أمريكا تعيد الطريق امام غزو أردوغان لشمال شرق سورية بالتنسيق مع قسد

تقرير إخباري                 إعداد أحمد بدور

كثفت الولايات المتحدة من نشاطاتها المريبة في المناطق التي تحتلها من سورية في محاولة منها لعقد صفقة بين عميليها المخلصين السلطان العثماني الجديد أردوغان وميليشا قسد التي تنفذ أوامر المحتل في مناطق الاحتلال الأمريكي تقضي بتسليم الشريط الحدودي مع تركيا لقوات الاحتلال التركي مقابل وعود بإنشاء مصالح مشتركة للطرفين.

 ويرى مراقبون محليون في تقارير نشرتها الصحف العربية أن هذه التحرّكات، التي تستند إلى فكرة إيجاد منطقة عازلة يمكن من خلالها استنبات مصالح مشتركة، لا تترافق مع أيّ إجراءات عملية على الأرض تدل على أي مصلحة لقسد، الأمر الذي يجعلها أقرب إلى رشوة «قسد» بمبالغ مالية واسترضائها ، ورفْع العتب في حال وقوع العدوان التركي. ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي السابق إلى سورية، جيمس جيفري، إلى عفرين، قبيل عملية «غصن الزيتون» التركية في 2018، حيث طمأن القيادات الكردية إلى مصير المنطقة، قبل أن يقع العدوان التركي في غضون أيام قليلة، وتَسقط في خلاله المدينة التابعة لمحافظة حلب في يد المحتل التركي دون مقاومة تذكر من ميليشيا قسد التي رفضت حينها تسليمها للجيش العربي السوري.

 وقد بدأت المساعي الأمريكية هذه التي هي أقرب الى تعبيد الطريق أمام قوات أردوغان في حال قررت احتلال مناطق جديدة، بدأت منذ عدة أيام حيث وصل عضو مجلس الشيوخ الأميركي، ليندسي غراهام، إلى تركيا، ومن بَعدها توجَّه إلى العراق ثم إلى الأراضي التي تحتلها أمريكا من سورية، حيث أعلن عما سماه «مبادرة للحوار بين أنقرة و«قسد»، بما يُحقّق مصالح الطرفَين، ويمنع حصول عملية عسكرية تركية جديدة في المنطقة». وزار غراهام مخيّم الهول الذي يضمّ عوائل من تنظيم «داعش»، وسجنَي غويران والثانوية الصناعية اللذَين يحويان أيضاً معتقلين من التنظيم. كما زار منطقتَي منبج وعين العرب، حيث التقى مسؤولين من «قسد» ومما تسمى «الإدارة الذاتية»، وطرح رؤيته عليهم لإنجاز المصالحة مع تركيا.

 وكان غراهام قد أوضح معالم هذه الرؤية، من خلال مقال نشره في صحيفة «فوكس نيوز» الأميركية، حيث رأى أن «المشكلة في شمال شرقيّ سورية تُقسَم إلى قسمَين: الأوّل مخاوف الأمن القومي المشروعة لتركيا حليفة الولايات المتحدة في الناتو، والثاني متعلّق بقسد التي شاركت في محاربة تنظيم داعش»، معتبراً أنه «من الضروري أن تعترف واشنطن بمخاوف أنقرة، وأن تُنشئ مناطق عازلة للعناصر التي تَعتبرها الأخيرة جماعات إرهابية، وأن تستمرّ في الوقت نفسه في دعم قسد بما يضمن عدم ظهور داعش مرّة أخرى». ويضيف أن «الحلّ الأكثر قابلية للتطبيق هو تطوير علاقة تجارية بين الحكومة التركية وسكّان شمال شرقيّ سورية»، مبيّناً أن «هناك حقول نفط في تلك المنطقة يمكّنها مع المزيد من الاستثمار، إنتاج كمّيات أكبر من النفط، وهو ما يعود بالفائدة على كلّ من سوق النفط العالمية واقتصاديات شمال شرقيّ سورية وتركيا».

 باختصار، يقترح غراهام منْح تركيا إغراءات اقتصادية تمكّنها من سرقة حقول النفط والغاز في الشمال الشرقي من سورية، مقابل عقْد مصالحة مع «قسد»، وإنشاء منطقة عازلة على الحدود، تُبدّد مخاوف أنقرة الأمنية، وهو طرح يحمل الكثير من التعقيدات التي عجزت واشنطن عن تفكيكها سابقاً. لكن مع ذلك، سارع رئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي»، صالح مسلم، في تصريحات إعلامية، إلى التأكيد «(أنّنا) مستعدّون للحوار مع جميع الأطراف بما فيها تركيا، بما يخدم حلّ الأزمة السورية».

 وبالتزامن مع زيارة السيناتور الأميركي إلى المنطقة، زار وفد من «التحالف الدولي»، ضمّ جنوداً أميركيين وفرنسيين وبريطانيين، مدينة منبج وجال في عدد من شوارعها، لأوّل مرة منذ انسحاب «التحالف» من قواعده في المدينة وريفها، قبل العدوان التركي الذي سمي عملية «نبع السلام» في عام 2019. وسرّبت عدد من وسائل الإعلام، بالتوازي مع ذلك، معلومات عن أن «الوفد طرح انسحاباً كاملاً لقسد من منبج، وتسليمها للجيش التركي، مقابل ضمانات من التحالف بعدم مهاجمة مناطق في شرق الفرات».

 والظاهر أن التحرّكات الأميركية تندرج في سياق السعي إلى استيعاب ضغوطات «قسد»، وتلويحها بتعليق العمليات الأمنية ضدّ خلايا «داعش»، وإمكانية نفْض يدها من مهمّة حراسة السجون والمخيّمات، في حال تنفيذ تركيا لتهديداتها، خصوصاً أن تلك التحرّكات لا تترافق مع أيّ إجراءات حقيقية على الأرض، بل ثمّة مؤشّرات إلى حصول أنقرة على ضوء أخضر أميركي لشنّ هجومها الجديد في الشمال السوري، بعد موافقتها على ضمّ السويد وفنلندا إلى حلف «الناتو».

 الأكاديمي الكردي، فريد سعدون، يرى في حديث إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن «الخطّة التي يطرحها غراهام لمنطقة عازلة لا يمكن تطبيقها، لكونها ستعني إخراج قسد من كامل الشريط الحدودي من عفرين وحتى المالكية، بما فيها مناطق النفط، وهو أمر من المستبعد أن تَقبل به قسد»، موضحاً أن «المنطقة العازلة تتمّ تطبيقها بين الدول، مع نشر قوات لمراقبتها»، متحدّثاً أيضاً عن «وجود تعقيدات عديدة تتعلّق بالجهة التي ستدير المنطقة العازلة المقترحة، والقوات التي ستؤمّن الحماية لسكّانها». وخلص سعدون إلى أن «مقترحات السيناتور الأميركي هي لمصلحة تركيا فقط، وغير قابلة للتحقُّق، خاصة أنها لا تأخذ وجود الروس والجيش السوري في المنطقة في الحسبان»، مُتوقِّعاً أن «ترفض قسد الخطّة لكونها ستخسر بذلك أكثر مناطق سيطرتها حيوية، مع الاحتفاظ بنفوذ عسكري في بعض المناطق في دير الزور والحسكة فقط».

Related posts

بابا الفاتيكان يندد بمقتل أطفال غزة في قصف إسرائيلي

المقاومة اللبنانية تستهدف بصواريخ الكاتيوشا قاعدة بيريا للعدو الصهيوني

بوريل يتفقد معبر رفح الحدودي بعد اجتماعه بالرئيس المصري السيسي