السعودية والإمارات تتجسسان على مسؤولين وصحفيين لبنانيين بجهاز تجسس إسرائيلي

 أكد تحقيق نشرته وسائل إعلام عالمية مرموقة منها كل من صحف «واشنطن بوست» الأمريكية و«غارديان» البريطانية و«لوموند» الفرنسية وموقع «درج» اللبناني الإلكتروني أن السعودية والإمارات استخدمتا برنامج «بيغاسوس» للهواتف الخلوية وهو برنامج طوّرته شركة «NSO» الإسرائيلية التي تعمل تحت سلطة وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي تمنعها من توقيع أي عقد عمل من دون موافقتها المسبقة، لأن لبرامجها طابعاً أمنياً، استخدمتاه للتجسس على الهواتف الخلوية لمسؤولين وصحفيين ورجال أعمال من عدة جنسيات منهم لبنانيون.

 وكشف موقع «درج» الذي شارك فريق من إعلامييه مع 80 صحافياً يمثلون 17 مؤسسة إعلامية من حول العالم، لإنتاج سلسلة التحقيقات، أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وحدهما من السياسيين اللبنانيين (صف أول) لم يظهرا في التسريبات التي زودت «forbidden stories» وسائل الإعلام الدولية بها، باستثناء محاولة واحدة على هاتف منزل بري في المصيلح». أما من تبقى «فكلهم كانوا خاضعين للتنصت بحسب هذه التسريبات ومن بينهم تنصت نُسب لرئيس الجمهورية ميشال عون، من دون التأكد من صحته».

 ولفت الموقع إلى أنه «جرت محاولات للتنصت على نحو 300 رقم هاتف في لبنان، شملت صحافيين وناشطين ورجال أعمال بعضهم على صلة باستثمارات في دول الخليج»، مشيراً إلى أن «محاولة التنصت على سياسيين ونشطاء وصحافيين وأمنيين، تكشف حجم الانشغال الخليجي، وتحديداً الإماراتي بلبنان»، وهي «تبلغ ذروتها في حالة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فقد كان هاتفه عرضة لمحاولة خرق إماراتية أولاً ثم سعودية».

عام 2018 هو عام التنصت على الحريري ومساعديه والوزير نهاد المشنوق

 وأضاف إن «السنوات التي يشملها جدول التنصت تؤشر إلى أن العملية كانت تجرى على وقع اضطراب علاقة الحريري بالسلطات السعودية، ومن ضمنها المرحلة التي تم احتجازه فيها بالرياض في تشرين الأول2017، وأجبر خلالها على تقديم استقالته من هناك».

 وبحسب الموقع فإن «الوقت الذي خضع فيه الحريري لمحاولة التنصت هو نفسه الوقت الذي خضع فيه هاتف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أيضاً لمحاولة تنصت». كذلك الأمر مع رئيس حزب القوات سمير جعجع. كما كشفت التسريبات تعرض هاتف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتنصت الإماراتي «في الفترة التي باشرت فيها المصارف اللبنانية تنفيذ capital control غير قانوني على ودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين».
 والنشاط التنصتي كما يكشف الموقع «لم يشمل الحريري عام 2017، بل اقتصر في ذلك العام على هواتف نواب من حزب الله مثل علي فياض وحسن فضل الله ومسؤول وحدة الارتباط الحاج وفيق صفا، عبر محطات NSO (المستخدمة من قبل) الإمارات العربية المتحدة وليس السعودية». فيما كان «عام 2018 هو عام محاولة التنصت على الحريري ومساعديه مثل مدير مكتبه في حينها نادر الحريري، ووزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق».

 كما شملت عمليات التنصت سياسيي الفئة الثانية، ومن بينهم وزراء ونواب وأحياناً رجال أعمال، وصحافيون وأصحاب مؤسسات إعلامية ونشطاء في الشأن العام، مثل وزير الدفاع السابق الياس أبو صعب، وسلفه يعقوب الصراف أيضاً، ووزير المال السابق علي حسن خليل ونائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني، ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

 ويقول الموقع إنه «باستثناء صحافيين مقربين من حزب الله مثل رئيس تحرير جريدة الأخبار إبراهيم الأمين ومدير تلفزيون الميادين غسان بن جدو، ظهرت أرقام لصحافيين مثل الكاتب والصحافي يوسف بزي، وصاحب تلفزيون (الجديد) تحسين خياط، ومديرة مؤسسة سمير قصير جيزيل خوري (حين كانت تعمل في بي بي سي)، و مراسل (نيويورك تايمز) في بيروت بن هابرد».

 أما صحيفة «لوموند» الفرنسية المشاركة في التحقيقات، فقد أشارت إلى أنّ «السعودية والإمارات طلبتا التجسس على إعلاميَين لبنانيين هما إبراهيم الأمين وغسان بن جدو».

 وأشارت«واشنطن بوست» الأمريكية إلى أن أرقاماً واردة في القائمة التي تم اختراق هواتفها بواسطة البرنامج الإسرائيلي، تعود إلى رؤساء دول ورؤساء حكومات وإلى أفراد عائلات ملكية عربية ودبلوماسيين وسياسيين ونشطاء ومديري شركات.

 وأوردت صحيفة «غارديان» أن التحقيق أشار إلى «استغلال واسع النطاق ومستمر»، لبرنامج «بيغاسوس» وأن غالبية الأرقام التي تضمها القائمة يقيم أصحابها في عشرة بلدان هي السعودية والإمارات والبحرين وأذربيجان والمجر والهند وكازاخستان والمكسيك والمغرب ورواندا.

 والجدير بالذكر أن القوائم الخاصة بأرقام الهواتف الخاضعة للتنصت لا يعلم بالضبط جميع أصحابها، خصوصاً أن بينها أرقاماً كان من الصعب الحصول على معلومات موثقة تدل على هوية مستخدميها. علماً أن الأجهزة الأمنية العالمية يمكنها القيام بهذه المهمة من خلال برامج تعقب تتيح الوصول ليس إلى هوية مسجل صاحب الهاتف بل إلى مستخدمه أيضاً.

 وكانت قناة «الجزيرة» قد نشرت قبل مدة تحقيقاً للصحافي الفلسطيني تامر المسحال حول عمل البرنامج التجسسي نفسه، وذلك على خلفية معلومات كشفتها تركيا عن تورط المؤسسة الإسرائيلية في توفير خدمات تقنية لكل من الإمارات والسعودية لملاحقة معارضين من بلديهما، إضافة إلى ملاحقة ناشطين من الإخوان المسلمين. وأظهرت التحقيقات صلة لهذا البرنامج في تعقب خاشقجي الذي قتله رجال محمد بن سلمان في القنصلية السعودية في إسطنبول. وتبين لاحقاً أن البرنامج نفسه استخدم لمتابعة مقربين من خاشقجي وعائلته وأصدقاء له بينهم إعلاميون.

 كما كشفت التقارير عن متابعة لصيقة لمديرين وعاملين في قناة الجزيرة القطرية. ولإعلاميين يعتقد أن لهم صلة بحركة حماس.

 وتجدر الإشارة هنا إلى أن صحيفة «الأخبار» اللبنانية سبق أن قالت إنها تعرضت لهجمات إلكترونية مكثفة من قبل قراصنة محترفين، تبين أن السعودية والإمارات تقفان خلفها، كما سبق لجهات ممولة من قطر القيام بالأمر نفسه لتعطيل موقع الصحيفة. وقد تبين أن شخصيات مقيمة في قطر على علاقة بهذه العملية. علماً أن مسؤولين في جهاز الاستخبارات في دولة الإمارات العربية المتحدة طلبوا علناً من قراصنة العمل على ضرب موقع «الأخبار»، بينما طلب سفير الإمارات السابق في بيروت حمد الشامسي من الحكومة اللبنانية علناً منع الصحيفة من انتقاد قيادة بلاده أو الإشارة إلى جرائمها في اليمن ودول أخرى، وحاول ممارسة نوع آخر من الضغوط بواسطة جهات لبنانية بعضها رسمي. والأمر نفسه فعلته السعودية.

 ورغم انتشار هذه المعلومات عالميا وبواسطة وسائل إعلام عالمية مرموقة لم تصدر أي بيانات أو تعليقات من قبل أي جهات رسمية لبنانية بما فيها نقابتا الصحافة والمحررين، أو حتى مؤسسة الدفاع عن الحريات الإعلامية في لبنان، بما في ذلك مؤسسة سمير قصير التي تبين أن مديرتها جيزيل خوري كانت عرضة للتنصت لأسباب تتعلق بانتقادها عملية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، علماً أنها فعلت ذلك في جلسة غير علنية. ولكن إعلاميين عاملين في مؤسسات سعودية نقلوا موقفها إلى الرياض.

Related posts

ولي العهد السعودي: لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بدون قيام دولة فلسطينية

مجلس الأمن يجتمع بعد غد “الجمعة” لمناقشة انفجارات لبنان وغوتيريش يحذر من خطورة الوضع

صاروخ يمني يسقط في وسط فلسطين المحتلة والحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن الهجوم ونتنياهو