المشيشي يقبل بقرار الرئيس سعيد والغنوشي يرفضه وواشنطن تدعي القلق على حرية الصحافة

 أعلن رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي أنه مستعد لمغادرة منصبه و«الاصطفاف بجانب مطالب الشعب»، وتسليم السلطة لمن يختاره الرئيس قيس سعيّد، فيما وصف راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حزب النهضة ألإخواني قرار سعيد بالانقلاب في حين أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أنها «تراقب عن كثب التطورات في تونس»، مؤكدة على أن الولايات المتحدة «على اتصال مع المسؤولين في الحكومة التونسية»، للتأكيد على أن حلول المشاكل السياسية والاقتصادية في تونس يجب أن تستند إلى الدستور التونسي ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية.

الرئيس سعيد الذي قرر تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة قدّم خلال لقاء برؤساء عدد من القوى والمنظمات التونسية، الاثنين، رسائل طمأنة «بعدم الانزلاق إلى مربع الديكتاتورية»، واحترام الحقوق والحريات الفردية والعامة، والإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة في غضون أيام.

 فقد اجتمع سعيد، الاثنين، بعميد الهيئة الوطنية للمحامين، ورؤساء الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، والاتحاد الوطني للمرأة التونسية، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.

 وقال البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية التونسية إن «رؤساء المنظمات عبّروا لرئيس الجمهورية، خلال هذا الاجتماع، عن موقفهم المبدئي بضرورة احترام الحقوق والحريات واحترام آجال تطبيق الإجراءات الاستثنائية وتطبيق الدستور وإيجاد الحلول للخروج من الأزمة السياسية الراهنة».

 وفي السياق ذاته، أعلنت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في بيان الاثنين، مساندتها المطلقة للمطالب المشروعة التي رفعها التونسيون خلال تحركاتهم الاحتجاجية في مختلف الولايات يوم عيد الجمهورية، على خلفية تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية، الناتجة عن الأزمة السياسية.

 كما دعت النقابة رئيس الدولة إلى «التدخل العاجل والفوري» لضمان حرية العمل الصحافي، والتصدي لكل الإجراءات غير القانونية، وفقاً لما ينص عليه الدستور.

 وعلى جانب آخر، عبّرت أحزاب العمال والقطب الديمقراطي الحداثي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل، والحريات والإرادة الشعبية، الاثنين، عن رفضها لقرارات رئيس الجمهورية التي أعلنها، مساء الأحد، والمتمثلة بالخصوص في تجميد أعمال البرلمان وتوليه للسلطة التنفيذية، واعتبرتها «خرقاً واضحاً للقانون والدستور».

 واعتبر حزب العمال، في بيان له، الاثنين، أن «ما أقدم عليه رئيس الدولة كان متوقعاً، وخرقاً واضحاً للدستور ولأحكام الفصل 80 الذي اعتمده، من الناحية القانونية، وإجراءات استثنائية معادية للديمقراطية، من الناحية السياسية، تجسّم مسعى رئيس الجمهورية منذ مدة إلى احتكار كل السلطات التنفيذية».

 كما وجّهت منظمة «أنا يقظ» التونسية، اليوم الاثنين، رسالة إلى رئيس الجمهوريّة، قيس سعيّد، دعته فيها إلى «إصدار خارطة طريق بآجال واضحة، مع التنصيص على إجراءات للرقابة على السلطة وعدم الانفراد بها، وتكون بصفة تشاركية وتحترم مبادئ الديمقراطية».
 وأعربت الجمعية التونسية للقانون الدستوري، في بيان لها ، عن تخوفها من «مخاطر تركيز جميع السلطات لدى رئيس الجمهورية»، بعد إعلانه ، تجميد جميع اختصاصات البرلمان وترؤس النيابة العمومية وتوليه السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يقوم بتعيين رئيسها.

 وقالت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية إنها تعارض قرارات سعيّد «غير الدستورية والانقلابية»، متهمة إياه «برفض الحوار مراراً وتكراراً».

 كما أكدت الجامعة رفضها «تجميد أي جهة منتخبة وافتكاك اختصاصاتها»، وطالبت بإقالة «حكومة الفشل الكارثية»، لكن في إطار الشرعية القانونية والاحترام الفعلي للدستور.

 خارجيا قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: «نحن قلقون إزاء التطورات في تونس»؛ كما أعلنت أن «التواصل قائم على أعلى مستوى» وإن واشنطن «تدعو إلى الهدوء وتدعم الجهود التونسية للمضي قدماً بما يتوافق مع المبادئ الديمقراطية».

 وتماهى الاتحاد الأوروبي مع بيانات الولايات المتحدة، إذ قال متحدّث باسم الاتحاد في بيان، الاثنين، «ندعو كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون»، وتابع «ندعوهم كذلك إلى التحلي بالهدوء وتجنّب أي لجوء للعنف حفاظا على استقرار البلاد».

 وأعلنت الدبلوماسية الفرنسية أن باريس تأمل «بعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي» في تونس «في أقرب وقت»؛ كما دعت وزارة الخارجية الفرنسية «جميع القوى السياسية في البلاد إلى تجنب أي شكل من إشكال العنف والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية للبلاد».

 ومن جانبها قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر، للصحافيين إن بلادها تأمل في عودة تونس «في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري». واعتبرت أن «جذور الديمقراطية ترسّخت في تونس منذ 2011» في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. وأوضحت أن بلادها «قلقة للغاية» مما جرى، لكن «لا نودّ الحديث عن انقلاب»، مضيفة «سنحاول بالتأكيد نقاش (الوضع) مع السفير التونسي» في برلين، كما أنّ «سفيرنا في تونس جاهز للانخراط في مباحثات».
 في هذا الصدد قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، في تصريح مقتضب إن بلاده «تراقب التطورات في تونس». وقال في مؤتمره الصحافي اليومي عبر الهاتف «نأمل ألا يهدّد شيء استقرار وأمن شعب ذلك البلد».

 وأعلنت جامعة الدول العربية دعمها للشعب التونسي، وأعرب الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، خلال اتّصال مع وزير الخارجية التونسي عن دعم المنظّمة «الكامل للشعب التونسي». وجاء في بيان أن الجامعة تعرب عن «تمنياتها لتونس بسرعة اجتياز المرحلة المضطربة الحالية، واستعادة الاستقرار والهدوء». كما شدّد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال مع نظيره التونسي على «حرص المملكة على أمن واستقرار وازدهار الجمهورية التونسية الشقيقة».

 وبالتوازي، دعت وزارة الخارجية القطرية أطراف الأزمة التونسية إلى «تغليب صوت الحكمة وتجنّب التصعيد»، وأعربت في بيان عن «أمل» قطر في أن «تنتهج الأطراف التونسية طريق الحوار لتجاوز الأزمة».

 كما أبدت وزارة الخارجية التركية «قلقها للغاية» إزاء التطورات الأخيرة في تونس، ودعت إلى إعادة إرساء «الشرعية الديمقراطية». وقالت في بيان إن «الحفاظ على إنجازات تونس الديمقراطية، التي تُعدّ قصة نجاح من حيث العملية الديمقراطية التي تتمّ وفق تطلعات شعوب المنطقة، له أهمية كبيرة للمنطقة وكذلك لتونس».

 وغرّد إبراهيم قالن المتحدث باسم أردوغان: «نرفض تعليق العملية الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس الصديقة والشقيقة». مضيفاً «ندين المبادرات التي تفتقد إلى الشرعية الدستورية والدعم الشعبي. نعتقد أن الديمقراطية التونسية ستخرج أقوى من هذه العملية».

 

Related posts

الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت وقيادي بحماس وردود أفعال واسعة عليها

الجبهة الطلابية الأمريكية مستمرّة في مظاهرات استنكار مجازر غزة

استشهاد 66 فلسطينياً وإصابة مائة آخرين بجراح في مجزرة جديدة للاحتلال الصهيوني في جباليا