الأمر الذي يتماشى مع حملة التصعيد التي تقودها واشنطن في الملفّ السوري هذه الأيّام. كذلك، سارعت الولايات المتحدة، إلى الإعلان عن اجتماع تشاوري في جنيف لممثّلي الدول التي تماثلها في مواقفها من الأزمة السورية، في إشارة إلى التحالف السياسي الذي تقوده ضدّ روسيا، حيث تربط واشنطن بين ملفَّي سورية وأوكرانيا، وتَعتبر أيّ تقدّم في الملفّ السوري نجاحاً لموسكو، وفق ما قالته مصادر سورية عميلة لأمريكا، لصحيفة«الأخبار» اللبنانية.
المصادر أوضحت أن جدول أعمال اللقاء لم يتبلور حتى الآن، غير أن المؤكد أنه سيستمرّ ليومَين: اليوم الأوّل (يُتوقّع أن يكون الإثنين القادم) يناقش فيه المجتمعون الخطوات الموحّدة التي يمكن اتّباعها لمنع أو تخفيف أيّ آثار للانعطافة التركية، وإعادة تقييم قانون العقوبات الأميركية على سورية، ومدى إمكانية تنفيذ بنود منه ضدّ الدول التي انفتحت أو تسير نحو الانفتاح عليها، على أن يُعقد في اليوم التالي اجتماع مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
استبَقت واشنطن زيارة أوغلو بجولة لمنسّق البيت الأبيض للشؤون الأمنية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا شملت الأردن والعراق
واستبَقت واشنطن زيارة وزير الخارجية التركي بجولة قام بها منسّق البيت الأبيض للشؤون الأمنية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، شملت الأردن والعراق، حيث ناقش المسؤول الأميركي ملفّات عدّة من بينها الموضوع السوري. وبحسب مصادر كردية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن ماكغروك ناقش مع أربيل سُبل التنشيط الاقتصادي لمناطق «الإدارة الذاتية»، والاستفادة من استثناءات قانون عقوبات «قيصر»، والتي تشمل مناطق «الذاتية» وأخرى تحتلها تركيا في الشمال السوري باستثناء إدلب وعفرين. في المقابل، أشار أوغلو، قبل انطلاقه إلى واشنطن، إلى أن الملفّ السوري سيحتلّ حيّزاً رئيساً من مباحثاته هناك، مضيفاً أن ملفّ طائرات «F16» سيكون حاضراً أيضاً، علماً أن الولايات المتحدة استثمرت هذا الملفّ مرّات عدّة للضغط على تركيا، بعد إخراجها إيّاها من مشروع تطوير طائرات «F35» إثر شراء الأخيرة منظومة «S400» الدفاعية الروسية.
ولم تكتف أمريكا بالحراك السياسي والميداني بل ارفقته بحراك عسكري تمثل بإعادة نشْر القوّات الأميركية وتوسيع رقعة تمركزها، ومحاولة إحياء فصائل عربية عميلة لها في مناطق نفوذ عميلتها الأوفى «قسد»، كما أعلنت الخارجية الأميركية ضخّ 15 مليون دولار لدعم ما سمّته «مكافحة التضليل، وتوسيع بثّ وسائل الإعلام المستقلّة، وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان». ويتوافق ذلك مع التحرّكات الأميركية الأخيرة لخلق عملاء جدد تحت مسمى معارضة سورية بديلة لـ«الائتلاف» تنشط من نيويورك، تمهيداً لسحب البساط من تحت أنقرة، وإنهاء «الائتلاف» الذي تتحكّم به تركيا، علماً أن حملة كبيرة بدأت تَظهر بالفعل عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ضدّ هذا التشكيل.
وفي المقابل، وفي تصريحات يبدو أنها تهدف إلى الضغط على واشنطن، سرّبت أنقرة إلى وسائل إعلام تركية تصريحات لمسؤول تركي كبير لم تُسمّه، أعلن خلالها موافقة بلاده على الانسحاب من سورية جزئياً أو كلّياً وفق جدول زمني محدَّد، في ردّ مباشر على مطالب سورية. كذلك ذكر المسؤول التركي أن بلاده متّفقة مع الجانب السوري على عدم وجود أيّ خطوط حمراء لا تمكن مناقشتها، الأمر الذي يعني إصراراً تركياً على الانفتاح على سورية، خصوصاً بعد الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، لأنقرة قادماً من سورية، وإعلانه دعم بلاده هذا الانفتاح، واستعدادها للانضمام إليه وتحويله إلى لقاءات رباعية تضمّ روسيا وإيران وتركيا وسورية، وفق «مسار أستانا» الذي تحدّث عن إمكانية تعديله وتحديثه أيضاً. بدورها، أكدت روسيا مضيّها في تقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق، حيث أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، استمرار العمل لإجراء لقاء على مستوى وزيرَي خارجية سورية وتركيا، مرحّباً في الوقت ذاته بالمسار التركي للحلّ في سورية.
«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) الإرهابية لاقت السعي الأمريكي المحموم من خلال هجماتها التصعيدية لتسخين جبهات القتال، عن طريق إرسال «إنغماسيين» إلى محاور «خفض التصعيد» في إدلب. وأفادت مصادر ميدانية بأن هجوماً جديداً شنّه عدد من الإرهابيين على محور قرية معرة موخص في ريف إدلب الجنوبي، ردّ عليه الجيش العربي السوري بقصف مكثّف على مواقع الإرهابيين، الأمر الذي أدّى إلى مقتل عدد منهم، عُرف منهم «أبو عبيدة النعماني» و«أبو جهاد الحلبي»، وهما من فصيل «أنصار التوحيد».