تستميت الولايات المتحدة وعميلتها قسد في محاربة الخطوات الحكومية لتسوية أوضاع أبناء المنطقة الشرقية، وخاصة في محافظة الرقة، وقد قامتا باجراءات وانشطة واسعة لإفشال المساعي الحكومية هذه، لكن التسوية ورغم العرقلات الكبيرة من الاحتلال الأمريكي وعميلته قسد، لقيت إقبالا واسعا.
وتفيد تقارير صحفية عربية من المنطقة أن الولايات المتحدة، ومعها «قسد»، تُجاهران بمحاربة الخطوات التي تتّخذها الدولة السورية بهدف توسيع حاضنتها الشعبية في محافظات الشرق السوري، وتمكين سكّان تلك المحافظات من استعادة حياتهم الطبيعية تحت كنف الدولة وأجهزتها ومؤسّساتها، من خلال منْحهم ورقة «كفِّ بحث» بعد إنجاز التسوية، مع استثناء المسلّحين المتورّطين في أعمال إرهابية. فخلال الفترة الأخيرة، كثّفت القوات الأميركية تحرّكاتها باتّجاه العشائر العربية، وعقدت عدّة لقاءات مع وجهائها، في سياق تعميق علاقتها معهم، ومحاولة منْعهم من التوجّه نحو المصالحات. كما أصدرت «قسد»، بدورها، بياناً واضحاً يرفض إجراءات الحكومة، ويدعو الأهالي إلى عدم التعامل معها ، توازياً مع اتّخاذ خطوات غير معلنة لعرقلة التسوية.
وما إن أعلنت الحكومة استعدادها لإطلاق تسوية شاملة لأهالي الرقة، بعد النجاح الذي حقّقته في دير الزور، حتى استدعت واشنطن بعض الشخصيات العشائرية إلى قاعدتها في «منتجع لايف ستون» غرب الحسكة، حيث عُقد اجتماع مع ممثّلة الخارجية الأميركية في سورية إيمي كوترونا، والسفير الأميركي ماثيو هاورن، جرت خلاله مناقشة كيفية منْع الأهالي من الانخراط في التسوية الحكومية. وبالفعل، وقبل يوم واحد من إطلاق العملية في الرقّة، أصدر عدد من الشخصيات العشائرية المحسوبين على «قسد» بياناً أكدوا فيه «رفض أبناء الرقّة الدعوات للتوجّه إلى المراكز الحكومية»، معتبرين «التسوية خطراً يهدّد استقرار المدينة وريفها». وأعقب ذلك، إصدارُ ما تسمى «الإدارة الذاتية» الكردية بياناً ادعت فيه أإن «الحكومة تسعى لشرعنة وجودها في المناطق التي لم تستطع العودة إليها، بعد أن فشلت مساعي العودة عبر طرق شتَّى، تارةً عبر افتعال النعرات بين مكوّنات المنطقة، وتارةً أخرى عبر استهداف استقرار مناطقنا من خلال الخلايا المجنّدة». واعتبرت أن «هذه التسويات هدفها النيْل من استقرار المنطقة، وتحقيق مآرب إعلامية»، مُهيبةً بالأهالي «عدم الوقوع بهذه المصيدة» حسب تعبيرها.
مع ذلك، وعلى رغم التجييش الكبير ضدّ التسويات، إلّا أن عدد الذين تمّت تسوية أوضاعهم في اليوم الأوّل، في مركز السبخة في ريف الرقّة الشرقي، تجاوَز أكثر من 400 شخص، وصلوا جميعهم من مناطق سيطرة «قسد»، لينخفض العدد إلى نحو 300 في اليوم الثاني، في ظلّ عرقلة قسد وصول الكثيرين إلى مراكز التسوية الحكومية.
وقد أكد عبد الرزاق الخليفة، محافظ الرقّة، في تصريح إلى صحيفة «الأخبار» اللبنانية، أن «العديد من الأهالي الراغبين بإجراء التسوية لم يتمكّنوا من الوصول إلى المراكز، بسبب التدقيق والمنْع على حواجز ميليشيات قسد»، مستدركاً بأن «التسوية تمضي بشكل جيّد… والتعويل هو على الوعي لدى وجهاء وشيوخ العشائر الفاعلين والمؤثّرين، لاتّخاذ خطوات تُمكّن كلّ الراغبين بإجراء التسوية من الحصول على هذا الحق». ويكشف أن «لجنة التسوية تدرس إمكانية افتتاح مركز جديد في بلدة دبسي عفنان في الريف الغربي لمحافظة الرقة»، لافتاً إلى أنه «تمّ اتّخاذ خطوات لضمان سهولة وصول الأهالي إلى المراكز، مع تأمين آليات لنقلهم من المعابر باتجاه مركز التسوية».
واعتبرت مصادر مطّلعة على مسار التسوية في الرقة، في حديث إلى «الأخبار»، أن «التحاق عدد من عناصر وقيادات ميليشيات قسد والإدارة الذاتية بالتسوية في دير الزور، أربَك الأميركيين وقسد، وكشف عن حجم الحاضنة الشعبية الكبيرة للدولة في تلك المناطق، وهو ما يفسّر محاربتهم لها». وترى المصادر أن نجاح التسوية في مناطق شرق الفرات «يعرّي بيانات قسد وإعلامها، الذي يروّج زوراً لعدم قبول السكان بعودة الدولة». وتستشهد بأنه «في وقت تمّت تسوية وضع أكثر من 20 ألف شخص في دير الزور، عمدت الميليشيات إلى إخراج عدد محدود من أنصارها لاعتراض دورية روسية في منطقة المعامل في دير الزور، لادّعاء وجود رفض شعبي لوصول الحكومة والروس إلى هذه المناطق».