تقرير إخباري إعداد احمد بدور
يقوم ائتلاف اسطنبول بعملية تسول مفضوحة ما بين أردوغان وواشنطن، بعدما قطع أردوغان التمويل عنه منذ أشهر ثم عاد ليموله، بعدما دخلت أمريكا على الخط عارضة خدماتها التمويلية والسياسية، في محاولة منها لفك قبضة أردوغان على هذا الائتلاف.
فقد كشفت مصادر سورية من الائتلاف، في حديث إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، عن أن تركيا أعادت جزءاً من تمويلها لـ«الائتلاف»، بعد انتهاء لقاءات وفد المعارضة مع عدد من مسؤولي الولايات المتحدة، التي كانت قد أعدّت جدولاً مسبقاً لنشاطات الأوّل في نيويورك، بينها اجتماع غير مسبوق ضمّ أعضاءه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مكتبه، حيث جرت مطالبة الأخير بإضفاء صفة «رسمية» على «الائتلاف» وهيئاته باعتباره ممثّلاً عن المعارضة السورية، وهو ما قوبل بإجابات واضحة من غوتيريش بتعذّر حدوثه.
وتُبيّن المصادر أن المبالغ المعلَنة التي تَدفعها أنقرة لـ«الائتلاف»، والتي تبلغ شهرياً 250 ألف دولار أميركي، أُعيد صرْفها له بالفعل، فضلاً عن تكاليف السفر والإقامات السابقة لممثّليه، والتي كانت واشنطن قد تكفّلت بها خلال جولة الأخيرين في نيويورك، مثيرةً بذلك حفيظة أنقرة – التي كانت تسعى إلى الضغط على «الائتلاف» عبر «تخفيض الإنفاق عليه» -، ودافِعةً إيّاها إلى إعادة صرف المرتّبات الشهرية لمنْع انزلاق المعارضة إلى المشروع الأميركي في سورية.
وكان التوقّف المؤقّت للتمويل التركي لـ«الائتلاف» خلال الشهرَين الماضيَين، قد أثار عاصفة من التساؤلات في أروقة التشكيلات التي يشغلها أردوغان، وخصوصاً أنه جاء بالتزامن مع حملة سياسية وإعلامية نظّمتها الولايات المتحدة لإعادة تسويق «الائتلاف» على هامش اجتماعات الجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك. كما أنه أتى في ظلّ محاولات توغُّل أميركي في الشمال السوري عبر البوّابة الاقتصادية، عن طريق إرسال مستثمرين إلى مناطق سيطرة ـ«الائتلاف» لبحْث الفرص الاستثمارية، وسبل الاستفادة من استثناءات العقوبات الأميركية (قيصر).
وقد تزامَن هذا الإجراء مع تصريحات لمسؤولين أتراك حول فتْح الأبواب المغلَقة مع سورية ، بحثاً عن سبل للتخلُّص من عبء اللاجئين السوريين، وإبعاد «خطر الأكراد» عن الحدود التركية، ولا سيما في ظلّ اقتراب الانتخابات الرئاسية التركية. فاستدعت كلّ تلك السياقات مخاوف متجدّدة من تخلّي تركيا عمن تشغلهم تحت تسمية المعارضة أو التضحية بهم، مثلما ضحّت بجماعات «الإخوان المسلمين» المصرية في أوقات سابقة، وخصوصاً وسط الضغوط الكبيرة التي مورست على الفصائل الإرهابية لمنعها من تنظيم احتجاجات على خلفيّة إعلان أنقرة نيّتها تطبيع العلاقات مع دمشق.
تحاول واشنطن إعادة تسويق مشروعها لتوحيد المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق
هذا وتُحاول واشنطن، منذ مدّة، إعادة تسويق مشروعها لتوحيد المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية من البوّابة الاقتصادية، عن طريق ربط معاقل «قسد» بمعاقل «الائتلاف». وتستهدف الولايات المتحدة، من خلال ذلك، تشكيل جسم وازن تابع لها يمكنها استثماره في المحافل الدولية لعرقلة «مسار أستانا» الذي ترعاه موسكو، بالتعاون مع أنقرة وطهران، والذي يمثّل في الوقت الحالي، بعد تجميد المسار الأممي (اللجنة الدستورية)، المسار الوحيد الفاعل في الملفّ السوري. واستنفرت هذه المساعي الأميركية، تركيا، التي سارعت إلى محاولة عرقلتها، عبْر تحريك جماعاتها لمنع انضواء الفصائل تحت لواء واحد، وضمان الإبقاء على الوضع الراهن. لكن الموجة الثانية من التدخّل الأميركي في المعارضة السورية بشقّها السياسي، تُنذر بأزمة داخلية في صفوف «الائتلاف»، في ظلّ ظهور أصوات تميل إلى الخروج عن سيطرة تركيا والانخراط في المشروع الأميركي، وهو ما قد يدفع أنقرة إلى إعادة هيكلة «الائتلاف» والهيئات المنبثقة عنه مرّة أخرى، وفق المصادر.
ومن خلال هذا الوضع يعمل الائتلاف على الميل الى الاتجاه الذي يؤمن له أكبر قدر من الأموال والمكاسب الشخصية، فيتأرجح بين العمالة للأتراك أو للأمريكيين.